«ألا أَدُلُّكُم على ما يَمْحُو اللهُ به الخطايا، ويرفعُ به الدَّرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: إِسْبَاغُ الوُضُوءِ على المَكَارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطَا إلى المساجدِ، وانتِظَارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، فذلِكُمُ الرِّبَاطُ».
رواه مسلم برقم: (251)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«يَمْحُو»:
أي: يُزيل ويغفر. شرح المصابيح، لابن الملك (1/ 356).
وقال ابن منظور -رحمه الله-:
يقال: مَحَا الشيءَ يَمْحُوه ويَمْحَاه مَحْوًا ومَحْيًا: أَذْهَبَ أَثَرَه. لسان العرب (15/ 271).
وقال الأزهري -رحمه الله-:
الْمَحْو لكل شيء يذهب أثره. تهذيب اللغة (5/ 179).
«إِسْبَاغُ»:
أي: إتمام الوضوء. التحبير لإيضاح معاني التيسير، للصنعاني (3/ 372).
وقال الرازي -رحمه الله-:
يقال: شيء سابِغٌ، أي: كامل وافٍ، وسَبَغَت النعمة اتَّسَعَت، وبابُه دَخَل، وأَسْبَغَ الله عليه النعمة: أَتَمَّها، وإسباغ الوضوء: إتمامُه. مختار الصحاح (ص: 141).
«المكَارِه»:
المكارِه: جمع المـَكْرَه وهو ضد المنشَط، يقال: فلان يفعل كذا على الْمَكْرَه والمنْشَط، أي: على كل حال، والمراد: أن يتوضأ مع البرد الشديد والعِلَل التي يتأذى معها بمسِّ الماء، ومع إعوازه، والحاجة إلى طلبه، واحتمال المشقَّة فيه، أو ابتياعه بالثمن الغالي، وما أشبه ذلك. الفائق في غريب الحديث، للزمخشري (3/ 255).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
هي جمع مَكْرَهٍ، وهو ما يكرهه الإنسان ويشقُّ عليه، والكُرْهُ بالضم والفتح: المشقة. النهاية (4/ 168-169).
«الخُطَا»:
الخُطوة، بالضم: ما بين القدمين، والجمع خُطًا وخَطوات وخُطوات. لسان العرب، لابن منظور (14/ 231).
«الرِّبَاط»:
أن يَربط كُلٌّ من الفريقين خيولهم في ثغره، وكلٌّ مِعُدٌّ لصاحبه، فسُمي المقام في الثَّغْر رباطًا، ومنه قوله تعالى: {وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} آل عمران: 200، أو معناه: انتظار الصلاة بعد الصلاة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فذلكم الرباط». القاموس المحيط (1/667).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
الرِّباط في الأصل: الإقامة على جهاد العدو بالحرب، وارتباط الخيل وإعدادها.. النهاية (2/ 185-186).
شرح الحديث
قوله: «ألا أدلُكُم على ما يمحو اللهُ به الخطايا، ويرفعُ به الدرجاتِ؟»:
قال ابن هبيرة -رحمه الله-:
قوله: «ألا أدلكم؟» هو تقدمة قولٍ ينبِّه الفَهْمَ، ويوقِظ الفِكْرَ، ويستدعي حُسن الاستماع. وقوله: «ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات» وهذا مما يَجمع بين نفي وإثبات؛ وخفض ورفع، من محو الخطايا ورفع الدرجات. الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 158 -159).
وقال الباجي -رحمه الله-:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: «يمحو الله به الخطايا» كناية عن غفرانها، والعفو عنها، وقد يكون محوها من كتاب الحَفَظة الكرام دليلًا على عفوه تعالى عمن كُتبت عليه باكتسابه لها. المنتقى شرح الموطأ (1/ 284).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«ما يمحو الله به الخطايا؟» أي: يمحوها من صحائف أعمال العباد، أو يمحو ما قدَّرَه عليها من العقاب. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 367).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «ما يمحو اللَّه به الخطايا»... مَحْوُ الخطايا: غُفرانها، أو مَحْوها عن ديوانها، والمراد بها الصغائر. لمعات التنقيح (2/ 12-13).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
ولما كان تكفير الخطايا تَخْلِيَةً -بالمعجمة- قدَّمه على قوله: «ويرفع به الدرجات» أي: في الجنة؛ لكونه تَحْلِيَةً -بالمهملة-، وهي متأخرة عن تلك. وفيه: شرف ما يُذْكَر فيه وإن لم يقتصر على تكفير المأثم، بل ضَمَّ لذلك إعلاء الدرجات، وذِكْر ذلك قبل ذِكْر المحدَّث عنه به فيه تشويق أيُّ تشويق! فيكون ذلك أقرّ في ذهن السامعين؛ لشدة طلبهم له، فلذا قال: «قالوا: بلى» أي: دُلَّنا عليه. دليل الفالحين (6/ 517).
