الأحد 23 رمضان 1446 هـ | 23-03-2025 م

A a

«سألَ رجلٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: متى الساعةُ يا رسول الله؟ قال: ما أعددتَ لها؟ قال: ما أعددتُ لها من كثيرِ صلاةٍ ولا صومٍ ولا صدقةٍ، ولكني أُحبُّ اللهَ ورسولَه، قال: أنت مع مَن أحببتَ».


رواه البخاري برقم: (6171)، ومسلم برقم: (2639) من حديث أنس -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الساعة»:
‌القيامة. الصحاح للجوهري (3/ 1233).
وقيل: الساعات التي هي القيامة ثلاث:
الساعة الكبرى: وهي بعث الناس للمحاسبة...
والساعة الوسطى: وهي موت أهل القرن الواحد...
والساعة الصغرى: وهي موت الإنسان. تاج العروس للزبيدي (21/ 241).

«ما أعددتَ؟»:
أي: ما هيَّأتَ لها من عمل. إرشاد الساري، القسطلاني (10/ 225).
‌‌وقال ابن فارس-رحمه الله-:
عَدَّ: العين والدال أَصل صحيح واحد لا يخلو من العَدِّ الذي هو الإحصاء، ومن الإعداد الذي هو تهيئة الشيء. مقاييس اللغة(4/ 29).
وقال الزبيدي-رحمه الله-:
والعُدَّة -بالضم-: ما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح، يقال: أخذ للأمر عُدَّته وعتاده، بمعنى: الأُهبة. تاج العروس (8/ 368).


شرح الحديث


قوله: «سألَ رجلٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: متى الساعة؟»:
قال الخطابي -رحمه الله-:
قلتُ: كان سؤال الناس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قيام الساعة على وجهين:
أحدهما: على معنى التَّعَنُّت له، والتكذيب بها.
والآخر: على سبيل التصديق بها، والشفق منها. أعلام الحديث (3/ 2206).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
حديث أنس: أنَّ رجلًا من أهل البادية قال: متى السَّاعَة؟ لم أعرف اسمه، لكن تقدَّم أنَّ في الدَّارقطني ما يدل على أنه ذو الخوَيْصِرَة اليماني...
وقيل: هو أبو موسى أو أبو ذر، وفيه نظر؛ لمجيئه من الطَّرِيق السَّابقة بلفظ: أنَّ رجلًا من أهل البادية، وقد تقدم قريبًا: أنه ذو الخوَيْصِرَة، ويحتمل: أنْ يكون الَّذي من البادية سأل أولًا، ثمَّ سأل أبو ذر أو أبو موسى. فتح الباري (1/ 333).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
وقد بيَّنت في مناقب عمر أنه ذو الخُويْصِرة اليماني الذي بال في المسجد، وأنَّ حديثه بذلك مُخرَّج عند الدارقطني، وأنَّ مَن زَعَمَ أنه أبو موسى أو أبو ذر فقد وَهِم، فإنهما وإنْ اشتركا في معنى الجواب، وهو أن المرء مع من أحب، فقد اختلف سؤالهما، فإن كلًّا من أبي موسى وأبي ذر إنما سأل عن الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم، وهذا سأل: متى الساعة؟ فتح الباري (10/ 555).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «متى الساعة؟» قائمة، يجوز فيه الرفع والنصب، وفي رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عند مسلم: «متى تقوم الساعة؟»، وكذا في أكثر الروايات. فتح الباري (10/ 555).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
ولعل الرجل سأل عنها خوفًا مما يكون فيها، ولو سأل استعجالًا لها لكان من جملة من قال تعالى فيه: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} الشورى: 18. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (32/ 457).

