الأحد 23 رمضان 1446 هـ | 23-03-2025 م

A a

«مَن حَالَتْ شفاعتُهُ دون حدٍّ من حدودِ اللهِ، فقد ضادَّ اللهَ، ومَن خَاصَمَ في باطلٍ وهو يعلمُهُ لم يَزل في سَخَطِ اللهِ حتى يَنْزِعَ عنه، ومَن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسْكَنَه اللهُ رَدْغَةَ الخَبَالِ حتى يَخْرُجَ مما قال».


رواه أحمد برقم: (5385) وأبو داود برقم: (3597) واللفظ له، والحاكم برقم: (8157)، والطبراني في الكبير برقم: (13084)، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
صحيح الجامع برقم: (6196)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (437).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«مَن حَالَتْ»:
مِن الحَيلُولة أي: حَجَبَتْ. مرقاة المفاتيح، للقاري (6/ 2367).

«شفاعتُهُ»:
أي: طَلبُه التَّجَاوُز. الإحكام شرح أصول الأحكام، لابن قاسم (4/ 300)

«ضادَّ اللهَ»:
أي: خَالَفَ أمْره. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).

«خَاصَمَ»:
أي: جادَل أحدًا. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).

«حتى يَنْزِعَ عنه»:
أي: يترك وينتهي عن مُخاصمته، يقال: نَزَع عن الأمر نُزُوعًا إذا انتهى عنه. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).

«رَدْغَةَ الخَبَالِ»:
عُصَارَة أهل النار. الفائق في غريب الحديث، للزمخشري (3/ 214).
قال ابن الأثير -رحمه الله-:
والرَّدَغَةُ بسكونِ الدَّالِ وفتحِهَا: طِينٌ وَوَحْلٌ كثيرٌ، وَتُجْمَعُ على رَدَغٍ ورِدَاغٍ. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 215).
والْخَبَالُ في الأصلِ: الفسادُ، ويكونُ في الأفعالِ والأبدانِ والعقولِ. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 8)


شرح الحديث


قوله: «مَن حالتْ شفاعتُهُ دون حدٍّ من حدودِ اللهِ»:
قال السندي -رحمه الله-:
«مَن حالتْ شفاعتُهُ» أي: مَن شفَع في رفْع الحدِّ وقُبِلت شفاعته ورُفع الحدُّ، فصارت شفاعته حائلة عن الحد. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/636- 637).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«مَن حَالَتْ شفاعتُه دون حَدٍّ من حُدود الله» يعني: رَجُل وجب عليه حدٌّ مِن حدود الله، فشفع في رفْع حدٍّ عند رجلٍ آخر، فقَبِل شفاعتَه، ورُفع الحدُّ عنه بشفاعته. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (11/ 324).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «دون حدٍّ» أي: قدَّامَه، فيحجز عن الحدِّ بعد وجوبه عليه بأن بَلَغَ الإمام. الكاشف عن حقائق السنن (8/ 2537).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «دون حدٍّ» أي: عند أو قدَّام حدٍّ من حدود الله، والمعنى: مَن مَنَع بشفاعته حدًّا. لمعات التنقيح (6/ 403).
وقال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «مَنْ حَالَتْ شفاعتُه دونَ حدٍّ من حدودِ الله» يعني: مَنْ مَنَعَ حدًّا من حدود الله -سبحانه- بشفاعته، فقد خالَفَ أمر الله تعالى، وهذا بعد أنْ بلغ ذلك الإمام، فأما قبل بلوغ الإمام فإنَّ الشفاعة فيه جائزةٌ؛ حفظًا للسِّتر، فإنَّ السِّتر على المذنبين مندوب إليه. المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 268-269).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «حدٍّ من حدود الله» تعالى، فخرج به الشفاعة فيما ليس فيه حدٍّ، ولا حق آدمي، وإنما فيه التعزير، فجائز عند العلماء بلَغَ الإمام أمره أم لا.
قال الحسن في قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} النساء: 85: الشفاعة الحسنة ما يجوز في الدِّين الشفاعة فيه، والشفاعة السيئة ما لا يجوز الشفاعة فيه.
فعلى هذا: الشفاعة في التعزير مندوب إليها، مأجور صاحبها عليها...، والشفاعة في الحدِّ قبل بلوغه جائزة عند الأكثرين؛ لما جاء في السَّتر على المسلم من الأحاديث الكثيرة، قال الإمام مالك: وهذا فيمن لم يُعرف منه أذى للنَّاس، وأما مَن عُرف منه شر وفساد، فلا أُحِب أنْ يُشفع فيه. شرح سنن أبي داود (14/ 663).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
وإنْ لم تصل -أي: الحدود- إلى الحاكم فهنا قد يجوز الشفاعة والتوسط، مثل لو أنَّ أحدًا رأى شخصًا يزني وشاهَدَه وعنده أربعة شهود على ذلك، ورأى أنَّ مِن المصلحة أن يُستتاب هذا الرّجل، فإذا تاب سَتر عليه، فلا بأس، أما بعد أنْ تبلغ السلطان، فلا يجوز. شرح رياض الصالحين (6/ 527).

