الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«‌نَفْسُ ‌المؤمنِ ‌مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِه حتى يُقْضَى عنه».


رواه أحمد برقم: (9679)، والترمذي برقم: (1078)، وابن ماجه برقم: (2413) واللفظ لهما، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (6779)، مشكاة المصابيح برقم: (2915).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«‌مُعَلَّقَةٌ»:
أي: محبوسة عن الدخول في الجنة. حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/76-77).


شرح الحديث


 قوله: «‌نَفْسُ ‌المؤمنِ ‌مُعَلَّقَةٌ بدينِهِ»:
قال ابن الأثير -رحمه الله-:
قوله: «مُعَلَّقةٌ بدينه» يريد: أنها تطالبه بما تَخَلَّفَ عليه من الدَّين، ومُؤاخَذةً به في الآخرة بعد الموت إلى أن يُوفَّى ما عليه من الدَّين. الشافي في شرح مسند الشافعي (2/433).
وقال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «نفس المؤمن معلَّقة بِدَيْنِهِ» يعني: لا يدخل الجنة، ولا تدخل روحه بين أرواح الصالحين، أو لا تجد روحه لذَّةً ما دام عليه دين. المفاتيح في شرح المصابيح (3/469).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «مُعلَّقة بدينه» أي: لا يظفر بمقصوده من دخول الجنة، أو في زمرة عباد الله الصالحين، ويؤيد المعنى الثاني الحديث الآتي: «يشكو إلى ربه الوحدة يوم القيامة». شرح المشكاة (7/2178).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«نفس المؤمن» أي: روحه «مُعلَّقة» بعد موته «بدينه» أي: محبوسة عن مقامها الكريم الذي أُعِدَّ لها. فيض القدير (6/ 288).
وقال الكنكوهي -رحمه الله-:
قوله: «نفس المؤمن مُعلَّقة بِدَيْنِهِ» أي: لا يفوز بكماله، والفضل الذي هو له مُعَيَّنٌ، أي: لا يُؤْتَىْ له كله، وإلا فهو في رَوْحٍ وَرَيْحَان، وعلى هذا يُحمل ما ورد من أنَّ نفس المؤمن مأسورة بِدَيْنِهِ. الكوكب الدري على جامع الترمذي (2/210).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«نفس المؤمن» أي: روحه بعد موته، «مُعلَّقة» محبوسة عمَّا أُعِدَّ لها، أو عن دخول الجنة، «بِدَيْنِهِ» بسبب بقاء الدَّين في ذِمَّتِه. التنوير شرح الجامع الصغير (10/511).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «نفس المؤمن» يعني: روحه، «مُعلَّقة بِدَيْنِهِ» ما هو الدَّين؟ الدَّين: هو كل ما ثبت في الذّمة من قرض وثمن مبيع وأجرة وصَدَاق وعوض خُلْع، وغير ذلك، وعند كثير من الناس أنَّ الدَّين هو: ما أُخِذَ عن طريق التَّوَرُّق، والتَّوَرُّقُ: هو الذي جعله الناس تورُّقًا، وهو أن الإنسان يحتاج إلى دراهم، ولكن ما عنده شيء، فيأتي إلى شخص يقول له: أنا أريد أن تبيع عليَّ هذه السيارة التي تساوي عشرة آلاف باثني عشر ألفًا مُؤَجَّلًا إلى سنة، فيبيع السيارة عليه، ثم يأخذها هذا الرجل ويبيعها في السوق بعشرة، بثمانية؛ حسب ما يسوق الله له من رزق، ويأخذ الدراهم ينتفع بها... فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (2/512).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
«نفس المؤمن مُعلَّقة بدينه...» يعني: أن نفسه وهو في قبره مُعلَّقة بالدَّين؛ كأنها -والله أعلم- تتألَّم من تأخير الدَّين، ولا تفرح بنعيم ولا تَنْبَسِط؛ لأن عليه دينًا، ومن ثمَّ قُلْنا: إنه يجب على الورثة أن يبادروا بقضاء الدَّين. شرح رياض الصالحين (4/553).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«نفس المؤمن مُعلَّقة» أي: محبوسة عن مقامها الكريم «بـ» سبب «دينه» الذي مات وهو عليه. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (14/123).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «دين» يشمل دين الله ودين الآدمي.
دين الله: مثل لو كان على الإنسان كفارة عتق رقبة فهذا دين، أو إطعام ستين مسكينًا مثلًا فهذا دين، والدليل على ذلك: قوله -صلى الله عليه وسلم-: «دَيْن الله أحق بالوفاء»؛ فأثبت أن لله -سبحانه وتعالى- دينًا.
