الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«مَن فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِهِ، غير أنه لا يَنْقُصُ من أجرِ الصائمِ شيئًا».


رواه أحمد برقم: (17033)، والترمذي برقم: (807)، والنسائي في الكبرى برقم: (3317)، وابن ماجه برقم: (1746)، من حديث زيد بن خالد الجُهَني -رضي الله عنه-.

صحيح الجامع برقم: (6415)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (1072).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«فَطَّر صائمًا»:
أعطاه ما يَفْطُرُ به، ولو جرعة من ماء. التنوير شرح الجامع الصغير (10/329).


شرح الحديث


قوله: «مَن فطَّر صائمًا»:
قال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «مَن فطَّر صائمًا»... يعني: مَن أطْعَم صائمًا.المفاتيح في شرح المصابيح (3/23).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«مَن فطَّر صائمًا» بِعَشَائِهِ، وكذا بتمر، فإن لم يتيسر فبِمَاء.فيض القدير (6/ 187).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«مَن فطَّر صائمًا» هو عام في القادر على الفطر وغيره. فيض القدير (6/187).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
قوله: «مَن فطَّر صائمًا» أي: أَطْعَمَهُ أو سقاه عند إفطاره مِن كَسْبٍ حلال. مرقاة المفاتيح(4/1368).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
«صائمًا» نكرة في سياق الشرط فتَعُمُّ، لا يلزم أن يكون الصيام صيام الفرض، بل جميع أنواع الصيام. شرح المحرر في الحديث (58/10).
وسُئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
حديث: «مَن فطَّر صائمًاكان له مثل أجره...» هل المقصود بالصائم الفقير، أو يدخل في هذا الأقارب والأصدقاء؟ وهل صيام التطوع فيه نفس الأجر إذا فطَّر صائمًا؟
فأجاب: الحديث عام، يعمُّ الغني والفقير، والفرض والنفل، وفضل الله واسع -سبحانه وتعالى-. مجموع فتاوى (25/ 207).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
والمراد بتفطيره: أنْ يُشبعه. الفتاوى الكبرى (5/ 377).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
واختلف العلماء في معنى: «مَن فطَّر صائمًا».
فقيل: إن المراد من فطَّره على أدنى ما يَفْطر به الصائم ولو بتمرة.
وقال بعض العلماء: المراد بتفطيره: أن يُشْبِعه؛ لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليله، وربما يستغني به عن السحور.
ولكن ظاهر الحديث: أن الإنسان لو فطَّر صائمًا ولو بتمرة واحدة فإنه له مثل أجره. شرح رياض الصالحين (5/315).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
لا يلزم أن يُفطِّره بما يُشْبِعه، المقصود أنه يَنْقُله من حال الصيام إلى حال الإفطار بالطعام. شرح المحرر في الحديث (58/9).
وقال ابن مفلح -رحمه الله-:
وظاهر كلامهم: بأي شيء كان أي تفطير الصائم، كما هو ظاهر الخبر. الفروع وتصحيح الفروع (5/ 37).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
إعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان هو من سُنن الإسلام، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن فطَّر صائمًا، فله مثل أجره». الفتاوى الكبرى (4/ 414).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
والذي يتسبب في تفطير الناس ولو لم يكن مِن مالِهِ يُكْتَب له من الأجر مثل أجر الـمُفَطِّر؛ لأن الدال على الخير كفاعله. شرح المحرر في الحديث (58/9).

قوله: «كان له مثل أجره»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«كان له» أي: لمن فطَّر. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (10/292).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«كان له مثل أجره» أي: مثل أجر صومِه. التنوير شرح الجامع الصغير (10/329).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«مثل أجره» أي: الصائم.
قيل: والمراد مثل أجره كمًّا، لا كيفًا، وزاد في رواية: «غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا». مرعاة المفاتيح (6/473).
وقال المناوي -رحمه الله-:
فله مثل أجر مَن عَمِلَ الصوم، لا مثل أجر مَن عَمِلَ تفطير الصائم، ويجوز كون «من» بمعنى: ما، والأصل: كان له أجر ما عمله وهو الصوم. فيض القدير (6/ 187).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
فيكون له أجر الصدقة، وأجر صومه، ومثل أجر الصائم الذي فَطَرَ، والحمد لله على فضله. عارضة الحوذي (3/168).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص على إفطار الصائمين بقدر المستطاع، لا سيما مع حاجة الصائمين وفقرهم، أو حاجتهم لكونهم لا يجدون من يقوم بتجهيز الفطور لهم، وما أشبه ذلك. شرح رياض الصالحين (5/315).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
ويُستحب للصائم أنْ يُفطِّر الصُّوام، إذا أمكنه. التبصرة (2/ 76).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله- أيضًا:
مَن فطَّر صائمًا فله أجر صائم، فاجْتَهِدْ أنْ تصوم رمضان ستين يومًا. التبصرة (2/ 86).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ينبغي لمَن عنده القدرة أنْ يحرص على تفطير الصُّوام، إما في المساجد، أو في أماكن أخرى؛ لأن مَن فطَّر صائمًا له مثل أجره، فإذا فطَّر الإنسان إخوانه الصائمين فإن له مثل أجورهم، فينبغي أنْ ينتهز الفرصة مَن أغناه الله تعالى؛ حتى ينال أجرًا كثيرًا. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (17/ 128).

قوله: «غير أنه لا ينقص»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«غير أنه لا ينقص» مما يعطاه المفْطِر. التنوير شرح الجامع الصغير (10/329).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«غير أنه لا ينقص» أي: لا ينقص الأجر الحاصل. السراج المنير شرح الجامع الصغير (4/313).