قوله: «فقد ضادَّ اللهَ»:
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «ضادَّ اللهَ» أي: حاربَه وعانَده، وسعى في ضِدِّ ما أمر الله به من إقامة الحدِّ.فتح الودود في شرح سنن أبي داود(3/ 637).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
وإنما قال: «فقد ضادَّ اللهَ» لأنّ حدود الله حِمَاهُ، ومَن استباح حِمَى الله، وتعدَّى طَوْرَه، ونازَعَ الله تعالى فيما حَمَاهُ، فقد ضادَّ اللهَ. الكاشف عن حقائق السنن (8/ 2537).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فقد ضادَّ اللهَ» أي: خالَفَ أمْره؛ لأن أمْرَه إقامة الحدود. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فقد ضادَّ اللهَ» أي: صار مُمَانعًا لله، كما يُمَانِع الضِّدُّ ضِدَّه عن مراده. التحبير لإيضاح معاني التيسير (3/ 615-616).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«فقد ضادَّ اللهَ» أي: خالَف أمْره؛ لأن حُكْم الله فيه إقامة الحدود، وهذا بعد بلوغه إلى الإِمام. شرح المصابيح (4/ 216).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«فقد ضادَّ اللهَ» أي: خالفه فيما أمَرَ به من إقامة الحد، فكأنه صَار ضدًّا له بمخالفته، وردِّه حُكْمه بشفاعته.
وهذا الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد، فيمن يَعْلَم أنَّ فيه حدًّا لله تعالى، ويشفع فيه، أو يعلم أنه بلَغَ الإمامَ، فأمَّا مَن لا يعلم فلا إثم عليه -إن شاء الله تعالى-. شرح سنن أبي داود (14/ 663).

قوله: «ومَن خَاصَمَ في باطلٍ»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ومَن خاصم» أي: جادَل أحدًا. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«خاصم» أي: تخاصم. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (23/ 231).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «ومَن خاصم في باطل» تعميم بعد التخصيص. لمعات التنقيح (6/ 403).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
قوله: «في باطل» أي: خصومته في أَمر باطل. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (11/ 324).
وقال الغزالي -رحمه الله-:
الخصومة: لَجَاجٌ (تمادي في الخصومة) في الكلام؛ ليُسْتَوفَى به مالٌ أو حقٌّ مقصود؛ وذلك تارة يكون ابتداءً، وتارة يكون اعتراضًا، والمراء: لا يكون إلا باعتراض على كلام سبق. إحياء علوم الدين (3/ 118).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
الخصومة مَذمومة، وهي ورَاء المِراء والجِدَال، فإنَّ المِراء: طَعْن في كلام الغير؛ لإظهار خَلَلٍ فيه، من غير أن يرتبط به غرض، سوى تحقير الغير، وإظهار كيَاسَتِه.
والخصومة لَجَاجٌ في الكلام؛ ليستوفي به حقًا أو مالًا...، واعلم أنَّ الخصومة المذمومة الخصومة بغير حق، أو بحق لكنه لا يقتصر على قدْر الحاجة، بل يُظهر الزيادة في الخصومة، أو يَمْزِجُ بطلب حقه كلمات مؤذية، أو يجادل بغير علم، كالذي يخاصم بغير علم. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 38).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قال بعضهم: إياك والخصومة؛ فإنها تمحق الدِّين، ويقال: ما خاصم قَطُّ وَرِعٌ.شرح سنن أبي داود (14/ 664).

