الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«إذا سَأَلَ أحدُكُم فَلْيُكْثِرْ؛ فإنَّه يَسْأَلُ ربَّهُ».


رواه ابن حبان برقم: (889)، واللفظ له، والبغوي في شرح السنة برقم: (1403)، والطبراني في الأوسط برقم: (2040)، وابن أبي شيبة برقم: (29369)، بلفظ: «إذا تمنى أحدكم فليُكثر..»، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
صحيح الجامع برقم: (437،591)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1266) و(1325).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«تمنى»:
التمنِّي: تشهِّي حصول الأمر المرغُوب فيه، وحديث النفس بما يكون وما لا يكون. النهاية في غريب الحديث (4/ 367).


شرح الحديث


قوله: «إذا سأل أحدكم فليُكْثِر، فإنه يسأل ربه»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«إذا تمنى أحدكم» على ربه من خير الدارين «فليُكثر» الأماني؛ «فإنما يسأل ربه» الذي رباه وأنعم عليه وأحسن إليه -عزَّ وجلَّ-، فيعظم الرغبة، ويوسع المسألة، ويسأله الكثير والقليل حتى شِسْعَ النعل، فإنه إن لم ييسره لا يتيسر كما في الحديث (الآخر)، فينبغي للسائل إكثار المسألة، ولا يختصر ولا يقتصر، فإن خزائن الجود سحاء الليل والنهار، أي: دائمة لا ينقصها شيء، ولا يفنيها عطاء، وإن جلَّ وعَظُم؛ لأن عطاءه بين الكاف والنون (الصواب أن يقال: بعد الكاف والنون، كما نبه على هذا الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-) {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُون} النحل:40.فيض القدير(1/ 320).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فليكثر؛ فإنما يسأل ربه» أي: يطلب كثيرًا من الخير، فإنه إنما يسأل من بيده خزائن السماوات والأرض. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 627).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
والمعنى: إذا سأل الله حوائجه وفضْلَه فليُكْثِر؛ فإنَّ فضل الله كثير، وخزائنه واسعة. النهاية في غريب الحديث (4/ 367).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
ولأنه لا حِجْر عليه تعالى فيما يفعله، ولا مُعقِّب لحكمه، ولا مانع لتفضله وعطائه سبحانه. الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 627).
وقال الزمخشري -رحمه الله-:
ليس هذا بمناقض لقوله تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} النساء:32، فإن ذلك نهي عن تمنِّي الرجل مال أخيه بغيًا وحسدًا، وهذا تمنَّى على الله خيرًا في دينه ودنياه، وطلب من خزانته، فهو نظير قوله: {وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ} النساء:32. الفائق في غريب الحديث والأثر (3/390).
وقال البغوي -رحمه الله-:
هذا فيمن يتمنى شيئًا مباحًا من أمر دنياه وآخرته، فليكن فزعه فيه إلى الله -عز وجل-، ومسألته منه وإن عظمت أمنيته، قال الله -عز جل-: {وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ} النساء: 31، وليس من هذا القبيل أن يتمنى الرجل مال غيره، أو نعمةً خصه الله بها حسدًا أو بغيًا؛ فإنه منهي عنه، قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُم عَلَى بَعْضٍ} النساء: 31. شرح السنة (5/ 208).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«إذا تمنى أحدكم فليُكْثِر فإنما يسأل ربه»، قال العلقمي: والمعنى: إذا سأل الشخص الله حوائجه، فليُكثِر، فإنَّ فضل الله كثير. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 105).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
ليس معنى الاعتداء الإكثار، فقد رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله يحب الملحِّين في الدعاء»، وقال: «إذا دعا أحدكم فليستكثر؛ فإنما يسأل ربه». شأن الدعاء (ص: 14).
وقال الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم -حفظه الله-:
«إذا سأل أحدكم فليكثر؛ فإنما يسأل ربه» يعني: اطْمَعْ فيما شئت من رحمة الله وفضله، فالله -سبحانه وتعالى- مِن كرمِه وجوده يغضب من العبد إذا لم يسأله. علو الهمة (6/ 13).
وقال الشيخ سعيد بن علي القحطاني -رحمه الله-:
العبد يسأل ربه كل شيء يحتاجه في أمر دينه ودنياه؛ لأن الخزائن كلها بيده -سبحانه وتعالى-، قال سبحانه: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُوم} الحجر:21. شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة (ص: 99).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وفيه: الندب إلى استكثار الخير منه تعالى. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 627).


ابلاغ عن خطا