قوله: «ما أعددتَ لها؟»:
قال الخطابي -رحمه الله-:
فلما قال البدوي: «متى الساعة؟» امتحنه -صلى الله عليه وسلم- مستفهمًا حاله بقوله: «ما أعددتَ لها؟»؛ ليعلم هل هو ممن يسأل عنها عنتًا، أو ممن يسأل شفقًا وحذرًا. أعلام الحديث (3/ 2206- 2207).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
قال العاقولي: وقوله: «ما أعددتَ لها» من أسلوب الحكيم؛ لأنه سأل عن الوقت، فقيل له: ما لك ولها، إنما يهمك التزود لها، والعمل بما ينفعك فيها، فطرح الرجل ذِكْر أعماله؛ لأنه كان لا يرى لها قدرًا، ونظر إلى ما في قلبه من مخصوص محبة الله سبحانه ورسوله، فقدمه بين يديه. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (3/ 232).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
وأما قصد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «ما أعددتَ لها؟» فيحتمل شيئين:
أحدهما: أن ينظر: هل سؤاله سؤال مُكذِّب بها، أو خائف منها، أو راجٍ لخيرها؟
والثاني: أنَّ المراد: تهويل أمرها، فكأنه يقول: شأنها شديد، فَبِمَ تلقاها؟ فلما تكلم بما يقتضي الإيمان ألحقه بمن يحبه؛ لحسن نيته وقصده. كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 252).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: كيف طابق «ما أعددتَ لها؟» للسؤال؟
قلتُ: سلك مع السائل طريق الأسلوب الحكيم، وهو تَلَقِّيْ السائل بغير ما يطلب مما يهمه. الكواكب الدراري (22/ 35).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
فأعرض عن الجواب عن الساعة إلى ذكر الاستعداد لها؛ لأنه هو المأمور به، وهو الذي يعني السائل وغيره، وينبغي الاهتمام به. فتح الباري (1/ 216).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «ما أعددتَ لها؟» سلك مع السائل طريق الأسلوب الحكيم؛ لأنه سأل عن وقت الساعة وإبَّان (أي: وقت وأوان) إرسائها أي: وقوعها؛ فقيل له: {‌فِيمَ ‌أَنْتَ ‌مِنْ ‌ذِكْرَاهَا} النازعات: 43. وإنما يهمك أن تهتم بأُهْبَتِها أي: عُدَّتِها، وتعتني بما ينفعك عند إرسائها من العقائد الحقة والأعمال الصالحة. شرح المشكاة (10/ 3201).
وقال الكوراني -حمه الله-:
إنما سأله لأن المنافقين كانوا يسألون عنها تعنُّتًا، فلما ظهر له أنه ليس منهم أجابه بجواب حسن له. الكوثر الجاري (9/ 507).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
وفيه: دليل على جواز تنكيب العالم (أي: عدول العالم) بالفُتْيَا عن نفس ما سُئل عنه، إذا كانت المسألة لا تُعرف، أو كان مما لا حاجة بالناس إلى معرفتها، وكانت مما يخشى منها الفتنة، وسوء التأويل. شرح صحيح البخاري (8/ 222).

قوله: «ما أعددتُ لها من كثيرِ صلاةٍ ولا صومٍ ولا صدقةٍ، ولكني أُحبُّ اللهَ ورسولَه»:
قال القاضي عياض -رحمه الله-:
وقوله: «ما أعددتُ لها كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة» يريد فيما زاد على الفرائض -والله أعلم-؛ لكن في حبه لله تعالى ولرسوله بما ذكرناه من أعظم العبادة، وأفضل أعمال الطاعات، وهو عمل من أعمال القلب، ومحبة الله تعالى من أفضل مقامات الأولياء، وأعلى درجات الأصفياء. إكمال المعلم (8/ 120).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: أنَّ مَن أحب قومًا كان معهم، ومعنى ذلك: أنه أحبهم على الإيمان؛ لعملهم بالحق، فصار ذلك من مُحِبِّي الحق وحزبه، فكان له بمحبة الحق درجة الذين يؤثرون نصر الحق وظهوره، فألحقه الله تعالى بفضله بأهل الحق. الإفصاح عن معاني الصحاح (5/ 209).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «ما أعددتُ لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة» يعني بذلك: النوافل من الصلاة والصدقة والصوم؛ لأن الفرائض لا بد له ولغيره من فعلها، فيكون معناه: أنه لم يأتِ منها بالكثير الذي يُعْتَمَدُ عليه، ويُرْتَجَى دخول الجنة بسببه، هذا ظاهره، ويحتمل: أن يكون أراد أن الذي فعله من تلك الأمور -وإن كان كثيرًا- فإنه محتقر بالنسبة إلى ما عنده من محبة الله تعالى ورسوله، فكأنه ظهر له أن محبة الله ورسوله أفضل الأعمال وأعظم القُرَب، فجعلها عمدته، واتخذها عدته، -والله تعالى أعلم-. المفهم (6/ 646).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
فالمحبة الصحيحة لهم تقتضي مشاركتهم في أصل عملهم، وإن عجز عن بلوغ غايته. استنشاق نسيم الأُنْس (3/ 378).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«قال: ما أعددتُ لها إلا أني أحب الله ورسوله»، ولم يذكر غيره من العبادات القلبية والبدنية والمالية؛ لأنها كلها فروع للمحبة مترتبة عليها، ولأن المحبة هي أعلى منازل السائرين، وأغلى مقامات الطائرين، فإنها باعثة لمحبة الله أو نتيجة لها، قال تعالى: {‌يُحِبُّهُمْ ‌وَيُحِبُّونَهُ} المائدة: 54. وقال: {إِنْ ‌كُنْتُمْ ‌تُحِبُّونَ ‌اللَّهَ ‌فَاتَّبِعُونِي ‌يُحْبِبْكُمُ ‌اللَّهُ} آل عمران: 31. فكان من المعلوم الواضح عندهم أن المحبة المجردة من غير المتابعة ليس لها كثير فائدة ولا كبير عائدة. مرقاة المفاتيح (8/ 3135).