قوله: «يرفع به الدرجات»
قال الباجي -رحمه الله-:
يريد -والله أعلم- المنازِل في الجنة، ويحتمل: أن يرفع درجتَه في الدنيا بالذكر الجميل، وفي الآخرة بالثواب الجزيل. المنتقى شرح الموطأ (1/ 284).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «ويرفع به الدرجات» اعلم أنه قد يجيء في باب مواضع الصلاة أن هذه كفارات، والدرجات: إطعام الطعام، ولِين الكلام، والصلاة بالليل والناس نيام، ولا منافاة بين ما ذُكر ها هنا وما ذُكر هناك، إذ يمكن أن يكون فيها خاصيتان: كونُها كفارات ودرجات، لكنه اقتصر هناك على أحد الوصفين وذَكَر في الدرجات صفاتٍ أُخَر، وفي الحقيقة كل طاعة موجِبَة لرفع الدرجة. لمعات التنقيح (2/ 12-13).
قوله: قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء على المكارِه»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«قالوا: بلى» أي: دُلَّنا عليه «يا رسول الله»، أي: وشأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحرص على ما ينفع أُمَّته، ولا نفع كالمذكور في الحديث. دليل الفالحين (6/ 517-518).
وقال ابن علان -رحمه الله- أيضًا:
«إسباغ الوضوء» بالرَّفع أي: هو إسباغ الوضوء مع ما بعده مما تقدَّم فيه العطف للربط، وإسباغه: إتمامه. دليل الفالحين (6/ 517-518).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وأما قوله: «إسباغ الوضوء على المكاره» الإكمال والإتمام، من ذلك قول الله -عزَّ وجلّ-: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} لقمان:20، يعني: أتمَّها عليكم وأكْمَلها. وإسباغ الوضوء: أن يأتي بالماء على كل عضو يلزمه غسله مع إمرار اليد، فإذا فَعَلَ ذلك مرَّة وأكْمَل فقد توضَّأ مرة. الاستذكار (2/ 302).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«إسباغ الوضوء» أي: إتمامه وإكماله، واستيعاب أعضائه بالغسل. فيض القدير (3/ 109).
وقال البغوي -رحمه الله-:
وأراد بقوله: «إسباغ الوُضوء على المكاره» ما لا يجوز الصلاة إلا به. شرح السنة (1/ 321).
وقال المظهري -رحمه الله-:
يعني بقوله: «إسباغ الوضوء على المكاره»: إيصال الماء إلى مواضع الفَرْضِ من غير أن ينقص منها شيئًا عند شِدَّة البرد. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 347).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«إسباغ الوضوء» استيعاب المحل بالغسل، وتطويل الغُرَّة، وتكرار المسح والغسل ثلاثًا. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 743).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«الوضوء» بفتح الواو: الماء الذي يُتَوضأ به، وبضمها: المصدر وهو المراد ها هنا. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 347).
وقال البغوي -رحمه الله-:
قوله: «إسباغ الوضوء» الوضوء: اشتقاقه من الوَضَاءَة، وهي الحُسن، قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو (ابن العلاء البصري): ما الوَضوء -يعني: بفتح الواو-؟ قال: الماء الذي يُتوضأ به، قلتُ: والوُضوء بالضم؟ قال: لا أعرفه. وقال غيره: الوُضوء بالضم: المصدر، يقال: وَضَأَ وضاءةً ووُضُوءًا، وقيل: الوُضوء: التوضُّؤ. شرح السنة (1/ 321).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
وأصل الوضوء من الوَضَاءَة، وهي الحُسْن والنظافة، وسمي وضوءًا؛ لأنه ينظِّف المتوضِّئ ويُحَسِّنه. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 743).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«المكارِهِ» جمع مَكْرَه بفتح الميم، وهو بمعنى الكُرْه، وهو المَشَقَّة، والمراد بالمكارِه هنا: البرد الشديد. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 347).