قوله: «وهو يعْلمُهُ»:
قال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «وهو يعْلمُهُ» أي: يَعْلَم أنه باطل.لمعات التنقيح (6/ 403).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وهو يعْلمُهُ» أي: يعْلَم أنه باطل، أو يعْلَم نفسَه أنه على باطل، أو يعْلَم أن خَصْمَه على حق، أو يعْلَم الباطل، أي: ضده الذي هو الحق، ويصرُّ عليه. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «وهو يعْلمُهُ» أي: يعلم كونه باطلًا، يجادل فيه؛ ليدحض به الحق، وهذا يشمل كل من جادل بباطل من الْمُتَمَذْهِبَةِ، وأهل علم الكلام، ويدخل فيه دخولًا أوليًّا كثير من الذين يتوكَّلُون عند الحكام في الخصومات. التحبير لإيضاح معاني التيسير (3/ 616).
وقال الشيخ عبد المحسن العبَّاد -حفظه الله-:
يعني: أنه دخل في خصومة يعلم أن صاحبها مُبْطِل، وسواء كان هو المباشر والخَصْم، أو أنه وكيل عن الخَصْمِ، فيكون كل منهما متوعَّدٌ بهذا الوعيد، حتى يترك هذا الباطل الذي دخل فيه.
والمحامي لا بد أنْ يَعرف أنَّ هذا المدعي الذي سَيُنِيْبُهُ على حق، وأنه ليس مُبطِلًا، فإن عرَفَ أنه مُبطِل، فلا يجوز له أن ينوب عنه؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، وأيضًا من أكْلِ أموال الناس بالباطل. شرح سنن أبي داود (ص: 2)

قوله: «لم يزل في سَخطِ اللهِ حتى يَنْزِعَ عنه»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«لم يزل في سَخَطِ الله» أي: غَضَبه الشديد، (حتَّى يَنْزِعَ) أي: يُقْلع ويَترُك. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 411).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«لم يزل في سَخَطِ الله» أي: غَضَبِه، «حتى يَنْزِعَ» أي: يُقْلع ويَترك، وهذا وعيد شديد على الشفاعة في الحدود، أي: إذا وصلَتْ إلى الإمام وثبتَت، كما يفيده أخبار أُخَر، وإلا فالسَّتر أفضل. فيض القدير (3/ 145).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «لم يزل في سَخَطِ الله» وهذا الذم الشديد له شرطان:
أحدهما: الذي يخاصم بالباطل.
والثَّاني: الذي يخاصم مع علمه أنه باطل، فأمَّا المظلوم الذي يخاصم فهذا لَجَاجُهُ ليصل إلى حقه بطريق الشرع من غير لَدَدٍ خُصومة شديدة وزيادة لَجَاجٍ، ولا قصْد إيذاء، فليس بحرام، ولكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلًا؛ فإنَّ ضبْط اللسان في الخصومة مُتعذِّرٌ، والخصومة تُوغِر الصدور، وتُهيِّج الغضب، وإذا هاج الغضب نسي المتخاصَم فيه، وبقي الحقد. شرح سنن أبي داود (14/ 664)
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
قوله: «حتى يَنْزعَ» أي: يرجع، ويتوب عنه. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (11/ 324).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «حتى يَنْزعَ» أي: ينْجَذِب عنه، ويميل إلى الحق، فيُسلِّم. شرح سنن أبي داود (14/ 664).
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «حتى يَنْزعَ» أي: يَترك تلك عن الخصومة في الباطل. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/ 637).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«حتى يَنْزعَ» أي: يَتْرُك وينتهي عن مخاصمته، يقال: نَزَعَ عن الأمر نُزوعًا إذا انتهى عنه. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«حتى يَنْزعَ» أي: يُقْلِع ويترك؛ وذلك لأنه حاول في إبطال أمر الله؛ فإنه لا حق فيه للإمام ولا لغيره، بل الحق لله، وهو عام حتى في حدِّ القذف بعد الرفع إلى الأمير. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 437).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
«لم يزل في سَخَطَ الله» غَضَبه؛ لما أتاه من إعانة الظلم، «حتى يَنْزعَ» يُقْلع عما هو عليه من الإعانة، فهذا وعيد شديد يفيد كُبر ذلك، وقد عدَّه الذهبي من الكبائر، ويدخل فيه شاهد الزور وغيره. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 119).

قوله: «ومَن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«ومَن قال في» عِرْض «مؤمن ما ليس فيه» من الباطل الذي فيه عيب. شرح سنن أبي داود (14/ 664).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «ومَن قال في مؤمن ما ليس فيه» أي: مما يَسُوؤُه ويُشِينُه، ويَحطُّ من شأنه، لا من قال فيه خيرًا؛ ليُصلح بينه وبين خَصْمِه، فقد أباح ذلك الشارع. التحبير لإيضاح معاني التيسير (3/ 616).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ومَن قال في مؤمن ما ليس فيه» أي: من الْمَسَاوِئ. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«ومَن قال في مؤمن ما ليس فيه» من القَبائِح والْمَسَاوِئ. شرح المصابيح (4/ 216).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«ومَن قال في مؤمن» أي: تكلَّم في مؤمن بِمَذَمَّتِه «ما ليس فيه» أي: افترى عليه، وليس فيه ذلك الوصف المذموم. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (11/ 325).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
الغِيبة: أنْ تَذكُر أخاك بما يَكْرهُه، وهو فيه، وإنْ لم يكن فهو بهتان ،كما ثبت في الحديث الصحيح، فمن قال في مؤمن ما ليس فيه لا يكون مُغتابًا، بل يكون آتيًا بالبهتان. مرقاة المفاتيح (11/ 246).

