«مَن خَافَ أنْ لا يقومَ مِن آخِرِ الليلِ فليُوتِرْ أَوَّلهُ، ومَن طَمِعَ أنْ يقومَ آخرَه فَلْيُوتِرْ آخِرَ الليلِ؛ فإنَّ صلاةَ آخِرِ الليلِ مَشهُودةٌ، وذلك أفضلُ». وقال أبو معاوية: «محضُورةٌ».
رواه مسلم برقم: (755)، من حديث جابر -رضي الله عنه-.
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«فليُوتِرْ»:
الوتر: الواحد، وصلاة الوتر: هي صلاة تُؤدى من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر؛ سُمِّيت بذلك لأنها تُصلى وترًا، ركعة واحدة، أو ثلاثًا، أو أكثر. الكافي في فقه أهل المدينة، لابن عبد البر (1/ 255) والتنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة، للقاضي عياض(1/ 139).
«طَمِعَ»:
أي: رَجَا وَوَثِقَ بالانتباه من النوم. لمعات التنقيح (3/ 374) والكوكب الوهاج (9/ 422).
وقال ابن منظور-رحمه الله-:
طَمِعَ فيه وبه...حَرِصَ عليه ورَجَاهُ. لسان العرب(8/ 239).
وقال الفيومي-رحمه الله-:
وطَمِعَ أكثر ما يستعمل فيما يَقْرُبُ حُصوله، وقد يُستعمل بمعنى الأمل. المصباح المنير(2/ 378).
«مَشْهُودَةٌ»:
أي: تشهدها الملائكة، وتَكتب أَجرها للمصلي. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 513).
«محضورة»:
أي: يحضرها ملائكة الليل والنهار، هذه صاعدة وهذه نازلة.النهاية في غريب الحديث والأثر(2/513)
شرح الحديث
قوله: «مَن خافَ أنْ لا يقومَ من آخِرِ الليلِ»:
قال ابن الملك -رحمه الله-:
«مَن» فيه للتبعيض، أو بمعنى: في. شرح مصابيح السنة (2/181).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«مَن خاف» أي: ظَنَّ أو توَهَّم. دليل الفالحين (6/ 606-607).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«مَن خاف» أي: عَلِمَ أو ظَنَّ. الكوكب الوهاج (9/ 422).
وقال محمد الأمين الهرري -رحمه الله- أيضًا:
«أن لا يقوم من آخر الليل» أي: أن لا يستيقظ في أواخر الليل. الكوكب الوهاج (9/ 422).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
مَن خاف أن لا يقوم من آخر الليل؛ إما لكون نَوْمه ثقيلًا لا يستطيع، إذا نام ما استطاع أن يقوم، أو لكونه احتاج إلى السهر، أو لكونه مريضًا، أو مُثقلًا بما يدعوه إلى الإخلاد، إلى الراحة، مثل هذا يُوتر من أول الليل. شرح المحرر في الحديث (30/ 16).
قوله: «فلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ»:
قال ابن الملك -رحمه الله-:
«فليُوتِرْ أوَّلَه» أي: ليُصلي الوتر في أول الليل. شرح مصابيح السنة(2/ 181).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «فليُوتِر أَوَّله» وزاد في رواية: «ثم ليرقُد». لمعات التنقيح (3/ 374).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فليُوتِرْ أوَّلَه» احتياطًا ومسارعة لأداء العبادة. دليل الفالحين (6/ 606-607)
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فليُوتِرْ أوَّلَه» وهذا الإيتار مأذونٌ فيه على تقدير: أنّ لا يَظُن قيام آخر الليل. [التحبير لإيضاح معاني التيسير (5/ 832).
وقال الشيخ محمد علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«فليُوتِرْ أوَّلَه» منصوب على الظرفية؛ أي: فلْيُصَلِّ الوِتْرَ في أول الليل. البحر المحيط (15/ 612).
قوله: «ومَن طَمِعَ أنْ يقومَ آخِرَه»:
قال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«ومَن طَمِعَ» أي: يَثِقُ بالانتباه عن النوم. لمعات التنقيح (3/ 374).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ومَن طَمِعَ» بالنصب على نزْعِ الخَافِض، أي: في آخره؛ بأنْ يَثِق بالانتباه «فليُوتِر آخر الليل». مرقاة المفاتيح (3/ 943).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«ومَن طَمِعَ» بحسب عادته، أو لوجود من يُوقِظه «أن يقوم» أي: في القيام «آخره» أي: الليل، «فليوتر آخر الليل». دليل الفالحين (6/ 607).