وقال الباجي -رحمه الله-:
والمكارِه على أنواعهن مِن شِدة برد، وألم جسم، وقِلّة ماء، وحاجةٍ إلى النوم، وعجلةٍ وتحفُّز إلى أمر مهم، وغير ذلك. المنتقى شرح الموطأ (1/ 284).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
وقيل: منها إعواز الماء، والحاجة إلى طلبه، أو ابتياعه بالثمن الغالي. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 743).
وقال المناوي -رحمه الله-:
يعني: إتمامه بإيصال الماء إلى مواضع الفَرْضِ حال كراهة فِعْلِه؛ لشدة بَرْدٍ أو عِلَّةٍ يتأذَّى معها بمسِّ الماء، أي: من غير لُحُوقِ ضرر بالعلة، وكإعوازه وتحمل مشقةِ طلبه، أو ابتياعه بثمن غالٍ ونحو ذلك. فيض القدير (3/ 109).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وأما قوله: «على المكاره» فقيل: إنه أراد شدة البرد، وكل حال يُكْرِه المرء فيها نفسه على الوضوء، ومنه دفعُ تكسيل الشيطان له عنه. وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال: «مِن صدْق الإيمان وَبِرِّهِ إسباغ الوضوء في المكارِه، ومِن صدْق الإيمان وَبِرِّهِ أن يخلو الرَّجُل بالمرأة الجميلة ويدعها، لا يدعها إلا لله -عزَّ وجلَّ-». الاستذكار (2/ 302-303).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
وأما «إسباغ الوضوء على المكاره» فيجوز أن يكون المراد بالمكاره إسباغ الوضوء في البرد، ويجوز أن يكون إسباغه مُرَغِّمًا بذلك... الشيطانَ وأعداء الله، ومُشْعِرًا في ذلك بإيمانه. الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 159).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
لا ريبَ أنَّ إسباغَ الوضوءِ في شدة البردِ يشقُّ على النفسِ وتتألمُ به، وكلُّ ما يؤلمُ النفسَ ويشقُّ عليها فإنه كفارةَ للذنوبِ وإنْ لم يكنْ للإنسان فيه صنعٌ ولا تسببٌ، كالمرضِ ونحوِه كما دلتِ النصوصُ الكثيرةُ على ذلك. روائع التفسير(2/١٥٧) وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: فإسباغُ الوضوء في المكاره في حالة شدة البرد عند الحاجة إليه هذا يدل على قوة الإيمان، ويكون الأجر أعظم، لكن إذا تيسر له الماء الدافئ يكون أفضل؛ لأن هذا الماء الدافئ أعون له على الإسباغ وإكمال الوضوء كما شرعه الله -سبحانه وتعالى-، وأبلغ أيضًا في إزالة الأوساخ والنظافة. فتاوى نور على الدرب (5/ 134).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
يعني إتمام الوضوء في أيام الشتاء؛ لأن أيام الشتاء يكون الماء فيها باردًا، وإتمام الوضوء يعني إسباغه، فيكون فيه مشقة على النفس، فإذا أسبغ الإنسان وضوءه مع هذه المشقة، دل هذا على كمال الإيمان، فيرفع الله بذلك درجات العبد ويحط عنه خطيئته. شرح رياض الصالحين (2/ 185).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
«إسباغ الوضوء على المكاره» يعني: أن الإنسان يتوضأ وضوءه على كُرهٍ منه؛ إما لكونه فيه حمَّى ينفر من الماء فيتوضأ على كُره، وإما أن يكون الجو باردًا وليس عنده ما يُسَخِّن به الماء فيتوضأ على كُرهٍ، وإما أن يكون هناك أمطار تحول بينه وبين الوصول لمكان الوضوء فيتوضأ على كُرْهٍ، المهم أنه يتوضأ على كُرهٍ ومشقة لكن بدون ضرر، أما مع الضرر فلا يتوضأ، بل يتيمم، هذا مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يشقُّ على نفسه؛ ويذهب يتوضأ بالبارد، ويترك الساخن، أو يكون عنده ما يسخِّن به الماء، ويقول: لا، أريد أن أتوضأ بالماء البارد؛ لأنال هذا الأجر، فهذا غير مشروع؛ لأن الله يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} النساء:147، ورأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلًا واقفًا في الشمس قال: ما هذا؟ قالوا: نَذَرَ أن يقف في الشمس فنهاه عن ذلك، وأمره أن يستظلَّ، فالإنسان ليس مأمورًا ولا مندوبًا أن يفعل ما يشق عليه ويضره، بل كلما سَهُلَت عليه العبادة فهو أفضل، لكن إذا كان لا بد من الأذى والكُرْهِ فإنه يؤجَر على ذلك؛ لأنه بغير اختياره. شرح رياض الصالحين (5/ 21).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