فإن قلتَ: هل يشمل ذلك الزكاة؟
نقول: إن كان الميت قد ترك إخراج الزكاة لا يريد إخراجها أبدًا؛ فإن هذا لا يجزئ أن نخرج عنه، ولا يلزمنا أن نخرج عنه؛ لأن الرجل قد عزم على ألا يخرجها، وأما إذا كان الرجل عنده تكاسل في الإخراج فقط فيقول: اليوم أُخرج، غدًا أُخرج، وما أشبه ذلك، فإن هذا يُخْرَجُ عنه، وقد ذكر ذلك ابن القيم في كتاب تهذيب السنن: أن الإنسان الذي يترك الزكاة ما نوى إخراجها وهو مُقِرٌّ بوجوبها؛ لكن لا يخرجها عصيانًا، فإنه في هذه الحال لا تُخْرَجُ عنه بعد موته، وأما إذا كان تهاونًا بأن يقول: اليوم أو غدًا ولكنه أتاه الأجل فإنها تُخْرَجُ عنه. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (2/514).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
«نفس المؤمن مُعلَّقة» أي: محبوسة عن مقامها الكريم.
وقال العراقي: أي: أمرها موقوف لا يُحْكَمُ لها بنجاة ولا هلاك؛ حتى يُنْظَر هل يُقضى ما عليها من الدَّين أم لا؟ انتهى.
وسواء ترك الميت وفاء أم لا، كما صرح به جمهور أصحابنا. قوت المغتذي شرح سنن الترمذي (1/326).
وقال الماوردي -رحمه الله-:
قوله: «نفس المؤمن مُعلَّقة بِدَيْنِهِ ...» محمول على مَن مات ولم يترك وفاءً. الحاوي الكبير (6/5).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
وشذَّ الماوردي فقال: إنَّ الحديث محمول على مَن لم يُخَلِّف وفاءً. قوت المغتذي شرح سنن الترمذي (1/326).
وقال الملا علي القاري رحمه الله:
والصحيح: أن الماوردي لم يَشُذَّ إِذْ وافقه جماعة، حيث حملوا الحديث على مَن لم يترك عند صاحب الدَّين ما يحصل به وفاء.
وأيضًا: الأنبياء مستثنون.
وأيضًا: قالوا: محله فيما إذا استدان لمعصية أو نيته أن لا يردها. مرقاة المفاتيح (5/1948).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «نفس المؤمن مُعلَّقة بِدَيْنِهِ ...» قيل: هذا محله في غير نفس الأنبياء، فإنها لا تكون مُعلَّقة بدين، فهي خصوصية. فتح الباري (5/142).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
وظاهر أنَّ مَن عصى بالاستدانة أو قصَّر في القضاء فذلك حاله، وإلا فالمرجو من الله العفو عنه، وإرضاء الخصوم. دليل الفالحين تطريز رياض الصالحين (6/423).
وقال ابن حجر -رحمه الله- عند حديث: «تُوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة»:
وفيه: دليل على أنَّ المراد بقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة: «نفس المؤمن مُعلَّقة بِدَيْنِهِ حتى يُقضى عنه» قيل: هذا محله في غير نفس الأنبياء، فإنها لا تكون مُعلَّقة بِدَينٍ، فهي خصوصية، وهو حديث صحَّحه ابن حبان وغيره: مَن لم يترك عند صاحب الدَّين ما يحصل له به الوفاء، وإليه جَنَحَ الماوردي. فتح الباري (5/ 142).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
وعندي: أن محمل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور: «نفس المؤمن مُعلَّقة» إلخ: أن يكون متساهلًا في الدَّين، بأن كان غير عازم على أدائه، أو مَاطَل صاحبه مع قدرته على الوفاء، والحجة في ذلك حديث الباب وهو حديث عائشة «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل، ورهنه درعًا من حديد» وهو أصح منه، ودعوى الخصوصية غير مقبولة؛ لأنها لا تثبت بدليل.
وأصرح من هذا: ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومَن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله»، فهذا نص صريح في أن مَن كانت نِيَّتُهُ صالحة في أداء دينه فإن الله -عزَّ وجلَّ- يؤدي عنه إن مات قبل الأداء، فَتَبَصَّرْ. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/37).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
إذا قلتَ: كيف يصح هذا الحديث وقد تُوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه دَيْنٌ، فهل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مُعلَّقة نفسه بدينه حتى يُقضى عنه أم ماذا؟
الجواب: أن يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رهن درعه عند هذا اليهودي فقد أَمِنَ الدَّين؛ ولهذا إذا أُمِّن الدَّين، كما فعل حين تحمَّل أبو قتادة الدَّين الذي على رجل من الأنصار، هذا هو الجواب، وبعض العلماء: أعلَّ هذا الحديث بالحديث الذي أشرت إليه. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (2/514).

