الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«أنَّه شَكا إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَجَعًا يجدُهُ في جسدِهِ منذُ أسلمَ فقال له رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ضعْ يدَكَ على الذي تَأَلَّمَ من جسدِكَ، وقُلْ: باسمِ اللهِ ثلاثًا، وقلْ سبعَ مراتٍ: أعوذُ باللهِ وقدرتِهِ من شرِّ ما أجدُ وَأُحَاذِرُ»


رواه مسلم برقم: (2202)، من حديث عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه-. 


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«وَجَعًا»:
أي: ‌مريض ‌متألم ‌ويقع ‌الوَجع ‌على كُل مرضٍ، وجمعه: أوجاع. المصباح المنير، للفيومي (2/ 648).
وقال ابن سيده -رحمه الله-:
الوَجَعُ: اسْم لكل مرض، وَالْجمع: أوجاعٌ. المحكم والمحيط الأعظم، لابن سيده (2/ 285).

«تَأَلَّمَ»:
بشدة اللام، أي: تتألم به. السراج المنير شرح الجامع الصغير، للعزيزي (3/ 286).
وقال نشوان الحميري -رحمه الله-:
التألُّم: التوجُّع. شمس العلوم، لنشوان الحميري (1/ 315).

«أُحَاذِرُ»:
أي: أخاف. شرح المصابيح، لابن الملك (2/ 307)


شرح الحديث


قوله: «أنه شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»:
قال ابن بطال -رحمه الله-:
والشكوى لا تكون إلا من عِلَّة. شرح صحيح البخاري (1/ 224).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
الشكاية: رفع أَمر يصيب الإنسان مما يكرهه إلى من يقدر على إزالته. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (1/ 278).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«شكا» أي: أخبر على سبيل الشكوى. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (22/ 227).

قوله: «وجعًا يجده»:
قال القاضي عياض -رحمه الله-:
العرب تسمي كل مرض: ‌وجعًا. إكمال المعلم (2/ 320).
وقال الكماخي -رحمه الله-:
أي: ألم عظيم. المهيأ في كشف أسرار الموطأ (4/ 206).

قوله: «في جسده منذ أسلم»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«في جسده» أي: في بدنه، ويؤخذ منه: ندب شكاية ما بالإنسان لمن يتبرك به؛ رجاء لبركة دعائه. مرقاة المفاتيح (3/ 1126).

قوله: «ضع يدك»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
المخاطب عثمان بن أبي العاص؛لأنه الشاكي للألم في جسده، والمراد بها عند الإطلاق: اليمين. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 106).
وقال المناوي -رحمه الله-:
واليمنى أولى. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 111).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
أي: كفك وأصبعك. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (22/ 227).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
هذا الأمر على جهة التعليم والإرشاد إلى ما ينفع من وضع يد الراقي على المريض ومسحه به، وأن ذلك لم يكن مخصوصًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، بل ينبغي أن يفعل ذلك كل راقٍ، وقد تأكد أمر ذلك بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- ذلك بأنفسهم وبغيرهم، كما قد ذكر في الأحاديث المتقدمة، فلا ينبغي للراقي أن يعدل عنه للمسح بحديد ولا بغيره، فإن ذلك لم يفعله أحد ممن سبق ذكره، ففعله تمويه لا أصل له. المفهم (5/ 589، 590).

قوله: «على الذي تَأَلَّمَ من جسدك»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«على الَّذي» أي: على الموضع الَّذي «تألم» وتوجَّع «من جسدك» وجسمك، أو من جسد غيرك إذا رَقَيْتَ غيرك. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (22/ 227).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«تَأَلَّمَ» بشدة اللام أي: تتألم به. السراج المنير شرح الجامع الصغير (3/ 286).

قوله: «وقُلْ: باسم الله ثلاثًا»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«ثلاثًا» أي: كرر التسمية ثلاثًا، يحتمل مع تكرير الوضع ويخلل الرفع، ويحتمل أنه يكفي استمراره، وخاصية الثلاث والسبع مما تفرد الله بعلمها. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 106).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«وقل» أتبرك «باسم الله» سبحانه «ثلاثًا» أي: ثلاث مرات. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (22/ 227).
وقال المناوي -رحمه الله-:
والأكمل ‌إكمال ‌البسملة. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 111).

قوله: «وقل سبع مرات»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قوله: «سبع مرات» مفعول مطلق لـ«قل»، أي: قل هذا الدعاء المذكور، وكرِّره على موضع الوجع سبع مرات. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (20/ 405).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فيه اختصاص هذه الأمور بالوتر، وتخصيص الثلاث منها والسبع، وذلك كثير في موارد الشرع، لا سيما تخصيص السبع بما هو في باب الشفاء والمعافاة والنشر، ودفع السحر وأمر الشيطان والسم. إكمال المعلم (7/ 110).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وفي الأعداد التي ترد في مثل هذا الحديث ‌سِرٌّ ‌من ‌أسرار ‌النبوة، وليس لنا أن نطلب العلة والسبب الذي يقتضيه. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين (ص: 327).

قوله: «أعوذ بالله وقدرته»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«أعوذ» أي: أتحصن وأتحفَّظ. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (20/ 404، 405).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
ألجأ إليه وألوذ به. كشف المشكل (2/ 134).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وقدرته» أي: بحوله وقوته. مرقاة المفاتيح (3/ 1126).
وقال المباركفوري -رحمه الله-:
بعظمته وغلبته. مرعاة المفاتيح (5/ 224).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
ذكر صفة القدرة في غاية المناسبة لاستدفاع الألم. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 106).

