الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«الصَّلاةُ الخمسُ، والجُمعةُ إلى الجُمعةِ، كفَّارةٌ لما بينهنَّ، ما لم تُغْشَ الكبائِرُ».


رواه مسلم برقم: (233)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وله ألفاظ أُخر.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«كفَّارة»:
الكفَّارة: -بتشديد الفاء-: ما يُكَفَّرُ -أي: يغطى- به الإثم.معجم لغة الفقهاء (ص: 382).

«ما لم تُغْشَ»:
أي: تُبَاشَر، ويُلَمُّ بها قصدًا. مطالع الأنوار، لابن قرقول (5/ 167).
والغَشَيَان: الإتيان، يقال: فلان يَغْشَى الأُمراءِ(أي: يأتيهم). البارع في اللغة، للقالي (ص: 389).

«الكبائِرُ»:
هي ما عَظُمَ من الذنوب، واحِدَتُها كبيرة، قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} النساء: 31. تفسير غريب ما في الصحيحين، للحميدي (ص: 207).


شرح الحديث


قوله: «الصَّلاةُ الخمسُ»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«الصلاةُ الخمسُ» بإفراد الصلاة؛ لأنَّ المراد منها الجنس، وفي بعض النُّسخ: «الصلواتُ الخمسُ» بلفظ الجمع. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 209)
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
قوله: «الصلواتُ الخمس» أي: بعضها إلى بعض، ففي رواية لأحمد: «الصلاة إلى الصلاة التي قبلها كفارة». مرعاة المفاتيح (2/ 269).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
الظاهر بملاحظة قرينه (أي الحديث) أنْ يكون المعنى: الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس، فيكون التكفير لما وقع بين اليومين، ويحتمل أنْ يكون المعنى: من صلاة إلى صلاة، فيكون التكفير لما وقع في كل صلاتين، والثاني هو المراد؛ للأحاديث المصرِّحة بذلك. لمعات التنقيح (2/ 312).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
وإنَّما ذهبْنَا إلى أنَّ الصلاة إلى الصلاة مُكفِّرة ما بينهما، دون خمس صلوات إلى خمس صلوات؛ لما يَرِدُ بعده من الحديث الآتي («لو أنَّ نهرًا»). الكاشف عن حقائق السنن (3/ 864).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
كل صلاة تُكفِّر ذنوب ما بينها وبين الصلاة الأخرى خاصة، وقد ورد مصرحًا بذلك في أحاديث كثيرة، وحينئذٍ فمَن ترك صلاةً إلى وقت صلاة أخرى لغير عذر وجمع بينهما، فلا يتحقق أنَّ هاتين الصلاتين المجموعتين في وقت واحد لغير عذر يُكفِّران ما مضى من الذنوب في الوقتين معًا، وإنَّما يكون ذلك إنْ كان الجمع لعذر يبيح الجمع. فتح الباري (4/ 224).

قوله: «والجمعة إلى الجمعةِ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
الجمعة: بضم الجيم مخففة، أشهر من فتحها وسكونها وكسرها وشدها، وتاؤه ليست للتأنيث؛ لأن اليوم مذكر، بل للمبالغة، كما في علَّامة. فيض القدير (3/ 358).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «والجمعة إلى الجمعة» المضاف محذوف، أي: صلاة الجمعة، و«إلى» متعلِّق بالمصدر، أي: صلاة الجمعة منتهية إلى الجمعة. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 864).
وقال محمد الأُبي -رحمه الله-:
ما بين الجُمعتين مُكفَّر بهما، والصلوات الخمس زائدة، أو العكس، على ما تقدَّم في حديث: «وكانت صلاته نافلة له»، فإنْ قلتَ: يخرج عن ذلك ما بعد الجمعة إلى العصر، فالجواب: أنَّ المراد بالتي تليها ما بعد حسبما تقدَّم، لا ما قبل. إكمال إكمال المعلم (2/17).

