«مَنْ نَصَرَ أخاهُ بِظَهْرِ الغَيْبِ نَصَرَهُ اللهُ في الدنيا والآخِرة».
رواه البيهقي في الكبرى برقم: (16763)، وفي شعب الإيمان برقم: (7231) واللفظ له، من حديث أنس -رضي الله عنه-، والطبراني في المعجم الكبير برقم: (337)، والبزار برقم: (3542) من حديث عِمْران بن حُصَين -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (6574)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1217).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«بظهر الغيب»:
أي: في غيبته. السراج المنير شرح الجامع الصغير، للعزيزي (4/ 331).
شرح الحديث
قوله: «مَنْ نَصَرَ أخاهُ بِظَهْرِ الغَيْبِ»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«مَن نصر أخاه» في الإسلام «بظهر الغيب» زاد البزار في رواية: «وهو يستطيع نصره»، ونصره بالذَّبِّ عنه إنْ انتُهك عرضه، أو أُريد تسليط ظالم عليه، أو نحو ذلك. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 415).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«مَن نصر أخاه» في الدِّين «بِظهْر الغيب» أي: في غيبته، وهو يستطيع نصره. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 445).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
نَصْرُ المظلوم فرض كفاية على القادر إذا لم يترتب على نصره مفسدة أشد من مفسدة الترك، فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب، وبقي أصل الندب بالشرط المذكور، فلو تساوت المفسدتان خُيِّر، وشرط الناصِر: كونه عالمـًا بكون الفعل ظُلمًا. فيض القدير (6/ 233).
وقال الخادمي -رحمه الله-:
«من نصر أخاه المسلم بالغيب» بأي نُصرةٍ كانت. بريقة محمودية (3/ 191).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
وهذا محمولٌ على نصرة الحق، وإنْ كان اللفظ مُطلقًا. مرقاة المفاتيح (7/ 3076).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- أيضًا:
فإنْ لم ينصره وهو يقدر على نَصرهِ، أدركه الله -أي: عاقبه- بسبب عدم نصرهِ عند وجود قدرته في الدنيا والآخرة. مرقاة المفاتيح (14/ 272).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فإنَّ طريقته -صلى الله عليه وسلم- نصر المسلم، والقتال دونه، لا ترويعه وإخافته وقتاله. سبل السلام (2/ 373).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
يجب نصرة المسلم لأخيه إن اغْتُيْبَ، أو يريد ظالم يأخذه، أو يأخذ ماله، وهو قادر على نصرة أخيه، فيخذله، وسبحان الله! لقد صرنا في زمن خير الناس فيه من لم يُعِنْ عليك من ينتهك عرضك ومالك، ولم يسعَ بك إلى الظلمة. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 450).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
نصر المسلم لأخيه المسلم من واجبات الإسلام. ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (21/ 382).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
ومعنى ذلك: أنَّه إذا ذُكِرَ في غيبة بالسوء أن ينصرهُ، ويردَّ عنه، وإذا رأى من يريد أذاه في غيبته كفَّه عن ذلك، فإنَّ النصح في الغيب يدل على صدق الناصِح، فإنه قد يُظْهِرُ النُّصح في حضوره تملُّقًا، ويغشه في غيبته. جامع العلوم والحكم (ص: 81).
وقال ابن رجب -رحمه الله- أيضًا:
وأيضًا فإنَّ الأخ مِنْ شأنه أنْ يوصِلَ إلى أخيه النَّفع، ويكفَّ عنه الضَّرر، ومن أعظم الضرِّ الذي يجبُ كفُّه عَنِ الأَخِ المسلم: الظُّلم، وهذا لا يختصُّ بالمسلم، بل هو محرَّمٌ في حقِّ كلِّ أحَدٍ...، ومِنْ ذلك: خِذلانُ المسلم لأخيه، فإنَّ المؤمن مأمورٌ أنْ يَنصُرَ أخاه. جامع العلوم والحكم (3/986- 987).
وقال المناوي -رحمه الله-:
ومما ورد في الوعيد على ترك نصرة المظلوم: ما في الطبراني عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعًا: «أُدخل رجل قبره، فأتاه ملكان فقالا له: إنا ضاربوك ضربةً، فقال: علامَ تضرباني؟ فضربوه ضربةً، فامتلأ القبر نارًا، فتركاه حتى أفاق، وذهب عنه الرعب، فقال: علامَ تضرباني؟ فقالا: إنك صليتَ صلاة وأنت على غير طهور، ومررتَ برجلٍ مظلوم، فلم تنصره». فيض القدير (5/ 471).
وقال الشيخ محمود الخزندار -رحمه الله-:
المبادرة إلى نصرة الأخ في الله في الدنيا -وخاصة في حال غيابه حيث تسقط المجاملات، وتظهر حقيقة المشاعر، وتخلص النصرة لله- يكون من ثمرتها: أنْ يُسخِّر الله للناصر مَن يقف إلى جانبه، وينصره في الدنيا، ويتولاه الله في الآخرة، كما في الحديث: «مَن نصر أخاه بظهر الغيب، نصره الله في الدنيا والآخرة». هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقًّا (ص: 60).
قوله: «نَصَرَهُ اللهُ في الدنيا والآخِرة»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «نصره الله في الدنيا والآخرة»، وهذا في ظهر الغيب، ونصْره وهو حاضر مُتعيِّن أيضًا، وإنما خصَّ حال غيبته؛ لأنها حالة قلَّ ما يُوجَد فيها الناصِر. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 415).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«نَصره اللهُ في الدُّنيا والآخِرة» جزاءً وِفَاقًا، ونصر المظلوم فرض كفاية على القادر. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 445).