قوله: «من شرِّ ما أجد وَأُحَاذِرُ»:
قال المظهري -رحمه الله-:
«ما أجد» من الوجع «وأحاذر» أي: وأحترز. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 392).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«ما أجد وأحاذر» تعوذ من وجع ومكروه هو فيه، ومما يتوقع حصوله في المستقبل من الحزن والخوف؛ فإن الحذر: هو الاحتراز عن مخوف. الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1337).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
«ما أجد» من الوجدان، أي: الذي أجده من الألم أو من الوجد، يقال: وجدت من الحزن وجدًا، والتقدير: أجد منه.
وقوله: «وأحاذر»، ومعنى أحاذر: أخاف، كقوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} الشعراء 56، أي: خائفون، فاستعاذ بالله من شر ما يجد من الألم، ومن شر ما يخاف، ومن استعاذ بالله أعاذه. فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (13/ 471).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«‌من ‌شرِّ ما أجد» أي: من الوجع، «وأحاذر» أي: أخاف وأحترز، وهو مبالغة من: أحذر. مرقاة المفاتيح (3/ 1126).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«من شر ما أجد» أي: من الألم في الحال، وقوله: «وأحاذر» أي: أخاف في الاستقبال، والحذر: الاحتراز عن المخوف، وصيغة المفاعلة للمبالغة. لمعات التنقيح (4/ 17).
وقال القنازعي -رحمه الله-:
هذا الحديث أصل في أن لا يسترقي الإنسان إلا بأسماء الله -جلَّ وعزَّ- وصفاته وكتابه. تفسير الموطأ (2/ 762).
وقال الكماخي -رحمه الله-:
قال بعضهم: ويظهر أنه إذا كان المريض نحو طفل أن يقول من يعوِّذه: من شر ما يجد ويحاذر. المهيأ في كشف أسرار الموطأ (4/ 206).
وقال الباجي -رحمه الله-:
هذا يدل على جواز الاسترقاء والدعاء لإذهاب المرض، وفي معناه: التداوي بذلك. المنتقى شرح الموطأ (7/ 260).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وفيه أن الرَّقْيَ يدفع البلاء ويكشفه الله به، وهو من أقوى معالجة الأوجاع لمن صحبه اليقين الصحيح، والتوفيق الصريح. التمهيد (14/ 395).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
ففي هذا العلاج من ذكرِ اسم اللَّه والتَّفويضِ إليه، والاستعاذةِ بعزَّته وقدرته من شرِّ الألم ما يذهب به، وتكرارُه ليكون أنجع وأبلغ كتكرار الدَّواء لإخراج المادَّة، وفي السَّبع خاصِّيَّةٌ لا توجد في غيرها. زاد المعاد (4/ 269).
وقال الزرقاني -رحمه الله-:
لأنه من الأدوية الإلهية، والطب النبوي؛ لما فيه من ذِكر الله، والتفويض إليه، والاستعاذة بعزَّته وقدرته، وتكرارُه يكون أنجع وأبلغ كتكرار الدواء الطبيعي لاستقصاء إخراج المادة، وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها، وقد خص -صلى الله عليه وسلم- السبع في غير ما موضع بشرط قوة اليقين، وصدق النية. شرح الزرقاني على الموطأ (4/ 516، 517).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وهذا من الطب الروحاني الإلهي...، وإنما ‌يظهر ‌أثره ‌لمن ‌قوي ‌يقينه وكمل إخلاصه. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 111).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
هذه من الأدوية الإلهية التي هي من أَسرع الأدوية لمن خَلُصَت نيته، وظاهره: أنها لكل ألم من الآلام التي بالأعضاء. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 106).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فهذا من أسباب الشفاء أيضًا، فينبغي للإنسان إذا أَحسَّ بألم أنْ يضع يدهُ على هذا الألم ويقول: بسم الله ثلاثًا، أعوذ بِعزة الله وقُدرته من شرِّ ما أجد وأحاذر، يقولها سبع مرات، إذا قاله موقنًا بذلك مؤمنًا به وأنه سوف يستفيد من هذا فإنه يَسكن الألم بإذن الله -عزَّ وجلَّ-، وهذا أَبلغ من الدواء الحسي، كالأقراص والشراب والحقن؛ لأنك تستعيذ بمن بيده ملكوت السماوات والأرض، الذي أنزل هذا المرض، هو الذي يجيرك منه. شرح رياض الصالحين (4/ 483).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
وهذه الرقية لم تكن مخصوصة به، بل فعلها الصحابة -رضي الله عنهم- بأنفسهم. شرح المصابيح (2/ 307).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
في فوائده (أي: هذا الحديث):
1. منها: بيان مشروعيّة الرقية، وأنها من الأسباب التي جعلها الله تعالى لإزالة الأمراض الواقعة، ودفع المتوقّعة.
2. ومنها: بيان استحباب وضع اليد على الجسد المتألّم حال الرقية بالذِّكر المذكور.
3. ومنها: استحباب تكرار التسمية ثلاث مرّات، وتكرار التعويذ سبع مرّات. البحر المحيط الثجاج(36/ 133).


ابلاغ عن خطا