الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«مَن ‌أكل ‌أو ‌شرب ‌ناسيًا ‌وهو ‌صائم ‌فلا ‌يفطر، ‌فإنما ‌هو ‌رِزْقٌ ‌رَزَقَهُ الله».


رواه أحمد برقم: (9136)، ورقم: (10348) وأبو داود برقم: (2398)، والترمذي برقم: (721) واللفظ له، وابن ماجه برقم: (1673)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأصله في البخاري برقم: (1933)، ومسلم برقم: (1155).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «مَن ‌أكل ‌أو ‌شرب ‌ناسيًا»:
قال السفاريني -رحمه الله-:
قوله: «مَنْ» أي: أي شخصٍ ذكرٍ أو أنثى. كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (3/ 511-512).
وقال القاري -رحمه الله-:
قوله: «أكل أو شرب»، وفي رواية البخاري: «فأكل وشرب». مرقاة المفاتيح (4/ 1390).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
«أكل أو شرب» سواءً كان الأكل أو الشرب قليلًا أو كثيرًا. كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (3/ 512).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«أكل أو شرب» سواءً كان قليلًا أو كثيرًا، كما رجَّحه النووي؛ لظاهر إطلاق الحديث. مرعاة المفاتيح (6/ 492).
وقال النووي -رحمه الله-:
إذا أكل أو شرب... أو فعل غير ذلك من منافيات الصوم ناسيًا لم يفطر عندنا، سواء قلَّ ذلك أم كثر، هذا هو المذهب والمنصوص، وبه قطع المصنف الشيرازي في المهذب، والجمهور من العراقيين، وغيرهم، وذكر الخراسانيون في أكل الناسي إذا كَثُر وجهين، ككلام الناسي في الصلاة إذا كثر، والمذهب: أنه لا يفطر هنا وجهًا واحدًا؛ لعموم الأحاديث السابقة؛ ولأنه قد يستمر به النسيان حتى يأكل كثيرًا، ويندر ذلك في الكلام في الصلاة. المجموع شرح المهذب (6/ 324).
وقال العيني -رحمه الله-:
لا فرق عندنا وعند الشافعي بين القليل والكثير، وقال الرافعي: فيه وجهان، كالوجهين في بطلان الصلاة بالكلام الكثير. عمدة القاري (11/ 18).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
إطلاق الحديث يدلُّ على أنَّه لا يفطر وإنْ أكل كثيرًا، وقال مالك: يبطل الصوم، وفي الكثير قولٌ للشافعي. شرح المصابيح (2/ 521).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
الاقتصار على الأكل والشرب لأنهما الأغلب، وإلا فكل المفطرات حكمها كذلك، ولا فرق بين قليل ما ذكر وكثيره حينئذٍ، وفارق بطلان الصلاة بالأكل ناسيًا كثيرًا بأن لها هيئة تُذْكَرُ بها، ولا كذلك الصوم. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/ 51).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «أكل أو شرب» خصَّهما من بين المفطرات لنُدْرَة غيرهما كالجماع. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 414).
وقال المغربي -رحمه الله-:
قوله: «أكل وشَرِبَ» ظاهره اختصاص الحُكْم المذكور بالأكل والشرب دون سائر المفطرات، وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث: «مَن أفطر» فيعم الجماع. البدر التمام شرح بلوغ المرام (5/ 56).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
وتعليق الحُكْم بالأكل والشرب لا يقتضي من حيث هو مخالفة في غيره؛ لأنه تعليق الحُكْم باللقب، فلا يدل على نفيه عما عداه، أو لأنه تعليق الحُكْم بالغالب، فإنَّ نسيان الجماع نادر بالنسبة إليه، والتخصيص بالغالب لا يقتضي مفهومًا.
وقد اختلف الفقهاء في جماع الناسي هل يُوجِب الفساد على قولنا: إنَّ أكل الناسي لا يوجبه؟ واختلف أيضًا القائلون بالفساد هل يُوجِب الكفارة؟ مع اتفاقهم على أكل الناسي لا يُوْجِبُها، ومدار الكل على قصور حالة المجامِع ناسيًا عن حالة الأكل ناسيًا فيما يتعلَّق بالعذر والنسيان، ومَن أراد إلحاق الجماع بالمنصوص عليه فإنما طريقه القياس، والقياس مع الفارق مُتعذِّر، إلا إذا بيَّن القائسُ أنَّ الوصف الفارق مُلْغَىً. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (ص: 270-271).
وقال المغربي -رحمه الله-:
وقد عرفتَ أنَّ ذلك أي: قياس الجماع على الأكل والشرب في النسيان مدلول عليه بالعموم...، وإنما خصَّ الأكل والشرب في الرواية الأخرى؛ لكونهما أغلب وقوعًا؛ ولعدم الاستغناء عنهما غالبًا. البدر التمام شرح بلوغ المرام (5/ 56).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
وكذلك هذا في الجماع إذا كان منه في الصوم ناسيًا. أعلام الحديث (2/ 961).