قوله: «حتى يُقضى عنه»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«حتى يُقضى عنه» بالبناء للمجهول، والمعنى: أنه لا يظفر بمقصوده من دخول الجنة، أو من المرتبة العالية، أو في زُمرة عباد الله الصالحين.
ويؤيده الحديث الآتي: «يشكو إلى ربه الوحدة يوم القيامة»، أو لا تجد روحه اللذَّة ما دام عليه الدَّين. مرقاة المفاتيح (5/1959).
قال ابن الملك -رحمه الله-:
ثم قيل: الدائن الذي يُحبَس عن الجنة حتى يقع القصاص هو الذي صرف ما استدانه في سَفَهٍ أو سَرَفٍ، وأما من استدان في حق واجب لفاقته، ولم يترك وفاءً، فإنَّ الله لا يحبسه عن الجنة -إن شاء الله- شهيدًا كان أو غيره؛ لأنَّ السلطان كان عليه أن يؤدي دينه عنه، فإذا لم يؤدِّ عنه يقضي الله عنه بإرضاء خصمه؛ لما روى ابن ماجه عن عبد الله مرفوعًا: «أنّ الدائن يَقْتَصُّ يوم القيامة إلا مَن تَدَيَّن في ثلاث خِلال أي: خصال: رجل تَضْعُف قوته في سبيل الله فيستدين ليتقوى به على عدوه، ورجل يموت عنده المسلم فلا يجد ما يُجهِّزه به إلا الدَّين، ورجل خاف على نفسه العزوبة فَيَنْكِح خشية على دينه، فإن الله تعالى يقضي عن هؤلاء يوم القيامة». مبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار (2/651).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«حتى يُقضى» بالبناء للمفعول، أي: حتى يُوفَّى «عنه» ذلك الدَّين. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (14/123).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «حتى يُقضى دينه» يجوز أنْ يكون على بناء المفعول، وعلى بناء الفاعل؛ وحينئذٍ يُحتمل: أنْ يُراد: يقضي ورثته، فحُذِفَ المضاف، وأُسْنِدَ الفعل إلى المضاف إليه، وأنَّ المراد: يقضي المديون يوم الحساب دينه. الكاشف عن حقائق السنن (7/ 2183).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«حتى يُقضى عنه» بالبناء للمفعول أو الفاعل.
وحينئذٍ فيحتمل: أن يراد: يقضي المديون يوم الحساب دينه. ذكره الطيبي.
أو المراد: أن سروره مُعلَّق بدينه: أي: مشغول لا يتفرَّغ بما أمر به حتى يقضيه.
أو المراد بالدَّين: دينًا ادَّانه في فُضُول أو لمحرم، وإنما يُؤدي الله عمن أدَّان لجائز ونوى وفاءه. فيض القدير (6/ 288).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«حتى يُقضى عنه» بأن خلَّف له قضاء وأوصى به، أو قضاه عنه أحد من العباد؛ ذهب تعلُّق النفس به، وإلا بقي إلى يوم القيامة؛ حتى ينفصل القضاء ويقضي غريمه.
وفيه: حث على قضاء الدَّين، وإن لم يُخلِّف له قضاءً وقضاه الله عنه؛ فيحتمل: أنه لا يذهب المتعلَّق إلا يوم القيامة عند القضاء، ويحتمل: أنه يذهب بتكفُّل الله بقضائه ...، وهذا في الدَّين المأخوذ من مالكه برضاه، فكيف بمن أخذ أموال العباد غصبًا؟. التنوير شرح الجامع الصغير (10/511).
وقال الشيخ أحمد حطيبة -حفظه الله-:
قوله: «حتى يُقضى عنه دينه» يعني: سواء كان هذا القضاء من ماله إن كان له مال، أو أن الورثة جمعوا من مالهم ودفعوا ما عليه، أو أن إنسانًا صديقًا تصدق عنه بهذا المال فقضى عنه الدَّين، وإلا فإن هذا المتوفى سيظل محبوسًا بالدَّين، وفي الحديث الآخر: عندما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن الشهيد، هل يغفر له؟ فأخبر أنه يغفر له، ثم قال -صلى الله عليه وسلم- للسائل: «إلا الدَّين، فإن جبريل أخبرني آنفًا بذلك». شرح رياض الصالحين (92/2).