قوله: «أسكنه اللهُ رَدْغَةَ الخَبَالِ»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «أسكنه الله» أي: حَبَسَهُ، كما للطبراني. شرح سنن أبي داود (14/ 665).
وقال القاضي البيضاوي -رحمه الله-:
قوله: «رَدْغَةَ الخَبَالِ» وطِيْنَتُه واحدة، وهي عُصارة أهل النار، وصَدِيدُهم، وأصل الرَّدْغ: الماء والطين، والخَبَال: الفساد. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/ 526).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
«رَدْغَةَ الخَبَالِ»...الإضافة في الحديث للبيان. مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود (2/ 885).
وقال السندي -رحمه الله-:
والأقرب أنْ يُراد بالخَبَال: العُصَارَة، وبالرَّدْغَةِ: الطين الحاصل باختلاط العُصَارة بالتراب؛ لكونه سببًا لفساد العقل، والله تعالى أعلم. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/ 637).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
في بعض الشروح أنه (أي: الرَّدْغَةَ) بسكون الدال وفتحها، وأهل الحديث يَرْوُونَه بالسكون، والمراد به عُصارةُ أهل النار، والخَبَال بالفتح: الفساد، وسُمي به الصَّديد؛ لأنه من الموادِّ الفاسدة.
وقيل: الخَبَالُ موضع في جهنم، مثل الحِيَاض، يجتمع فيها صَديدُ أهل النار وعُصارتُهم. لمعات التنقيح (6/ 403).

قوله: «حتى يَخْرُجَ مما قال»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «حتى يخرج مما قال» أي: في المؤمن، وخروجه عنه بعد الموت لا يتم؛ لأنه لا يخرج إلا بالتوبة، ولا توبة بعد الموت، فليس إلا العذاب كما يشاءهُ الله، أو عفْوَ المؤمن عنه. التحبير لإيضاح معاني التيسير (3/ 617).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«حتى يخرج مما قال» أي: مِن عُهْدَتِهِ باسْتِيْفاء عُقوبته، أو باستدراك شفاعته، أو باستيفاء مغفرته. مرقاة المفاتيح (6/ 2367).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «حتى يخرج مما قال» أي: من إِثْمِهِ، أي: يتوب منه، أو يتَطَهَّر باستيفاء موجب إثمه في النار. لمعات التنقيح (6/ 403).
وقال السندي -رحمه الله-:
وقوله: «حتى يخرج» أُرِيْدَ به التوبة، كما هو الظاهر، والله تعالى أعلم. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/ 638).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«حتى يخرج مما قال» فيه، أي: يتخلَّص من إثم ما قال فيه من البهتان. شرح سنن أبي داود (14/ 665).
وقال القاضي البيضاوي -رحمه الله-:
وخروجه مما قال: أنْ يتوب عنه، ويستحلَّ من المقول فيه. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/ 526).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«حتى» على ما ذَهَب إليه القاضي (البيضاوي) غاية فِعْلِ المغتاب، فيكون في الدنيا، فيجب التأويل في قوله: «أسكَنه الله رَدْغَة الخَبَال» بسخط الله تعالى وغضبه الذي هو سبب في إسكانه رَدْغَة الخَبَال...
ثم الاغتياب لوضع المسبب موضع السبب تصويرًا لتهجن أمر المغتاب، وكأنه فيها الآن، والله أعلم. الكاشف عن حقائق السنن (8/ 2538).
وقال السندي -رحمه الله-:
فيه تغليظٌ وتهديد في حق الكاذب؛ إذ لا يمكن له إثبات ذلك، أو حتى يخرج عن إثم ما قال، فالنار وسائر العقوبات تطهير للآثام للمؤمن، أو هو غاية لقوله في الدنيا، أي: أسكنه مُدَّة ما قال، حتى يخرج.فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/ 637-638).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وهو -أي الحديث- تحريم للشفاعة في الحدود بعد بلوغها إلى الإمام لا قبله، فإنه يجوز، بل يُندب كما أفاده حديث: «تَعَافَوْا الحدودَ فيما بينكم، فما بلغني من حدٍّ فقد وَجَب». التحبير لإيضاح معاني التيسير (3/ 615-616).


ابلاغ عن خطا