قوله: «من أجر الصائم شيئًا»:
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
وهو زيادة إيضاح، وإفادة تأكيد للعِلْمِ بعدم النقص مِنْ لفظ: «مثل أجره» أولاً. مرعاة المفاتيح (6/419).
قال المناوي -رحمه الله-:
فقد حاز الغني الشاكر أجر صيامه هو، أو مثل أجر الفقير الذي فطَّره، ففيه دلالة على تفضيل غنيٍّ شاكرٍ على فقيرٍ صابرٍ.فيض القدير (6/ 187).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
كُل من أعان مؤمنًا على عمَلِ بِرٍّ فللمُعِيْنِ عليه مثل أجر العامل، كما فيمن فطَّر صائمًا أو قوَّاه على صومه، فكل من أعان حاجًّا أو معتمرًا على حجَّته أو عُمْرَته حتى يأتي به على تمامه فله مثل أجره.
وكذا من أعان قائمًا بحقٍ من الحقوق بنفسه أو بماله حتى يُعْلِيْهِ على الباطل بمعونته فله مثل أجر القائم به، ثم كذلك سائر أعمال البر.
وإذا كان ذلك حكم المعونة على أعمال البر فمثله المعونة على المعاصي، ومكروه الرب تعالى للمُعِيْنِ عليها من الوزر والإثم مثل ما لِعَامِلِهَا؛ ولذلك «نهى -صلى الله عليه وسلم- عن بيع السيوف في الفتنة»، و«لعن عاصِرَ الخمر ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه»، وكذلك سائر أعمال الفجور. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/482).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
فيه: فضيلة تفطير الصائم، وفي حديث سلمان: «يعطي الله تعالى هذا الثواب مَن فطَّر صائمًا على تمرة، أو شربة ماء، أو مُذْقَة (أي: شربة) لبن». تطريز رياض الصالحين (ص: 704).
وقال الشيخ عطية سالم -رحمه الله-:
يا سبحان الله! أجْرُ إنسان صائم، طول النهار، تُحَصِّلُ مِثْلَهُ على تمرات تُقدِّمها له، شيء من سَوِيْقٍ، جرعة ماء، جرعة لبن، هذا فضل الله. شرح بلوغ المرام (145/ 5).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم يستوجب الْمُعين لهم مثل أجرهم...، وفي حديث زيد بن خالد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من فطَّر صائمًا فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء» خرَّجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه، وخرَّجه الطبراني من حديث عائشة وزاد: «وما عَمِلَ الصائم من أعمال البر إلا كان لصاحب الطعام ما دام قوة الطعام فيه». لطائف المعارف (ص: 166).
وقال النووي -رحمه الله-:
يُستحَب أنْ يدعو الصائمَ ويُفَطِّره في وقت الفطر، وهذا لا خلاف في استحبابه؛ للحديث، قال المتولي: فإنْ لم يقدر على عشائه، فطَّره على تمرة، أو شربة ماء، أو لبن. المجموع شرح المهذب (6/ 363).
وقال محمد الخطيب الشربيني -رحمه الله-:
يُستحب له أنْ يفطِّر الصائمين، بأن يعشيهم؛ لخبر: «مَن فطَّر صائمًا فله أجر صائم، ولا ينقص من أجر الصائم شيء» رواه الترمذي وصححه، فإنْ عجز عن عشائهم فطَّرهم على شربة، أو تمرة، أو نحوها؛ لما روي «أنَّ بعض الصحابة قال: يا رسول الله، ليس كلنا نجد ما يَفْطُرُ به الصائم؟ فقال: يُعطي الله هذا الثواب مَن فطَّر صائمًا على تمرة، أو شربة ماء، أو مُذْقَةِ لبن». مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/ 168).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
والأكمل أنْ يُشْبِعَهم...، وأنْ يأكل معهم. المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية (ص: 252).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وينبغي للصائم قبول ما يُعطاه أن يَفْطُرَ به؛ إعانة لأخيه على الآخرة، وإجابته إن دعاه للعَشَاء. التنوير شرح الجامع الصغير (10/329).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
هل للإنسان أن يقول: أنا أبحث عن صائم أجْرُه كامل مِن عباد الله الصالحين الأخيار الأتقياء؛ ليكون لي مثل أجره، أو يكفيني صيام أيَّ مسلم، ولو كان من النوع السابق الذي خرق صيامه بقول الزور؟
هذا يجعل الإنسان يحرص على أن يفطِّر الصالحين؛ ليكون له مثل أجورهم، يعني: فَرْقٌ بين أن تُفطِّر رجلًا صالحًا أَجْر صيامه كاملًا تامًا، وبين أن تُفطِّر شخصًا وإن كان فيه أجر، ولك أجر بقدر نيَّتك، لكنْ فَرْقٌ بين من يقول الزور ويعمل به، وبين من يغتاب وينم بين الناس، وبين مَن حفظ صيامه عن هذا كله. شرح المحرر في الحديث (58/10).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله- أيضًا:
بعض الناس لا يحرص على أن يأكل من فَطُور غيره؛ ليدخر الأجر لنفسه كاملًا، نقول: يا أخي، لا تبخل على أخيك، أنت أَحْضِرْ طعامك، وكُلْ من طعام أخيك، ودع أخاك يأكل من طعامك؛ لتنال أجره، وينال أجرك، أما بعض الناس أوَّلَ ما يأكلُ من طعامه، ثم يأكل من طعام الآخرين، هذا بُخل، كُلْ من طعام أخيك، ولا ينقص من أجرك شيء، ودع أخاك يأكل من طعامك، تبادلوا مثل هذا الشعور؛ لتحصل لكم عظائم الأجور. شرح المحرر في الحديث (58/10).


ابلاغ عن خطا