وقال محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«ومَن طَمِعَ» ورجا أي: ظَنَّ أو عَلِمَ «أن يقوم» ويستيقظ، «آخره» أي: في آخر الليل، «فليُوتِر» أي: فليؤخر وتره إلى «آخر الليل». الكوكب الوهاج (9/ 422).
قوله: «فَلْيُوتِرْ آخِرَ الليل»:
قال النووي -رحمه الله-:
السُّنة جعل آخر صلاة الليل وترًا، وبه قال العلماء كافَّةً. شرح النووي على مسلم (6/ 22).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
تأخيرُ الوتر أفضلُ لمن قوِيَ عليه، وأنَّ تعجيلَه حزمٌ؛ لئلا يفوتُ بطلوع الفجر. المفهم (2/ 385).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
«آخِرَ الليل» أي: في آخر الليل، وهو بيان للأكمل، وإلا فالوتر يصح في أول الليل، ووسطه أيضًا. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (8/ 48).
وقال محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
أي: ليُصَلِّ الوتر في آخر الليل. البحر المحيط (15/ 612).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
إنْ كنتَ ترجو أنْ ستُوتِر من آخر الليل فاجْعَل الوتر في آخر الليل، وإن كنتَ تخاف ألا تقوم فاجْعَل الوتر مِن أول الليل، لا تَنَمْ إلا مُوْتِرًا؛ ولهذا أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا هريرة أن يُوتِرَ قبل أن ينام؛ لأن أبا هريرة كان يقرأ أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أول الليل، وينام في آخره، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُوتِرَ قبل أن ينام. شرح رياض الصالحين (5/ 149).
قوله: «فإنَّ صلاةَ آخِرِ الليلِ»:
قال العيني -رحمه الله-:
آخر الليل وهو الثلث الأخير منه. عمدة القاري (7/ 196).
قوله: «مَشْهُودَة»:
قال النووي -رحمه الله-:
«مَشْهُودَةٌ» يشهدها ملائكة الرحمة، وفيه دليلان صريحان على تفضيل صلاة الوتر وغيرها آخر الليل. شرح النووي على مسلم (6/ 35).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«مَشْهُودَةٌ» أي: محضُورة؛ أي: فِعْل الصلاة في هذا الوقت فِعْل الأنبياء والأولياء وغيرهم من عباد الله. المفاتيح (2/ 285).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«مَشْهُودَةٌ» أي: يشهدها ملائكة الليل والنهار، ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء، فهو آخر ديوان الليل، وأول ديوان النهار، أو يشهدها كثيرٌ من المصلِّين في العادة. شرح المشكاة (4/ 1222).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«مَشْهُودَةٌ» أي: محضُورة؛ تحضرها ملائكة الرّحمة. شرح المصابيح (2/ 181).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«مَشْهُودَةٌ» أي: يَشْهَدُها ويحْضُرها ملائكة الليل والنهار، هذه نازِلَةٌ، وهذه صاعِدة، فهي أقرب إلى الرحمة والقبول، أي: يحضرها أهل الطاعة من سُكَّان السماوات والأرض. لمعات التنقيح (3/ 375).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
أي: شَهِدَها الملائكة المتعاقبون، والذين ينزلون بالنفحات الإلهية، والفِيُوض الربانية، المدلُولُ عليهم بقوله: «إذا بقي ثلثُ الليل ينزل ربُّنا»... الحديث. دليل الفالحين (6/ 607).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«مَشْهُودَةٌ» أي: تشهدها ملائكة الرحمة.
وفيه: دليل صريح على أنَّ مَن وَثَق باستيقاظه آخر الليل فتأخيره الوتر إلى آخره أفضل، ومن لا يثق بذلك فتقديمه أفضل. التحبير (5/ 832).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
ثم بيَّن سبب الحثّ على الإيتار في آخر الليل لمن وثِقَ بالانتباه بقوله: «فإنَّ صلاة آخر الليل» الفاء تعليليّة؛ أي: لأن الصلاة في آخر الليل «مشهودة» أي: محضورة، تحضرها ملائكة الرّحمة. البحر المحيط (15/ 612).
