الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«‌لا ‌يزال ‌الناس ‌بخير ما عَجَّلوا الفطر، عَجِّلوا الفطر؛ فإن اليهود يؤخرون».


رواه حمد برقم: (9810)، وأبو داود برقم: (2353)، وابن ماجه برقم: (1698)، واللفظ له، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (7695)، مشكاة المصابيح برقم: (1995).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «‌لا ‌يزال ‌الناس»:
قال الكماخي -رحمه الله-:
«لا يزالُ الناس»، أي: الصائمون. المهيأ في كشف أسرار الموطأ (2/ 212).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
المراد بالناس هنا: الصائمون، فهو عام أريد به الخاص، خاص من وجهين: الصائمون المسلمون؛ لأن الكفار وإن صاموا ليس لهم صيام ولا يقبل منهم؛ لاشتراط الإسلام في كل عبادة؛ لأن الكافرين ليسوا في خير حتى وإن صاموا وجاعوا وعطشوا. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/ 191).

قوله: «‌بخير»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
أي: موصوفين بخير كثير، أو المراد بالخير: ضد الشر والفساد. مرقاة المفاتيح (4/1381).
وقال النووي -رحمه الله-:
معناه: لا يزال أمر الأُمة منتظمًا، وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السنة، وإذا أخروه كان ذلك علامة على فساد يقعون فيه.شرح صحيح مسلم(7/208)
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
أي: لا يزالون ملتبسين بخير وصلاح مدة تعجيلهم الفطر؛ لأنه دأب سيد المرسلين؛ ليحصل الحضور في الصلاة بفراغ قلب.الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم(12/393)
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
والمراد بالخير هنا: الخير الديني، ليس الخير الدنيوي، والخير الديني هو: ما يعود على القلب بالانشراح والنور. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/ 192).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
قوله: «بخير» الظاهر أنه أشار إلى أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره ومخالفة السنة في ذلك كالعَلَم على فساد الأمور. الشافي في شرح مسند الشافعي (3/198).
وقال النووي -رحمه الله-:
ومعناه: لا يزال أمر الأمة منتظمًا وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السنة، وإذا أخروه كان ذلك علامة على فساد يقعون فيه. شرح صحيح مسلم (7/208).
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم النجدي -رحمه الله-:
أي: لا يزال أَمر هذه الأُمّة معظَّمًا، وهم بخير، ما داموا محافظين على هذه السُّنة، وقوام الدِّين على مخالفة الأعداء. حاشية الروض المربع(3/432)