إذا كان عندك وعاءان: أحدهما فيه ماء ساخن دافئ، والآخر فيه ماء بارد قارس، والفصل فصل الشتاء، فجاء رجل يريد الاغتسال من الجنابة؛ فقال بعض الناس: الأفضل أن تستخدم الماء البارد؛ وذلك لأن الماء البارد فيه مشقة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره». يعني: إسباغ الوضوء في أيام البرد، فإذا أسبغْتَ الوضوء بالماء البارد كان أفضل من أن تسبغ الوضوء بالماء الدافئ المناسِب لطبيعة الجو. فالرَّجل أفتى بأنَّ استخدام الماء البارد أفضل؛ واستدل بالحديث السابق. فهل الخطأ في العلم أم في الفهم؟ الجواب: أن الخطأ في الفهم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «إسباغ الوضوء على المكاره»، ولم يقل: أن تختار الماء البارد للوضوء، وفرْقٌ بين التعبيرين، لو كان الوارد في الحديث التعبير الثاني لقلنا: نعم اختر الماء البارد، ولكن قال: «إسباغ الوضوء على المكاره» أي: أن الإنسان لا يمنعه برودة الماء من إسباغ الوضوء. ثم نقول: هل يريد الله بعباده اليسر أم يريد العسر؟ الجواب: في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} البقرة:185، وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الدِّين يُسر». فأقول لطلبة العلم: إنَّ قضية الفهم قضية مهمة؛ فعلينا أن نفهم ماذا أراد الله من عباده، هل أراد أن يشق عليهم في أداء العبادات، أم أراد بهم اليسر؟ لا شك أن الله -عزَّ وجلَّ- يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر. مجموع الفتاوى (26/ 97-98).
قوله: «وكثرة الخُطا إلى المساجد»:
قال المظهري -رحمه الله-:
الخُطا جمع خُطْوة، بضم الخاء في الجمع والواحد، وهو ما بين القدمين، يعني: المشي إلى المساجد لأداء الصلاة بالجماعة. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 348).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وكثرة الخُطا» جمع خُطوة بضم الخاء، وهي ما بين القدمين، وكثرتها إما لبُعد الدار، أو على سبيل التكرار. مرقاة المفاتيح(1/344).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
«وكثرة الخُطا» كثرة الخُطا تكون ببعْدِ الدار أو بكثرة التكرار. إكمال المعلم (2/ 55).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«وكثرة الخُطا» كثرتها أعم من أن تكون ببُعد الدار أو بكثرة التكرار. شرح المصابيح (1/ 228).
وقال ابن سيِّد الناس -رحمه الله-:
«وكثرة الخُطَا إلى المساجد» يعني به بعدُ الدار؛ وهو أفضل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لبني سلمة وقد أرادوا أن يتحولوا قريبًا من المسجد: «يا بني سلمة! ديارَكم تُكتب آثارُكم». النفح الشذي شرح جامع الترمذي (1/ 457).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«إلى المساجد» للصلاة وغيرها من العبادات. ولا دلالة في الحديث على فضل الدار البعيدة عن المسجد على القريبة منه...، فإنه لا فضيلة للبُعد في ذاته، بل في تحمُّل المشقة المترتبة عليه؛ ولذا لو كان للدار طريقان إلى المسجد، ويأتي من الأبعد ليس له ثواب على قدر الزيادة، وإنما رغَّب في الحديث على كثرة الخُطا؛ تسلية لمن بعُد داره، وأما قوله -عليه الصلاة والسلام-: «ديارَكم تُكتب آثارُكم» لمن بَعُدَت ديارهم عن مسجده؛ فأرادوا القُرب منه دليل على أنهم فهموا أن القُرْب منه أفضل؛ لما يترتب عليه من معرفة الأوقات، وعدم فَوْتِ الجمعة والجماعات، فسلَّاهم -عليه الصلاة والسلام- بقوله: «تُكتب آثارُكم» يعني: إن فاتكم بعض الفوائد يحصل لكم بعض العوائد، والأمر بلزوم الديار لما يترتب من تغيير الدار كثير من الأكدار مع أنه قيل: إنما أَمَرَهم بالاستمرار؛ لئلا يخلو حول المدينة، ويصير محل الإمكار، ويؤيد ما قلنا، عدَّه -عليه الصلاة والسلام- من شؤم الدار بُعدها من المسجد. مرقاة المفاتيح (1/ 344).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