قوله: «محضُورة»:
قال ابن الجوزي -رحمه الله-:
أي: تحضرها ملائكة الرّحمة.كشف المشكل (3/107).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وهو مِثْل قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}الإسراء: 78 ، وهذا لمن جرت عادته بالقيام وقوي عليه، ولم تكن عادته أن تغلبهُ عيناهُ؛ ولهذا قال - عليه السلام - لعمر: «أخذتَ بالعزم» أي: بالقوة، ولأبي بكر: «بالحزم» أي: بالاحتياط. إكمال المعلم بفوائد مسلم(3/90).
قوله: «وذلك أفضل»:
قال الطيبي -رحمه الله-:
«وذلك» أي: الإيتار في آخر الليل... «أفضل» فثوابه أكمل؛ لحضور ملائكة الرّحمة والبركة والاستغفار؛ ولوقوعه في أفضل أوقات الليل من الأسحار، ومشاركته مع القائمين الأبرار. شرح المشكاة (4/ 1222).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«وذلك» أي: الإيتار في آخر الليل «أفضل». شرح المصابيح (2/ 181).
وقال القاري -رحمه الله-:
«وذلك» أي: الإيتار في آخر الليل، وأبعد مَن قال: أي: الإيتار في أول الليل، محتجًّا بأن (ذلك) إنما يُشار بها للبعيد؛ لأنه يُشار بها للقريب أيضًا إشارة إلى بُعْدِ منزلته، كما في: {ذَلِكَ الكِتَاب لَا رَيْبَ فِيهِ} البقرة: 2. مرقاة المفاتيح (3/ 943).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«وذلك أفضل» أي: إيتار آخر الليل، وقد أشار إلى سببه بقوله: «مشهودة» فهي من هذه الجهة أفضل بالذات، وقد يَعْرِض للإيتار أول الليل ما يجعله أولى بالنسبة إلى شخص وأليق بحاله وأحوط، وقد جاء في حديث أبي داود عن أبي قتادة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر -رضي الله عنه-: «متى توتر؟» قال: أُوْتِرُ من أوَّل الليل، وقال لعمر -رضي الله عنه-: «متى توتر؟» قال: آخر الليل، فقال لأبي بكر -رضي الله عنه-: «أخذ هذا بالحَذر» وقال لعمر -رضي الله عنه-: «أَخَذَ هذا بالقوة».
وأخرج في الْمُوطَّأ عن ابن المسيب -رحمه الله-: «كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- إذا أراد أن يأتي فراشه أَوْتَر، وكان عمر -رضي الله عنه-: يوتر آخر الليل».
ولعله اكتفى لأبي هريرة -رضي الله عنه- بالأقل؛ لأنه كان يحفظ أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويستحضر محفوظاته، فكان يمضي جزءٌ كثيرٌ من الليل؛ وذلك أفضل؛ لأن الاشتغال بالعلم أفضل من العبادة، وهو السبب بالوصية له بأن يُوتِر قبل أن ينام. لمعات التنقيح (3/ 375-376).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«وذلك» أي: إيتاره في آخر الليل «أفضل» أي: أكثر أجرًا. الكوكب الوهاج (9/ 422).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«وذلك أفضل» أي: الإيتار آخر الليل أكثر ثوابًا، وأكمل أجرًا. البحر المحيط (15/ 614-615).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
«وذلك أفضل» لا شك أنَّ صلاة آخر الليل أفضل، أفضل الصلاة: الصلاة في جوف الليل بعد المكتوبة؛ لأنها مشهودة، والبالُ فارغٌ من أعمال الدنيا وأَشْغَالها، ومِن هواجسها ووساوسها وخطراتها، يكون الإنسان قد ارتاح بَدَنُه، وارتاح ذِهْنُه، وتفرَّغ لهذه العبادة. شرح المحرر في الحديث (30/ 17).
وقال النووي -رحمه الله-:
فيه: (أي: حديث جابر) دليل صريح على أنَّ تأخير الوتر إلى آخر الليل أفضل لمن وَثِقَ بالاستيقاظ آخر الليل، وأنَّ مَن لا يَثِقُ بذلك فالتقديم له أفضل، وهذا هو الصواب، ويُحمل باقي الأحاديث المطلقة على هذا التفصيل الصحيح الصريح، فمن ذلك حديث: «أَوْصَاني خَلِيلِي أن لا أَنَامَ إلا على وتر» وهو محمول على من لا يثق بالاستيقاظ. شرح النووي على مسلم (6/ 35).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
يُستحب جَعْل الوتر آخر الليل، سواء كان للإنسان تهجُّدٌ أم لا، إذا وثِقَ بالاستيقاظ آخر الليل إما بنفسه وإما بإيقاظ غيره، وأنَّ الأمر بالنوم على وِتْرٍ إنما هو في حقِّ من لم يثق بالاستيقاظ. شرح النووي على مسلم (6/ 24).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
الإيتار قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ في آخر الليل، فإن وَثِقَ فآخر الليل أفضل. شرح المشكاة (4/ 1222).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
وممن كان يُقدِّم الوتر: ابن المسيب والشعبي -رحمها الله-.