قوله: «ما عَجَّلوا الفطر»:
قال ابن حجر -رحمه الله-:
«ما» ظرفية، أي: مُدَّة فعلهم ذلك امتثالًا للسنة، واقفين عند حَدِّها غير مُتَنَطِّعِيْن بعقولهم ما يُغَيِّرُ قواعدها. فتح الباري (4/199).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
في قوله: «ما عجَّلوا الفطر» هي الشرطية، نحو قولك: افعل، إلا أن الجزاء ههنا مقدم على الشرط، وليس جزاء، إنما هو إخبار مستأنف، الجزاء محذوف، وقد دل المذكور أولًا.
التقدير: ما عجَّل الناس الفطر لا يزالوا بخير. الشافي في شرح مسند الشافعي (3/198).
وقال ابن الأثير -رحمه الله- أيضًا:
والمراد بالإفطار: الأكل والشرب، وإن كان الإفطار يحصل بغروب الشمس حُكمًا. الشافي في شرح مسند الشافعي (3/198).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«الفطر» المراد به: الفطر من الصيام، وأطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- «الفطر»، أي: ما يفطر به، فإذا عجَّلوا الفطر بأي شيء يفطر الصائم؛ فهم لا يزالون بخير. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/ 191).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ما عجلوا الفطر» أي: ما داموا على هذه السنة، ويُسَنُّ تقديمه على الصلاة؛ للخبر الصحيح به. مرقاة المفاتيح (4/1381).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
من السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس، ولا يجوز لأحد أن يفطر وهو شاكٌّ هل غابت الشمس أم لا؛ لأن الفرض إذا لزم بيقين لم يخرج عنه إلا بيقين، والله -عزَّ وجلَّ- يقول: { ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} البقرة:187، وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين، فمن شكَّ لزمه التمادي حتى لا يشكُّ في مغيبها، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أقبل الليل من ههنا –يعني: المشرق-، وأدبر النهار من ههنا –يعني: المغرب-، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»، متفق عليه. التمهيد (21/ 97).
وقال الباجي -رحمه الله-:
تعجيل الفطر: أنْ لا يؤخر بعد غروب الشمس على وجه التَّشدد والمبالغة واعتقاد أَنه لا يجزئ الفطر عند غروب الشمس على حسب ما تفعله اليهود، وأما مَن أَخّر فطره باختيارهِ لأمرٍ عَنَّ له؛ مع اعتقادهِ أن صومه قد كمُل عند غروب الشمس؛ فلا يُكره له ذلك، رواه ابن نافع عن مالك في المجموعة.المنتقى شرح الموطأ(2/42).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قال المهلب: والحكمة في ذلك: أن لا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أرفق بالصائم، وأقوى له على العبادة. فتح الباري (4/199).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
إنما كان ذلك: لأن التعجيل أحفظ للقوَّة، وأرفع للمشقة، وأوفق للسنة، وأبعد عن الغلو والبدعة، وليظهر الفرق بين الزمانين في حكم الشرع. المفهم (3/157).
قال المظهري -رحمه الله-:
علة استحباب تعجيل الفطر: إشباع الناس؛ ليكون لها حضور وقوة عند أداء الصلاة. المفاتيح في شرح المصابيح (3/18).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
الحكم في تعجيله: أنه مبادرة إلى أمر الله، وأوفق وأرفق بالصائم. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (4/301).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
هذا لأن إلزام النفس ما لا يلزم شرعًا ابتداع يُخاف منه الزيغ، كما ابتدع أهل الكتاب في دينهم فزاغوا، وشددوا فشدَّد الله عليهم. كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 271).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم - فرضًا وتطوعًا-، وأجمعوا أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله -عزَّ وجلَّ- يقول: {أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} البقرة: 187. الاستذكار(10/42).
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«عَجِّلوا» أيها المسلمون «الفطْرَ» أي: بادروا بالفطر من الصوم إذا تحققتم الغروبَ، ولا تؤخروا إلى اشتباك النجوم كأهل الكتاب.مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (10/167).

