الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«إذا أراد الله بِعَبْدٍ خيرًا اسْتَعْمَلَهُ»، قيل: وما اسْتَعْمَلَهُ؟ قال: «يُفتح له عملٌ صالحٌ بين يدي موته؛ حتى يَرضَى عنه مَن حَوْلَهُ»


رواه أحمد برقم:(21949)، من حديث عمرو بن الحَمِقِ الخزاعي -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (304)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1114).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«اسْتَعْمَلَهُ»:
قال ابن منظور -رحمه الله-:
استعْمَل فلان غيره إذا سأله أن يَعْمَلَ له، واسْتَعْمَلَهُ: ‌طلَبَ ‌إليه ‌العمل. لسان العرب (11/ 475).
وقال الكاندهلوي -رحمه الله-:
أي: جَعَلَهُ عاملًا للطاعات، أي: يُوَفِّقه لعمل صالح قبل الموت؛ حتى يموت على التوبة، ويحسن خاتمته. التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح(6/ 70).


شرح الحديث


قوله: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا» أي: في عاقبته، «استعمله» أي: جعله عاملًا في الطاعة. مرقاة المفاتيح (8/3310).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«استعمله» أي: هيَّأَ له أفعالَ الخير، وخَلَقَ له قدرة على الطاعة. شرح سنن أبي داود (18/ 262).

قوله: «قيل: وما استعمله؟»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«قيل» أي: قال بعض الصَّحب: يا رسول الله «وما استعمله؟» أي: ما المراد به؟ فيض القدير (1/256).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فقيل: وكيف يستعمله يا رسول الله؟» أي: والحال أنه دائم الاستعمال. مرقاة المفاتيح (8/3310).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«وكيف يستعمله؟» سؤال عن معنى الاستعمال. التنوير شرح الجامع الصغير (1/523).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«قيل: وما استعمله؟» أي: قالوا: يا رسول الله، ما معناه؟ وما المراد به؟ السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 80).

قوله: «قال: يُفتح له عملٌ صالح بين يدي موته؛ حتى يَرضَى عنه مَن حَوْلَهُ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«قال: يَفتح له عملًا صالحًا»؛ بأن يوفِّقَهُ له «بين يدي موته» أي: قُرْبَ مَوْتِهِ، فسمَّى ما قَرُبَ منه باليدين توسعًا، كما يُسمَّى الشيء باسم غيره إذا جاوره، ودنا منه، وقد جرت هذه العبارة هنا على أحسن سَنَنَ ضرب المثل.
«حتى يُرضي عنه» بضمِّ أوَّلِه، والفاعل الله تعالى، ويجوز فتحُه والفاعل «مَنْ حَوْلَهُ» مِن أهله وجيرانه ومَعَارِفِهِ، فيُبَرِّؤُنَ ذِمَّتَه، ويثنون عليه خيرًا، فيُجِيْزُ الرب شهادتهم، ويفيض عليه رحمتَه.
وتفريغ المحل شرط لدخول غيث الرحمة، فمتى لم يفرغ المحل لم يصادف الغيث محلًا قابلًا للنزول، وهذا كمن أصلح أرضه لقبول الزرع، ثم يَبْذُر، فإذا طهَّرَ العبد تعرض لنفحات رياح الرحمة، ونزول الغيث في أوانه، وحينئذٍ يكون جديرًا بحصول الغَلَّة. فيض القدير (1/256).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«قال: يَفتح له عملًا صالحًا بين يدي موته» أي: قبله؛ «حتى» يتوب و«يرضى عنه». التيسير شرح الجامع الصغير (1/64).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
قوله: «بين يدي موته» أي: قبله... السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 80-81).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «بين يدي موته» استعارة، جَعَلَ للموت يدًا، ثم أثبت لها البَيْنِيَّة التي لليد الحقيقية.
والمراد: عملٌ يتصل بموته، فيموت عليه، وهذا من حُسن الخاتمة أيضًا والتوفيق.
«حتى يَرضى عنه مَنْ حَوْلَهُ» مِن أهله وجيرانه ومَعَارِفِه وغيرهم، فيثنون عليه خيرًا، فيَتَقَبَّل الله شهادتهم، وتزكيتهم، وهذا قرينة لتفسير «عَسَّلَهُ»: بِطِيْبِ الثناء. التنوير شرح الجامع الصغير (1/523).
وقال السّندي -رحمه الله-:
قوله: «مَن حَوْلَهُ» أي: مِن الكرام الكاتِبِيْنَ، أو الناس، بحُسْنِ حاله، أو بحُسن معاملته معهم، والله أعلم. حاشية السندي على المسند (5/220).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«حتى يرضى عنه مَنْ حَوْلَهُ» أي: مِن أهله وجيرانه ومعارفه، فيُبَرِّئون ذِمَّتَه، ويثنون عليه خيرًا، فيُجِيْزُ الرّب شهادتهم. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 80-81).
وقال الحكيم الترمذي -رحمه الله-:
فهذا عبْدٌ أدْركته دولة السعادة، فأصاب حظَّه ومراده، بعد ما قطَعَ عُمرَه في رفض العبودية وتعطيلها، وعطَّل الحدود، وأهمل الفرائض، فلما قَرُبَ أوان شُخُوصِهِ إلى الحق، أدركته السعادة بذلك الحظ الذي كان سبق له، فاسْتَنَارَ الصدر بالنور، وانكشف الغطاء، فأدركته الخشية، وعظُمت مساوئه عنده، فاستقام أمْرُه، فعَمِلَ صالحًا قليلًا، فأُعطي جزيلًا. نوادر الأصول (1/395).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
ورواه أحمد والحاكم عن عمرو بن الحَمِقِ، بفتحٍ، فكسر، ولفظه: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله»، قيل: وما استعمله؟ قال: «يَفتح له عملًا صالحًا بين يدي موته؛ حتى يرضى عنه مَنْ حَوْلَهُ»، هذا ورواه أحمد وابن حبان عن أبي سعيد مرفوعًا: «إن الله إذا رضي عن العبد أثنى عليه بسبعة أصناف من الخير لم يَعْمَلْهُ، وإذا سخط على العبد أثنى عليه بسبعة أصناف من الشر لم يَعْمَلْهُ» انتهى.
وكأنَّ العمل في الموضعين مبني على نيَّتِه، أو محمول على أخذ عبادة ظالم لمظلوم، ووضْعِ مَظْلمة عن مظلوم على ظالم، والله تعالى أعلم. مرقاة المفاتيح (8/ 3310).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
إن الله تعالى إذا تقبَّل العمل أوْقَعَ في القلوب قبولَ العامل، ومَدْحِه، فيكون ما أوقعَ في القلوب مُبَشِّرًا بالقبول، كما أنه إذا أحب عبدًا حبَّبه إلى خلقه، وهم شهداء الله في الأرض. كشف المشكل (1/ 371).
وقال الشيخ سعيد بن وهف القحطاني -رحمه الله-:
فثناء الناس على الميت مِن جَمْعٍ من المؤمنين الصادقين أقَلُّهم اثنان من جيرانه، العارفين به، من ذوي الصلاح والعلم، موجبٌ له الجنة، بفضل الله -عزَّ وجلَّ-، ومن علامات حُسن الخاتمة. أحكام الجنائز (ص: 169).

وينظر للاستفادة الرواية الأخرى من (هنا)

ومن (هنا)


ابلاغ عن خطا