قوله: «أنت مع مَن أحببتَ»:
قال الخطابي -رحمه الله-:
فلما ظهر له إيمانه بالله ورسوله، وتصديقه بالبعث، قال له: «أنت مع مَن أحببتَ»؛ فألحقه بحسن النية من غير زيادة عمل بأصحاب الأعمال الصالحة. أعلام الحديث (3/2206-2207).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
والمراد المحبة الشرعية، فلا تدخل محبة عيسى من النصارى، ولا محبة علي من الروافض، ولا غيرهم. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 372).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«أنت مع مَن أحببتَ» اللفظ عام؛ لكون كل محبٍّ مع محبوبه من خير أو شرٍّ، ومعية الله مع الإنسان بالنصر والإعانة والتوفيق. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (3/ 232).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
علامة حب الله: حب رسوله، واتباع سبيله، والاقتداء بسنته...، وبيان هذا المعنى -والله أعلم-: أنه لما كان المحب للصالحين إنما أحبهم من أجل طاعتهم لله، وكانت المحبة عملًا من أعمال القلوب، واعتقادًا لها، أثاب الله معتَقِدَ ذلك ثواب الصالحين؛ إذ النية هي الأصل، والعمل تابع لها، والله يؤتي فضله من يشاء. شرح صحيح البخاري (9/ 332-333).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فيه: أن محبة الله ومحبة نبيه: الاستقامة على طاعتهما، وترك مخالفتهما، وإذا أحبهما تأَدَّب بأدب شريعتهما، ووقف عند حدودهما، وفي حبه لله ولنبيه ولمن أحبه من الصالحين، وميله بقلبه إليهم؛ إنما ذلك كله لله تعالى، وطاعة له، وثمرة صحة إيمانه، وشرح قلبه، وهو من أعظم الدرجات، وأرفع منازل الطاعات، ومن أعمال القلوب التي الأجر عليها أعظم من أجر أعمال الجوارح، وإثابة الله على ذلك أنْ رُفع إلى منزلة مَن أحَبَّه فيه، وإن لم يكن له أعمال مثل أعماله، وهو فضل الله يؤتيه من يشاء. إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 119).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «أنت مع من أحببتَ» أي: ملحق بهم وداخل في زمرتهم، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ ‌فَأُولَئِكَ ‌مَعَ ‌الَّذِينَ ‌أَنْعَمَ ‌اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} النساء: 69، ألحقه -صلى الله عليه وسلم- بحسن النية من غير زيادة عمل بأصحاب الأعمال الصالحة. شرح المشكاة (10/ 3201).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وهذه المحبة لله تُوْجِبُ المحبة في الله قطعًا، فإن من محبة الحبيب المحبة فيه والبغض فيه. روضة المحبين (ص: 412).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
ولفظ: «إلا أني أُحبُّ الله» يحتمل: أن يكون الاستثناء متصلًا أو منفصلًا، وسبب فرحهم أن كونهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدل على أنهم من أهل الجنة، فإن قلت: درجته في الجنة أعلى من درجاتهم فكيف يكونون معه؟
قلتُ: الْمَعِيَّة لا تقتضي عدم التفاوت في الدرجات. الكواكب الدراري (22/ 33- 34).
قال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «إنك مع مَن أحببتَ» أي: ملحق بهم حتى تكون من زمرتهم، وبهذا يندفع إيراد: أن منازلهم متفاوتة؛ فكيف تصح الْمَعِيَّة؟ فيقال: إن الْمَعِيَّة تحصل بمجرَّد الاجتماع في شيء ما، ولا تلزم في جميع الأشياء، فإذا اتُّفِقَ أن الجميع دخلوا الجنة صدقت الْمَعِيَّة وإن تفاوتت الدرجات. فتح الباري (10/ 555).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