وكان أكثر السلف يُوتِر في آخر الليل، منهم: عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وغيرهم -رضي الله عنهم-.
وروى وكيع، عن الربيع بن صَبِيحٍ، عن ابن سيرين -رحمهم الله- قال: «ما يختلفون أن الوِتر من آخر الليل أفضل».
واسْتَحَبَّه النَّخَعِي ومالك والثوري وأبو حنيفة وأحمد -في المشهور عنه - وإسحاق -رحمهم الله- إنْ قَوِيَ ووَثِقَ بنفسه القيام من آخر الليل، فأما مَن ليس كذلك فالأفضل في حقّه أن يوتر قبل النوم...
وحمَل بعض هؤلاء أحاديث الأمر بالوتر قبل النوم على مَن خاف أن لا يقوم آخر الليل.
وهذا بعيد جدًا في حق أولئك الصحابة، الذين أُمروا بالوتر قبل النوم، مع ما عُرف من شدة اجتهادهم، وكثرة تهجُّدهم.
ومنهم مَن حمَله على بيان الجواز، وعدم الكراهة.
ومنهم من أشار إلى نسخه...وحديث عائشة: «أنه انتهى وِتْرُهُ الى السَّحَرِ» قد يُشْعِر بذلك، وأنه تَرَكَ الوتر من أول الليل ووسَطِه، واستقر عملُه على الوتر من آخره، وإنما كان ينتقل من الفاضل إلى الأفضل وعلى هذا: فهل الأفضل الوتر إذا خشي طلوع الفجر، كما دل عليه حديث ابن عمر، وكان ابن عمر يفعل ذلك، ويوتر من السَّحر.
قال الثوري: «كانوا يُحبُّون أن يُؤخِّروا الوتر آخر الليل، وقد بقي عليهم من الليل شيء».
وقال إسحاق: «كانوا يستحبون أن يُوتِروا آخر الليل، وأن يُوتِروا وقد بقي من الليل نحو مما ذهب منه من صلاة المغرب»، واستدلَّ بقول عائشة -رضي الله عنها-: «فانتهى وِتْرُهُ الى السَّحَرِ». فتح الباري (9/ 162-165).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
ولا معارضة بين وصية أبي هريرة -رصي الله عنه- بالوتر قبل النوم وبين قول عائشة -رضي الله عنها-: «وانتهى وِتْرُهُ إلى السَّحَرِ»؛ لأن الأول لإرادة الاحتياط، والآخر لمن عَلِمَ مِن نفسه قُوَّةً، كما ورد في حديث جابر. فتح الباري (2/ 486).
وقال القسطلاني: -رحمه الله-:
وورد (أي استحباب تأخير الوتر) عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس -رضي الله عنهم- وغيرهم، واستحبه مالك -رحمه الله-... واستُشكل اختيار الجمهور لفعل عمر -رضي الله عنه- في ذلك، مع أن أبا بكر -رضي الله عنه- أفضل منه.
وأُجيب: بأنهم فَهِمُوا من الحديث ترجيح فعل عمر -رضي الله عنه-؛ لأنه وصَفَه بالقوّة، وهي أفضل من الحَزْم لمن أُعْطِيها.
وقد اتفق السلف والخَلَفُ على أنَّ وقته من بعد صلاة العشاء إلى الفجر الثاني. إرشاد الساري (2/ 231).
وقال المغربي -رحمه الله-:
في الحديث: دلالة على أنه ينبغي الاحتياط في أداء الطاعات؛ ولذلك أنه إذا خاف فوَاتَ الوِتر أدَّاهُ في أول الوقت، وإن وَثِقَ من نفسه بالقيام آخر الليل كان التأخير أفضل، وقد رُوي اختلاف الحالين عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-. البدر التمام (3/ 273).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
يدل الحديث على أنَّ الوتر يجوز في أول الليل وفي آخره، فوَقْتُه من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، و«مِن كلِّ الليل أَوْتَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم-».
أما مَن يخشى ألا يقوم آخر الليل فلْيُوتِرْ قبل أن ينام. توضيح الأحكام (2/ 435-436).