وقال الرافعي -رحمه الله-:
واستُحِبَّ لهذا الحديث: أن يبتدئ مَن يَلِي أمر مال الميت بقضاء ديونه بعد الفراغ من تجهيزه ودفنه. شرح مسند الشافعي (4/237).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وفيه: حث الإنسان على وفاء دينه قبل موته؛ ليسلم من هذا الوعيد الشديد. فيض القدير (6/ 288).
وقال المغربي -رحمه الله-:
في الحديث: دلالة على الاهتمام بقضاء الدَّين، وأن الميت لا يخلو عن الامتحان به حتى يُقضى عنه، وظاهره: ولو أوصى، -والله أعلم-. البدر التمام (4/134).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
هذا الحديث: من الدلائل على أنه لا يزال الميت مشغولًا بدينه بعد موته، ففيه حثٌّ على التخلُّص عنه قبل الموت، وأنه أهم الحقوق، وإذا كان هذا في الدَّين المأخوذ برضا صاحبه، فكيف بما أُخِذَ غصبًا ونهبًا وسلبًا؟!. سبل السلام (1/469).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
فيه: الحثُّ للورثة على قضاء دين الميت، والإخبار لهم بأن نفسه مُعلَّقة بدينه حتى يُقضى عنه، وهذا مُقَيَّد بمن له مال يُقضى منه دينه، وأما من لا مال له ومات عازمًا على القضاء فقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن الله تعالى يقضي عنه، بل ثبت أن مجرَّد محبة المديون عند موته للقضاء موجبة لتولي الله سبحانه لقضاء دينه، وإن كان له مال ولم يقضِ منه الورثة. نيل الأوطار (4/30).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
في هذا الحديث: الحثُّ على الإسراع بقضاء الدَّين عن الميت. تطريز رياض الصالحين (ص: 553).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
«نفس المؤمن مُعلَّقة بدينه حتى يُقضى عنه»، وهذا محمول على من ترك مالًا يقضى به عنه، أما من مات عاجزًا فيرجى ألا يتناوله هذا الحديث؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة: 286، وقوله سبحانه: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} البقرة:280، كما لا يتناول من بَيَّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة ومات ولم يتمكن من الأداء؛ لما روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومَن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله». مجموع الفتاوى (20/229).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
يستفاد من هذا الحديث: إثبات عذاب القبر؛ لأنه لا شك أن تعليق النفس ومنعها من السرور والفرح والانبساط نوع من العذاب.
ويستفاد منه: أهمية قضاء الدَّين في حال الحياة، وجه ذلك: أنه إذا مات الإنسان عَلِقَتْ نفسه، وكثير من الورثة ظلمة -والعياذ بالله-، تجده يرث الأموال الكثيرة من هذا الميت ويتباطأ في قضاء دينه، يقول مثلًا: أنا ورثت منه أراضي أنتظر حتى تزيد الأراضي، ثم نبيع ونقضي الدَّين، وهذا محرم؛ ولهذا قال العلماء: يجب على الورثة الإسراع في قضاء الدَّين وجوبًا، والله -عزَّ وجلَّ- جعل حق الورثة لا يرد إلا بعد قضاء الدَّين، قال: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} النساء: 12، فهم ليس لهم حق في أن يأخذوا شيئًا من الميراث إلا بعد قضاء الدَّين.
ويستفاد من هذا الحديث: عظم الدَّين، وأنه مهم جدًّا، ويدل لذلك: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي على من عليه دَيْن لا وفاء له، ويدل لذلك أيضًا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الشهادة في سبيل الله تُكَفِّرُ كل شيء إلا الدَّين، وهذا يدل على أهميته. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (2/513-514).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
«نفس المؤمن مُعلَّقة بدينه حتى يُقضى عنه»، وهذا يدل على أنه يجب على الإنسان أن يحذر من الدَّين. اللقاء الشهري (26/6)
وقال ابن قدامة -رحمه الله-:
وإن تعذَّر إيفاء دينه في الحال استحب لوارثه أو غيرهِ أنْ يتكفَّل به عنه كما فعل أبو قتادة لما أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بجنازة ولم يصلِّ عليها، قال أبو قتادة: صلِّ عليها يا رسول الله وعليَّ دينه. رواه البخاري.المغني(2/٣٠٨).

وللاستفادة ينظر فتوى للشيخ ابن باز -رحمه الله- في الدين المؤجل على أقساط (هنا) و (هنا)  


ابلاغ عن خطا