«إذا اشْتَكَى العبدُ المسلم، قيل للكاتب الذي يكتب عمله: اكْتُبْ له مثل عمله إذ كان طليقًا، حتى أقبضه أو أُطْلِقَهُ».
رواه أحمد برقم: (6916)، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.
صحيح الجامع برقم: (343)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1232).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«اشْتَكَى»:
أي: إذا مرض. السراج المنير شرح الجامع الصغير، للعزيزي (1/ 91).
«طليقًا»:
الطَليق: بمعنى الْمُطلَق، إذا كان صحيحًا، وهو مفعول من أطلق، إذا خَلَّى أحدًا، ورفع عنه القيد. المفاتيح في شرح المصابيح، للمظهري (2/ 405).
«أُطْلِقَهُ»:
أي: أرفع عنه المرض. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 405).
شرح الحديث
قوله: «إذا اشْتَكَى العبدُ المسلم»:
قال المناوي -رحمه الله-:
أي: أخبر عما يُقَاسيه من ألم المرض، هذا أصله، والمراد هنا: إذا مرض، سمى المرض: شكوى؛ لأنه يشكو منه غالبًا إلى غيره. فيض القدير (1/ 283).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«إذا اشتكى» من الشكاية، وهي المرض. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 567).
قوله: «قيل لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ به: اكْتُبْ له مثل عَمله إذا كان طَلِيقًا»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«للملك الموكل به» أي: صاحب الحسنات. مرقاة المفاتيح (3/ 1139).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«إذا كان طليقًا» أي: إذا كان صحيحًا؛ يعني: أكتب له من الثَّواب في المرض بقدر ما كنتُ أكتبُ له في حال الصِّحة. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 405).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
المعنى: اكتبْ له مثل عَمله حين كان صحيحًا. شرح المشكاة (4/ 1348).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«إذا كان طليقًا» أي: مُطلقًا من المرض الذي عرضه؛ أي: إذا كان صحيحًا لم يقيده المرض عن العمل. شرح المصابيح (2/ 321).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«قيل» أي: قال الله تعالى ... ودل عليه قوله هنا: «حتى أُطْلِقَهُ».
«لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ به» أي: صاحب الحسنات.
«اكتب له مثل عمله إذا كان طَلِيقًا» أي: مطلقًا من المرض الذي عرض له غير مقيد به، مِنْ أطلقه إذا رفع عنه القيد، أي: إذا كان صحيحًا لم يقيده المرض عن العمل، كذا ذكره ميرك. مرقاة المفاتيح (3/ 1139).
قوله: «حتى أقبضه أو أُطْلِقَهُ»:
قال ابن الملك -رحمه الله-:
«أُطْلِقَهُ» أي: أكتب إلى حين أرفع عنه قيد المرض...، وفي رواية: «فإن شفاه غَسَّلَهُ» من الذنوب «وَطَهَّرَهُ، وإن قَبَضَهُ»؛ أي: أماته «غَفَرَ له ورحمَه». شرح المصابيح (2/ 321).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
لا يقال إلا في النوافل، ولا يقال ذلك لِمُؤَدِّي الفرائض خاصة؛ لأن المريض والمسافر لا تسقط عنهما صلوات الفرائض؛ فسنة المريض الجلوس، وسنة المسافر قصر الصلاة، فلم يَبْقَ أن يكتب للمريض والمسافر إلا أجر النوافل، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «ما من امرئ تكون له صلاة من الليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه»، وهذا لا إشكال فيه. شرح صحيح البخاري (5/ 154-155).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وهو في حق من كان يعمل طاعة فَمُنِعَ منها وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها، كما ورد ذلك صريحًا عند أبي داود من طريق العوام بن حوشب بهذا الإسناد في رواية هشيم، وعنده في آخره: «كأصلح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم».
ووقع أيضًا في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: «إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة، ثم مرض قيل للملك الموكل به: اكتب له مثل عمله إذا كان طليقًا حتى أُطْلِقَهُ أو أَكْفِتَهُ إِلَيَّ»، أخرجه عبد الرزاق وأحمد وصححه الحاكم.
ولأحمد من حديث أنس رفعه: «إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله، فإن شفاه غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ، وإن قبضه غفر له ورحمه».
ولرواية إبراهيم السكسكي عن أبي بردة متابع أخرجه الطبراني من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده بلفظ: «إنَّ الله يكتب للمريض أفضل ما كان يعمل في صحته ما دام في وَثَاقِهِ» الحديث.
وفي حديث عائشة عند النسائي: «ما من امرئ تكون له صلاة من الليل يغلبه عليها نوم أو وجع؛ إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة». فتح الباري (6/ 136-137).
وللاستفادة من الراوية الأخرى ينظر (هنا)