قوله: «وهو صَائِمٌ، فلا يُفْطِرْ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«وهو صائم» أي: والحال أنه صائم. فيض القدير (6/ 232).
وقال العيني -رحمه الله-:
في رواية الترمذي: «فلا يفطر» قال شيخنا (أي: العراقي): يجوز أنْ تكون (لا) في جواب الشرط للنهي، و«يفطر» مجزومًا، ويجوز أن تكون (لا) نافية و«يفطر» مرفوعًا، وهو أولى، فإنه لم يُرِدْ به النهي عن الإفطار، وإنما المراد: أنه لم يحصل إفطار الناسي بالأكل، ويكون تقديره: مَن أكل أو شرب ناسيًا لم يفطر. عمدة القاري (11/ 18).
وقال المازري -رحمه الله-:
تعلَّق المخَالِف في إسقاط القضاء عمَّنْ أكل في رمضان ناسيًا بظاهر هذا الخبر، ومحمله عند المالكية الموجبين للقضاء على نفي الحرج، والإثم بنسيانه. المعلم بفوائد مسلم (2/ 63).
وقال النووي -رحمه الله-:
فيه: دلالة لمذهب الأكثرين: أنَّ الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا لا يفطر، وممن قال بهذا: الشافعي وأبو حنيفة وداود وآخرون.
وقال ربيعة ومالك: يفسد صومه، وعليه القضاء دون الكفارة، وقال عطاء والأوزاعي والليث: يجب القضاء في الجماع دون الأكل، وقال أحمد: يجب في الجماع القضاء والكفارة، ولا شيء في الأكل. شرح النووي على مسلم (8/ 35).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
وعند مالك: يبطل الصَّوم بالأكل ونحوه ولو ناسيًا، ويجب القضاء، والحديث صريح في رَدِّهِ. كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (3/ 513).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وقال الداودي: لعل مالكًا لم يبلغه الحديث، أو أوَّله على رفْع الإثم. فتح الباري (4/ 155).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
قوله: «فلا يفطر» بيان لأن النسيان لم يُسْقِط حرمة الصوم، وإنْ كان قد أعدمه حُكمًا، بل كذلك يقول في قيء المتعمِّد. عارضة الأحوذي (3/ 197).

قوله: «فإنَّما هو رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ»:
قال السيوطي -رحمه الله-:
للترمذي: «فإنَّما هو رزق رزقه الله»، وللدارقطني: «ساقه الله إليه». التوشيح شرح الجامع الصحيح (4/ 1437).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«إنما» للحصر...، فدل على أنَّ هذا النسيان من الله، ومن لطفه في حق عباده تيسيرًا عليهم، ورفعًا للحرج، وعلى هذا قضاء الصلاة بعد النسيان. الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1592).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «فإنما» تعليل لكون الناسي لا يفطر، ووجه ذلك: أنَّ الرزق لما كان من الله، وليس فيه للعبد تَحَيُّل، فلا يُنسب إليه، شُبِّهَ الأكل ناسيًا به؛ لأنه لا صنع للعبد فيه، وإلا فالأكل متعمدًا حيث جاز له الفطر، رِزْقٌ من الله تعالى بإجماع العلماء، وكذلك هو رِزْق وإنْ لم يَجُزْ له الفطر على مذهب أهل السنة، وقد يَستدِل بمفهوم هذا الحديث من يقول: بأنَّ الحرام لا يُسمَّى رزقًا، وهو مذهب المعتزلة، والمسألة مقرَّرة في الأصول. عمدة القاري (11/ 18).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «فإنما هو رزق» يعني: أنَّه ليس له فيه مدخل، فكأنه لم يُوجَد منه فِعْلٌ. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (21/ 404).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
المعنى: أنه لم يأكل وهو ذاكر، إنما أطعمه الله وسقاه، ولا يعْقُب إطعام الله لعبده حرج، ولا نقص في عبادة، ولا حرمان من خير، فكان ما أطعمه الله صدقة عليه، واحتسب له بصيامه، وهذا الحديث يحتج به أحمد، وهو حجة الفقهاء كلهم في صحة صوم الآكل والشارب ناسيًا، وأنه لا يقضي سوى مالك وحده؛ فإنه يُوجِب عليه القضاء. الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 184).
وقال القاري -رحمه الله-:
ثم لما لم يكن أكله وشربه باختياره المقتضي لفساد صومه، بل لأجل إنسائه تعالى له لطفًا به، وتيسيرًا عليه، بدفع الحرج عن نفسه، علَّله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «فإنما أطعمه الله وسقاه». مرقاة المفاتيح (4/ 1390).
وقال السندي -رحمه الله-:
كأنَّ المراد: قطْع نِسْبة ذلك الفعل إلى العبد بواسطة النسيان، فلا يُعَدُّ فعله جناية منه على صومه، مفسدًا له، وإلا فهذا القدر موجود في كل طعام وشراب يأكله الإنسان، أكله عمدًا أو سهوًا. حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 514).

وينظر للاستفادة الرواية الأخرى من (هنا)

ومن (هنا)


ابلاغ عن خطا