قوله: «فإن اليهود يؤخرون»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«فإن اليهود» والنصارى «يؤخرون» الفطر من الصوم. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (10/167).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
لما اشتمل تعجيل الفطر على مخالفة أهل الكتاب، فإنهم يؤخرونه إلى اشتباك النجوم كان الْمُتَدَيِّنُون به بخير من حيث إنهم متمسكون بشريعة محمد -صلوات الله عليه- معرضون عما يخالفها. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (1/493).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
في هذا التعليل دليل على أن قِوام الدين الحنيفي على مخالفة الأعداء من أهل الكتاب، وأن في موافقتهم تلفًا للدين.شرح المشكاة (5/1589).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «فإن اليهود» إلخ تعليل لما ذكر بأن فيه مخالفة لأعداء الله، فما دام الناس يراعون مخالفة أعداء الله تعالى؛ ينصرهم الله، ويظهر دينهم. حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/519).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
فيه: دليل على الـمُتَشَيِّعة الذين يؤخرون إلى ظهور النجم، ولعل هذا هو السبب في كون الناس لا يزالون بخير ما عجَّلوا الفطر؛ لأنهم إذا أخروه كانوا داخلين في فعل خلاف السنة، ولا يزالون بخير ما فعلوا السنة. إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام (2/26).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
ما تقدم من الزيادة عند أبي داود (يعني به ما: أخرجه أبو داود وبن خزيمة وغيرهما وتأخير أهل الكتاب له أَمد وهو ظهور النجم) أولى بأن يكون سبب هذا الحديث، فإن الشيعة لم يكونوا موجودين عند تحديثه -صلى الله عليه وسلم- بذلك. فتح الباري (4/199).
وقال العيني -رحمه الله-:
قلتُ: يحتمل أن يكون أنه -صلى الله عليه وسلم- كان عَلِم بما يصدر في المستقبل من أمر الشيعة في ذلك الوقت بإطلاع الله -عزَّ وجلَّ- إياه. عمدة القاري (11/ 67).
وقال التوربشتي -رحمه الله-:
وهذه هي الخصلة (أي: التأخير) التي لم يرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -...، ولو أن بعض الناس صنع هذا الصنيع وقصْدُهُ في ذلك: تأديب النفس، ودفع جماحها، أو مواصلة العشاءين بالنوافل؛ غير معتقد فيما يعتقده أولئك الفئة الزائغة (يعني به: الشيعة) من القول بوجوبه لم يضرره ذلك، ولم يدخل به في جملتهم، كيف ويصحح هذا التأويل الحديث الصحيح الذي رواه أبو سعيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تواصلوا، فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر».
وتأخير الإفطار -نظرًا إلى سياسة النفس- أمر قد صنعه كثير من الربانيين، وأصحاب النظر في الأحوال والمعاملات. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/463).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
أقول: بل يضرُّه حيث يفوته السُّنة، وتعجيل الإفطار بشربة ماء لا ينافي التأديب والمواصلة، مع أن التحصيل: إظهار العجز المناسب للعبودية، ومبادرة إلى قبول الرخصة من الحضرة الربوبية. مرقاة المفاتيح (4/1381).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
أقول: يشابه هذا التأخير تقدم صوم يوم أو يومين على صوم رمضان. شرح المشكاة (5/ 1584).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
يؤيده ما صح أن الصحابة كانوا أعجل الناس إفطارًا وأبطأهم سحورًا. مرقاة المفاتيح (4/1381).
قال النووي -رحمه الله-:
فيه: الحث على تعجيله بعد تحقق غروب الشمس. شرح صحيح مسلم (7/208).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب: مستحب باتفاق، ودليله هذا الحديث. إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام (2/26).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
اتفق العلماء على أن محل ذلك (أي: الإفطار): إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار عدلين، وكذا عدل واحد في الأرجح. فتح الباري (4/199).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
فيه: أن متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هي الطريق المستقيم من تَعَوُّج عنها فقد ارتكب الْمُعْوَجَّ من الضلال ولو في العبادة.شرح المشكاة (5/ 1584).
وقال ابن العطار -رحمه الله-:
فيه: الحث على اتباع السنة وترك مخالفتها، وأن فساد الأمر بتركها. العدة في شرح العمدة (2/883).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
في هذا: فضل تعجيل الفطر، وكراهة تأخيره. الاستذكار (3/287).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
في هذا الحديث: يخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الناس إذا عجلوا الفطر فإنهم في خير مصاحبين له، والخير ملازم لهم.فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/ 191)
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
يستفاد من الحديث: أولًا: مشروعية الفطر؛ لأن ما رُتِّبَ الفضل على صفة من صفاته فهو كذلك مشروع؛ لِتَعَذُّر الوصف دون الأصل أو دون الموصوف، فهنا رتب الخير على تعجيل الفطر، إذًا الفطر مشروع.
ومن فوائد الحديث: تفاضل الأعمال، ووجه ذلك: أنه رتب هذا الجزاء على تعجيل الفطر، ولولا أنه أفضل من تأخيره ما رتب الأفضل عليه، فيؤخذ منه تفاضل الأعمال.
من فوائد الحديث: أن تأخير الفطور سبب لحصول الشر، يؤخذ من المفهوم، المنطوق: أن المعجّل في خير، فالمفهوم: أن غير المعجّل بشر.
ومن فوائد الحديث: محبة الله -عزَّ وجلَّ- لمبادرة عباده بإتيان رُخَصِهِ، كيف ذلك؟ لأن الله جعلهم في خير ما عجَّلوا الفطر، فأثابهم على ذلك، وهذا يدل على محبته لهم -سبحانه وتعالى-؛ لأن الدلالة على الصفة تكون بالمطابقة أو بالتضمن وبالالتزام، فإذا كان الله يثيب على هذا فهو يحبه. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/191 ـ 192).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
هل يؤخذ منه فائدة وهو: كراهة التَّنَطُّع في الدين؟
نعم؛ لأن تعجيل الفطر ينافي التَّنَطُّع، والمتَنَطِّع يقول: لا أفطر حتى يؤذن مؤذن الحي الذي أنا فيه، هذا مُتَنَطِّع، بعض الجهلاء يرى الشمس غابت بعينه ولكنه لا يفطر، لماذا؟
يقول: ما أَذَّن، والعبرة بغروب الشمس وليست بالأذان. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (3/ 193).

وللاستفادة من الروايات الأخرى ينظر (هنا) و (هنا)


ابلاغ عن خطا