قوله: «كفَّارةٌ لما بينهنَّ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«كفارة لما بينهما» من الذنوب الصغائر. فيض القدير (3/ 358).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي رحمه الله-:
وقوله: «كفارة» خبر عن الكل، أَفْرَدَه باعتبار كل واحد منها، وفي رواية ابن سيرين التالية: «كفارات» بالجمع، وهو واضح، والتكفير: معناه التغطية، والمراد به هنا المحو، وقوله: «لما بينهن» متعلِّق بـ«كفارة»، ودخلت فيه اللام وإنْ كان فعله متعديًا؛ تقوية له؛ لكونه فرعًا في العمل، كما في قوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ} هود: 107. البحر المحيط الثجاج (6/ 167).
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «كفارة لما بينهما» «ما» اسم موصول يُفيد العموم، فظاهره يشمل الصغائر والكبائر، ولكن...جمهور أهل العلم يرون أن مثل هذه الأحاديث المطلقة مقيدة باجتناب الكبائر..فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/321-322).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
لما كانت الصلوات الخمس كالأعلام بين الأوقات، والجمعة كالعَلَم في الأسبوع، ورمضان في السَّنة، أثَّر كل وقت من هذه الأوقات المكرمة فنَسَخَ الظُّلْمة التي تُوجَد فيما يليه من الأوقات من تأثير الذنوب.
فأما الكبائر فإنها تفتقر إلى قصد من الإنسان لمحوها، فهي كعين النجاسة التي تفتقر إلى الحَتِّ، وصغائر الذنوب كالشيء الذي يزول من غير احتياج إلى حَتٍّ. الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 142).