وليس المراد أنه يُطْلب إبعاد المساكن عن المسجد؛ لأن بيته -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم- كان قريبًا من المسجد، فهو على حدّ قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لخلوف فَمّ الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك»؛ فإنه ليس فيه حثٌّ على إفساد رائحة الفم بعدم الاستياك، وإنما الغرض تبشير الصائم بأن له أجرًا كثيرًا. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (4/ 248).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
كثرة الخُطا معناه: أن يأتي الإنسان للمسجد ولو مِن بُعْد، وليس المعنى أن يتقصد الطريق البعيد، أو أن يُقارب الخُطا، هذا غير مشروع، بل يمشي على عادته، ولا يتقصَّد البُعد، يعني مثلًا لو كان بينه وبين المسجد طريقٌ قريب وآخر بعيد لا يترك القريب، لكن إذا كان بعيدًا ولا بد أن يمشي إلى المسجد، فإن كثرة الخُطا إلى المساجد مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات. شرح رياض الصالحين (5/ 22).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
«كثرة الخُطا إلى المساجد» يعني: أن يَقْصُد الإنسان المساجد، حيث شرع له إتيانهن؛ وذلك في الصلوات الخمس، ولو بعُد المسجد فإنه كلَّما بعُد المسجد عن البيت ازدادت حسنات الإنسان، فإن الإنسان إذا توضأ في بيته وأسبغ الوضوء، ثم خرج منه إلى المسجد، لا يُخْرِجه إلا الصلاة، لم يَخْطُ خطوةً واحدة إلا رفَعَ الله له بها درجة، وحَطَّ عنه بها خطيئة. شرح رياض الصالحين (2/ 185-186).
قوله: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وانتظار الصلاة» أي: وقتها أو جماعتها. مرقاة المفاتيح (1/ 344).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«وانتظار الصلاة» الجماعة أو الفرادى. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 368).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «وانتظار الصلاة» إذا صلى بالجماعة أو منفردًا ينتظر صلاة أخرى، ويُعلِّق فِكْرَه بها، إما بأن يجلس في المسجد ينتظرها، أو يكون في بيته، أو يشتغل بكسبه وقلبُه معلَّق بها ينتظر حضورها، وكل ذلك داخل في هذا الحكم، ويؤيده ما ورد: «ورَجُل قلبُه معلَّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه». الكاشف عن حقائق السنن (3/ 743).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«بعد الصلاة» يعني: إذا صلى بالجماعة أو منفردًا، ثم ينتظر صلاة أخرى، ويعلِّق فِكْرَه بها؛ بأن يجلس في المسجد أو في بيته ينتظرها، أو يكون في شغله وقلبه معلَّق بها. مرقاة المفاتيح (1/ 344).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«وانتظار الصلاة بعد الصلاة» سواءٌ أدَّاها بجماعة، أو منفردًا في المسجد أو في بيته. شرح المصابيح (1/ 228).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«بعد الصلاة» أي: ارتقابها ولو في منزله. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 368).
وقال الباجي -رحمه الله-:
«وانتظار الصلاة» هو أن يصلي في جماعة ثم يجلس في مصلاه ينتظر الصلاة التي تليها، وهذا يكون في صلاتين؛ أن يصلي الظهر فينتظر بعدها العصر، أو يصلي المغرب فينتظر بعدها العشاء، وأما انتظار الصبح بعد العِشاء الآخرة فلم يكن مِن عَمَل الناس؛ ولأنه وقت يتكرر فيه الحدث، وكذلك انتظار الظُّهر بعد الصبح، وأما انتظار المغرب بعد العصر فلا أذكر الآن فيه نصًّا، وحكمُه عندي حكم انتظار الصبح بعد العِشاء، وحكم انتظار الظُّهر بعد الصبح كالذي ينتظر صلاة ليس بينها وبين التي صلى اشتراك في وقت، والذي يتقرر في نفسي أني قد رأيتُ رواية فيه عن مالك من طريق ابن وهب ولا أذكر موضعها الآن. المنتقى شرح الموطأ (1/ 285).
