الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«إنَّ أَحبَّ الطعام إلى الله ما كَثُرَتْ عليه الأيدي».


رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم: (7317)، وأبو يعلى برقم: (2045)، والبيهقي في السنن الكبرى برقم: (9174)، من حديث جابر -رضي الله عنه-.
سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (895)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (2133).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الطعام»:
الطعام: كل ما يُقْتَاتُ ويُؤكل. الشافي في شرح مسند الشافعي (4/ 31)
قال ابن دريد-رحمه الله-:
وطَعْمُ كُل شيء: مَذَاقُه، وطَعِمْتُ الشيء أَطْعَمُهُ طعْمًا، إذا أكَلْته، وتَطَعَّمْتُه، إذا ذُقْتُه أيضًا، والطعام: معروف. جمهرة اللغة (1/165).

«الأيدي»:
أي: أيدي الآكلين. فيض القدير (1/172).
قال الفيومي -رحمه الله-:
يعني الجماعة.فيض القدير (9/385).


شرح الحديث


قوله: «إنَّ أحَبَّ الطعام إلى الله، ما كثُرَت عليه الأيدي»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«أحَبَّ الطعام» عام في كُل ما يُقْتات من بُرٍّ وغيره.فيض القدير (1/172).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
وأيضًا فإن في الخبر: «إنَّ أفضل الطعامِ بَركة ما كثرت عليه الأيدي، فإذا كثرت الأيدي عظُمَت البركة»، وقد همَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في سَنة مجاعة أن يجعل مع أهل كل بيت مثلهم؛ بهذا الحديث، وقال: "إن الرجل لا يهلك على نصف قُوْتِه".
وقال: إن هذا الحديث أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - المواساة عند الشدة، والله أعلم. المسالك في شرح موطأ مالك (7/386).
وقال ابن الحاج المالكي -رحمه الله-:
وينبغي له أنه مهما قدَر على تكثير الأيدي على الطعام فعَلَ؛ لما ورد: «أنَّ خير الطعام ما كثُرت عليه الأيدي»... وهذا فيه وجهان من الفوائد:
أحدهما: بركة اتباع السُّنة.
والثاني: كثرة البركة؛ لوجود الملائكة؛ لأن البركة تحصل في الطعام إذا حضره واحد من المبارَكين، أو أكل منه، فكيف إذا اجتمع جماعة، ولكل واحد من الجماعة ملائكة معه؟ فبقدر عدد الجماعة تتضاعف الملائكة، ومهما كثر عليه من ليس له ذنوب كانت البركة فيه أكمل. المدخل (1/ 223).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
والظاهر: أن المقصود الأعظم ليس هو كثرة وضع الأيدي فقط، بل كثرة الأيدي سبب لكثرة ذكر اسم الله تعالى، فإذا سمَّى الله كل واحد من الجماعة على الطعام حصلت بركة ذكر اسم الله، حتى لو اجتمع جماعة للأكل ولم يذكروا اسم الله، وخالفوا سُنة الأكل، فأي بركة تحصل باجتماع تاركي السُّنة؟! شرح سنن أبي داود (15/ 343).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قد روى أبو يعلى في مسنده وابن حبان والبيهقي والضياء عن جابر مرفوعًا: «أحَبَّ الطعام إلى الله ما كثُرت عليه الأيدي»...
وأما قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} النور: 61؛ فمحمول على الرخصة، أو دفعًا للحرج على الشخص إذا كان وحده. مرقاة المفاتيح (7/ 2739).
وقال المناوي -رحمه الله-:
لأن اجتماع الأنفاس، وعِظم الجمع أسبابٌ نصبها الله -سبحانه وتعالى- مقتضية لفيض الرحمة، وتنَزُّلات غيث النعمة، وهذا كالمحسوس عند أهل الطريق، ولكن العبد بجهله يغلب عليه الشاهد على الغائب، والحسُّ على العقل. فيض القدير (1/172).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
لأنه يدل على صحة النفوس، وانشراح الصدور، وكرم طباع الآكلين؛ ولأنه الطعام الذي يُبارَك فيه. التنوير شرح الجامع الصغير (1/394).
وقال السندي -رحمه الله-:
فبالاجتماع تنزل البركات في الأقوات، وبذكر اسم الله تعالى يمتنع الشيطان عن الوصول، فتدوم بركته لهم. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/719- 720).
وقال الزبيدي -رحمه الله-:
والسرُّ في ذلك: أنَّ اجتماع الأنفاس، وعِظَم الجمع أسبابٌ نصبها الله سبحانه، مقتضية لفيض الرحمة، وتنَزُّلات غيث النعمة، وهذا كالمحسوس عند أهل الطريق، ولكن العبد لجهله يغْلُب عليه الشاهد على الغائب، والحس على العقل. إتحاف السادة المتقين (5/ 218).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
فالاجتماع على الطعام مع التسمية سبب للبركة التي هي سبب للشبع. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 43).
وقال الشيخ عبد المحسن العبَّاد -حفظه الله-:
والاجتماع على الطعام من أسباب البركة، والأكل على سبيل الانفراد وعلى سبيل الاجتماع كل ذلك سائغ، كما جاء في الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأكلوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} النور:61، فالاجتماع والانفراد في الأكل سائغ، ولكن الاجتماع فيه فائدة: وهي الاجتماع والتلاقي والتَّآنُس بين أهل البيت، وأيضًا فيه زيادة البركة، كما جاء في الحديث: «طعام الاثنين كافٍ للثلاثة، وطعام الثلاثة كافٍ للأربعة» إلى آخر الحديث، يعني: أنَّ الطعام عندما يُوضع لعدد معين، ثم يأتي زيادة على ذلك العدد، فإنه يكون كافيًا لهم. شرح سنن أبي داود (425/ 16).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومنها: -أي من أسباب نزع البركة-: التفرق على الطعام؛ فإن ذلك من أسباب نزع البركة؛ لأن التفرق يستلزم أن كل واحد يُجعل له إناءٌ خاصٌّ، فيتفرق الطعام، وتُنزع بركتُه؛ وذلك لأنك لو جعلتَ لكل إنسان طعامًا في صحن واحد، أو في إناء واحد لتَفَرَّق الطعام، لكن إذا جعلته كله في إناء واحد اجتمعوا عليه، وصار في القليل بركة، وهذا يدل على أنه ينبغي للجماعة أن يكون طعامهم في إناء واحد، ولو كانوا عشرة أو خمسة يكون طعامهم في صحن واحد بحسَبهم؛ فإن ذلك من أسباب نزول البركة، والتفرق من أسباب نزع البركة. شرح رياض الصالحين (4/ 219).


ابلاغ عن خطا