قوله: «ما لم تُغْشَ الكبائِرُ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«ما» مصدرية ظرفية، «لم تُغْشَ» بالبناء المجهول أي: تُؤتَ «الكبائر» أي: وذلك مدة عدم إتيان الكبائر، والمراد منه: أنَّ الكبائر لا تُكفَّر بأعمال البِر؛ لأن إتيانها مانع من تكفير الطاعات للصغائر المتعلقة بالله، هذا ما عليه الجمهور. دليل الفالحين (6/ 533).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «ما لم تُغْشَ» بالغين والشين المعجمات، أي: يرتكب الكبائر. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 293-294).
وقال صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله-:
قوله: «ما لم تُغْشَ الكبائر» أي: ما لم تُفعل وتُرتكب الكبائر، أي: فإذا ارتُكبت الكبائر فإنَّها لا تُغفَر بما ذُكِر، بل لا بد لها من توبة، أو تُغفَر برحمة الله وفضله. منة المنعم في شرح صحيح مسلم (1/ 191).
«الكبائِرُ»:
قال الحميدي-رحمه الله-:
هي ما عَظُمَ من الذنوب، واحِدَتُها كبيرة، قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} النساء: 31، بيَّن بهذا أنَّ الكبائر أعظم من السيئات؛ إذ قد وَعَدَ اللهُ تعالى بغفران السيئات إذا اجتُنبت الكبائر، وهي الموبقات، والموبقات: المهلكات، يقال: وَبِقَ يَوْبَقُ: إذا هلك. تفسير غريب ما في الصحيحين(ص: 207).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«الكبائر» جمع كبيرة؛ وهي ما شُرعت فيه الحدود كالزنا والسرقة، أو ما ورد فيه وعيد شديد؛ كالغِيبة والكذب والرياء والسمعة؛ والمراد: تكون كفارة لما بينهما من الصغائر؛ لأن الكبائر لا تُكَفَّر إلا بالتوبة، أو بمحض فضل الله تعالى. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (7/ 52).
وقال النووي -رحمه الله-:
في معنى هذه الأحاديث تأويلان:
أحدهما: يُكفِّر الصغائر بشرط أنْ لا يكون هناك كبائر، فإن كانت كبائر لم يُكَفِّر شيئًا لا الكبائر ولا الصغائر.
والثاني -وهو الأصح المختار-: أنه يُكفِّر كل الذنوب الصغائر، وتقديره: يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر. المجموع، شرح المهذب (6/ 382).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
وفيه: دلالة على أنَّ الكبائر إنما تُغفر بالتوبة إذا ارتُكِبَت، ومصداق هذا الحديث قوله تعالى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} النساء: 31. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 209-210).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
قوله: «ما لم تُغْشَ الكبائر» أي: فإنَّها إذا غُشِيت لا تُكفَّر، فغشيانها مانع من التكفير لها؛ وذلك جار على قاعدة: إنَّه إذا اجتمع المانع والمقتضي قُدِّم المانع. وليس المراد: أنَّ تكفير الصغائر بالمذكورات متوقفٌ على اجتناب الكبائر؛ إذ اجتنابها بمجرده يكفَّر به الصغائر، كما نطق به القرآن في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} النساء: 31، أي: صغائركم، ولا يلزم من ذلك أنْ لا يكفِّرها إلا اجتناب الكبائر، فإنْ لم يكن للمرء صغائر كُفِّر عنه بمقدار ذلك من الكبائر، فإنْ لم يكن له كبائر أُعطي من الثواب بمقدار ذلك، وهو جارٍ في جميع ما ورد في نظائر ذلك.
فإن قلتَ: لزِمَ مِن جَعْلِ الصغائر مُكفَّرة بالمذكورات عند اجتناب الكبائر اجتماع سببين على مسبَّبٍ واحد، وهو ممتنع، قلتُ: لا مانع من ذلك في الأسباب المفرَّقة؛ لأنَّها علامات لا مؤثرات، كما في اجتماع أسباب الحدث، وما هنا كذلك. منحة الباري بشرح صحيح البخاري (2/ 597-598).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
ثم ظاهر الحديث يفيد أنَّ التكفير مشروط باجتناب الكبائر، فإنْ لم يجتنبها لم تُكَفَّر الصغائر، ومثله قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} الآية، النساء: 31، وهذا إنَّما يلزم عند من يقول بمفهوم المخالفة، وأما مَن لم يقل بمفهوم المخالفة فأمر تكفير الصغائر وقت ارتكاب الكبائر مسكوت عنه عنده، وقد عُلم من الأدلة الأخرى أنَّه تُغفر الصغائر بالطاعات، وإنْ لم تُجتنب الكبائر، وقيل في توجيه الآية: إنَّ محو الصغائر لمن اجتنب الكبائر وعْدٌ مقطوع به، ومحوها لمن تعاطى الكبائر ليس كذلك، بل في مشيئة الله تعالى وإرادته. البحر المحيط الثجاج (6/ 167).
وقال ابن سيد الناس -رحمه الله-:
وقد اختلفت ألفاظ الحديث، ففي بعضها: «ما اجتُنبت الكبائر»، وفي بعضها: «ما اجتُنبت المقتلة»، وفي بعضها: «ما لم تُغَشَ الكبائر»، والمراد منها: أنَّ بهذه الطاعات تُكفَّر الصغائر دون الكبائر، لا أنَّ الصغائر لا تُكفَّر إلا بشرط اجتناب الكبائر، وإنْ كان السابق إلى الذهن معنى الشرطية فيه، وأنَّ المعنى الآخر لا يأباهُ اللفظ، وعليه المعنى، وإلا لامتنع التكفير بالصلوات والجمعة ورمضان غالبًا؛ إذ التنزه عن كل كبيرة عزيز جدًّا. النفح الشذي شرح جامع الترمذي (4/ 156).
وقال النووي -رحمه الله-:
معناه: أنَّ الذنوب كلها تُغفر إلا الكبائر، فإنها لا تُغفر، وليس المراد أنَّ الذنوب تُغفر ما لم تكن كبيرة، فإنْ كانت لا يُغفر شيء من الصغائر فإنَّ هذا وإنْ كان محتملًا فسياق الأحاديث يأباه. شرح مسلم (3/ 112).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وقال بعض المنتمين إلى العلم من أهل عصرنا: إنَّ الكبائر والصغائر يُكفِّرها الصلاة والطهارة، واحتجَّ بظاهر حديث الصنابحي هذا (فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من أذنيه...) وبمثله من الآثار، وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فما ترون ذلك يبقى من ذنوبه؟» وما أشبه ذلك، وهذا جهل بيِّن، وموافقة للمُرجِئَة فيما ذهبوا إليه من ذلك، وكيف يجوز لذي لُبٍّ أنْ يحمل هذه الآثار على عمومها، وهو يسمع قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} التحريم: 8، وقوله -تبارك وتعالى-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور: 31، في آي كثيرة من كتابه؟! ولو كانت الطهارة والصلاة وأعمال البر مُكفِّرة للكبائر، والمتطهِّر المصلي غير ذاكر لذنبه الموبِق، ولا قاصد إليه، ولا حَضَرَهُ في حِيْنِه ذلك أنه نادم عليه، ولا خطرت خطيئته المحيطة به بباله لما كان لأمر الله -عز وجل- بالتوبة معنى، ولكان كلُّ مَن توضأ وصلى يشهد له بالجنة بأثر سلامه من الصلاة، وإن ارتكب قبلها ما شاء من الموبقات الكبائر، وهذا لا يقوله أحد ممن له فهم صحيح، وقد أجمع المسلمون أنَّ التوبة على المذنب فرض، والفروض لا يصح أداء شيء منها إلا بقصد ونية واعتقاد أن لا عودة، فأما أنْ يصلي وهو غير ذاكر لما ارْتَكَب من الكبائر، ولا نادم على ذلك، فمحال، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الندم توبة»، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر». التمهيد (4/ 44-45).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
ولا بُعدَ في أنْ يكون بعض الأشخاص تُغفر له الكبائر والصغائر، بحسب ما يحضره من الإخلاص بالقلب، ويراعيه من الإحسان والأدب؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. المفهم (1/ 492).
وقال النووي -رحمه الله-:
وقد يقال: إذا كفَّر الوضوءُ، فماذا تُكَفِّرُ الصلاة؟ وإذا كفَّرت الصلاة فماذا تُكَفِّرُ الجُمُعَات ورمضان، وكذلك صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سَنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه؟
والجواب: ما أجابه العلماء: أنَّ كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإنْ وَجَد ما يكفِّره من الصغائر كَفَّرَه، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كُتِبَت به حسنات، ورُفعت به درجات، وإن صادفت كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغيرة رَجَوْنَا أنْ يُخفَّف من الكبائر، والله أعلم. شرح مسلم (3/ 113).
وقال ابن سيد الناس -رحمه الله- مُعلِّقًا:
وأما قول الشيخ محيي الدين -رحمه الله-: رجونا أنْ يُخفَّف من الكبائر، ففيه نظر من وجهين:
الأول: أنَّ تكفير الذنوب والثواب المرتب على الطاعات أمر توقيفي، ليس للظن فيه مجال.
الثاني: أنَّ النص الوارد باجتناب الكبائر يَرُدُّه، فمعلوم أنَّ الثواب على الإتيان بالمفترضات أعظم من الثواب على التطوعات، فكيف يقال في صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء وموافقة تأمين المصلي تأمين الملائكة، وليس شيء من ذلك فرضًا أنَّه يُخفِّف من الكبائر، مع قيام النص المقيَّد باجتناب الكبائر في الفرائض من الخَمْس والجمعة ورمضان؟! والذي نقله المحققون: أنَّ الكبائر لا تكفرها إلا التوبة. النفح الشذي شرح جامع الترمذي (4/ 157-158).
وقال المناوي -رحمه الله-:
دلَّ التقيُّد بعدم غشيانها (الكبائر) على أنَّ الذي يُكفَّر هو الصغائر، فتُحمل المطلقات كلها على هذا القيد. فيض القدير (2/ 15).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: هل شَرْطُ الاجتناب (للكبائر) لليوم أو للعمر، أو لا يتحقَّق التكفير إلا إذا مات وهو مجتنِب للكبائر، فلو أتى بكبيرة آخر عُمُرِه بطل التكفير، أو كُل يوم اجتنب فيه الكبائر كُفِّرَتْ صغائره، وإنْ فَعَل كبيرة فيما بعده؟
قلتُ: لم أرَ فيه كلامًا، فينظر فيه. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 78).
وقال الفتني -رحمه الله-:
لا بد في حقوق الناس من القصاص ولو صغيرة، وفي الكبائر من التوبة، ثم ورد وعد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان، فإذا تكرَّر يغفر بأولها الصغائر، وبالبواقي يخفف عن الكبائر، وإنْ لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات. مجمع بحار الأنوار (4/418- 419).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
في هذا الحديث: سعة رحمة الله تعالى، وأنَّ المداومة على الفرائض تُكَفِّر الصغائر من الذنوب، وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} النجم: 32. تطريز رياض الصالحين (ص: 108).


ابلاغ عن خطا