وليس المراد بالْمَعِيَّة: التساوي؛ لأن هذا يقتضي التسوية في الدرجة بين الفاضل والمفضول، وذلك لا يجوز، بل المراد: كونهم في الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر، وإن بَعُدَ المكان؛ لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضًا، وإذا أرادوا الرؤية والتلاقي قدروا على ذلك. إرشاد الساري (9/ 101).
وقال النووي -رحمه الله-:
ثم إنه لا يلزم من كونه معهم أنْ تكون منزلته وجزاؤه مثلهم من كل وجه. شرح النووي على مسلم (16/ 186).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
فيه: فضل حب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، والصالحين ‌وأهل ‌الخير ‌الأحياء ‌والأموات، ومن فضل محبة الله ورسوله: امتثالُ أمرهما، واجتناب نهيهما، والتَّأَدُّب بالآداب الشرعية، ولا يُشتَرط في الانتفاع بمحبة الصالحين: أن يعمل عملهم، إذ لو عمله لكان منهم ومثلهم.شرح مسلم (16/ 186).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
فمن علامات محبة الله: محبَّة كل من أحبَّه الله، ومن اختصَّه الله وقرَّبه، أو نصَّ كتابه على محبَّته إيّاه من ملك ونبي ورسول وولي ومؤمن وتائب ومتطهر ومحسن ومجاهد. فتح القريب المجيب (12/ 158).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«قال -صلى الله عليه وسلم- له: أنت» في الجنة «مع مَن أحببتَ»؛ فألحقه بحسن نيته من غير زيادة عمل بأصحاب الأعمال الصالحة. إرشاد الساري (10/ 226).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«قال: أنت مع مَن أحببتَ» أي: مُلْحق بمن غلب محبَّته على محبة غيره من النفس والأهل والمال، ومُدْخَل في زمرته، ومن علامة المحبة الصادقة: أن يختار أمر المحبوب ونهيه على مراد غيره؛ ولذا قالت رابعة العدوية:
تعصي الإله وأنت تُظهِر حُبَّه *** هذا لعمرك في القياس بديع
لو كان حبُّك صادقًا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع.
مرقاة المفاتيح (8/ 3135).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- أيضًا:
فيه: إيماء إلى أن دعوى المحبة مع مجرد الطاعة الواجبة كافية، وللمَعِيَّة في الجملة دلالة صحيحة وافية، وأما دعوى المحبة مع ارتكاب المعصية فمذمومة، وأصحابها على هذا الادعاء مذؤومون، ثم لما كثُرَتْ المتابعة زادت المحبة وكملت الْمَعِيَّة حتى وصلت إلى هذه المرتبة العينية، والحالة الجمعية. شرح الشفا (2/ 38).
وقال إسماعيل حقي -رحمه الله-:
«أنت مع مَن أحببتَ»، وشرط كون المرء مع مَن أَحبَّ أن يشترك معه في الدِّين ويتَّحِد، ومن مقتضاه: إتيان المأمورات وترك المحظورات، فإن المحبة الكاملة لا تحصل إلا به، فمن خالف أمر الله تعالى وأمر نبيه فقد فارقهما، فكيف يحبهما مع البينونة؟. روح البيان (5/ 61).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ففي هذا الحديث: دليل على أنه ليس الشأن كل الشأن أن يسأل الإنسان متى يموت؟ ولكن على أي حال يموت؟ هل يموت على خاتمة حسنة؟ أو على خاتمة سيئة؟
ولهذا قال: «ماذا أعددتَ لها؟» يعني: لا تسأل عنها فإنها ستأتي.
قال تعالى: {‌يَسْأَلُونَكَ ‌عَنِ ‌السَّاعَةِ ‌أَيَّانَ مُرْسَاهَا} النازعات: 42، وقال تعالى: {يَسْأَلُكَ ‌النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} الأحزاب: 63، وقال تعالى: {‌وَمَا ‌يُدْرِيكَ ‌لَعَلَّ ‌السَّاعَةَ ‌قَرِيبٌ} الشورى: 17.
لكن الشأن ماذا أعددتَ لها؟ هل عملتَ؟ هل أنَبْتَ إلى ربك؟ هل تُبْتَ من ذنبك؟ هذا هو المهم. شرح رياض الصالحين (3/ 250 251).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
في هذا الحديث: الحثُّ على محبة الصالحين؛ لأن من أحبَّهم دخل معهم الجنة، والْمَعِيَّة تحصل بمجرد الاجتماع، وإنْ تفاوتت الدرجات. تطريز رياض الصالحين (ص: 250).


ابلاغ عن خطا