وقال النووي -رحمه الله- معلقًا على كلام الباجي:
(أما) قول الباجي في انتظار الصلاة فإن فيه نظرًا -والله أعلم-. شرح مسلم (3/ 141).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
وقوله: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة»؛ لأن انتظار الصلاة يجوز أن يكون هو الأفضل، والأكمل أن يكون شوقًا إليها؛ لأنها تخلص من مخاطبة الخلق، وعذر في ترك أجوبتهم، وانقطاع إلى الخالق -سبحانه وتعالى-، ويجوز أن يكون الانتظار لها اهتمامًا بآدابها، وخوفًا من فوت فاضل وقتها هذا، فإذا كان من ذي شغل كان داخلًا في الموصوفين بقوله تعالى: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} النور:37، وإن كان مِن متفرِّغ فإنه يدخل في قوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} المزمل: 8. الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 159).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«انتظارُ الصلاة بعد الصلاة» يعني: أن الإنسان مِن شدَّة شوقه إلى الصلوات، كلما فرغ من صلاة، فقلبُه متعلِّق بالصلاة الأخرى ينتظرها، فإن هذا يدل على إيمانه ومحبته وشوقه لهذه الصلوات العظيمة، التي قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وجعلت قرة عيني في الصلاة»، فإذا كان ينتظر الصلاة بعد الصلاة، فإن هذا مما يرفع الله به الدرجات، ويكفِّر به الخطايا. شرح رياض الصالحين (2/ 186).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
وليس معنى الرباط: أَنه يبقى في المسجد لا يعمل لحاجاته ولا يذهب لقضاء حاجة أَهله ولا يبيع ولا يشتري لا، المقصود: أَنْ تكون الصلاة على بالِه وعلى هَمته وعلى عَزْمِه، لا تذهب عن قلبه وفِكره، بل كُلما فرَغ من صلاة فالصلاة على بالِه لا ينساها ولا يَضعف عنها، بل هو مُرابط في هذا الأمر بالتّذكر والعناية والمحافظة والمُسارعة كُل صلاة في وقتها. موقع الشيخ قوله: «فذلكم الرِّباط»: قال الباجي -رحمه الله-: قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: إن (ذلك) من ألفاظ الحصر. المنتقى شرح الموطأ (1/ 285).
وقال المناوي -رحمه الله-:
أتى باسم الإشارة (ذلكم) إيماءً إلى تعظيمه بالبُعد. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 398).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
المرابطة مفاعَلة مِن الرَّبْطِ وهو الشَّدُّ، وسُمي المرابط مرابطًا؛ لأن المرابطين يربطون خيولهم؛ ينتظرون الفزع، ثم قيل لكل مُنْتَظِر قد ربط نفسه لطاعة ينتظرها: مُرابط، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟...» الحديث. مدارج السالكين (2/ 158).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فذلكم الرباط» أصل الرباط: الإقامة على جهاد العدو بالحرب، وارتباطُ الخيل وإعدادها، وهذا من أعظم الإعمال، فلذلك شُبِّه به ما ذكر من الأفعال الصالحة والعبادة في هذا الحديث، أي: أن المواظبة على الطهارة والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله. وقيل: إن الرباط ها هنا اسم لما يُربَط به الشيء، والمعنى: أن هذه الخِلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكُفّه عنها. شرح رياض الصالحين (2/ 186-187).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وأما قوله: «فذلكم الرباط» فإن الرِّباط ها هنا ملازَمة المسجد؛ لانتظار الصلاة، وذلك معروف في اللغة...، قال صاحب (العين): الرباط ملازَمة الثغور، قال: والرباط ملازَمة الصلاة. الاستذكار (2/ 302-303).
وقال البغوي -رحمه الله-:
قوله: «فذلكم الرباط» معناه: أن هذه الأعمال مثل مرابطة الخيل لجهاد أعداء الله، وقيل في قوله تعالى: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} آل عمران:200، فالمرابطة: هي المداومة على هذه الأعمال، وقيل: معناه: أقيموا على جهاد عدوكم بالحرب، وارتباط الخيل. شرح السنة (1/ 321).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن في قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} آل عمران 200، قال: ما كان الرِّباط على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن نزلت في انتظار الصلاة بعد الصلاة. الاستذكار (2/303).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
قوله: «فذلكم الرِّباط» يعني: أنّه من الرِّباطِ المُرَغَّبِ فيه؛ لأنّه قد ربط نفسه على هذا العمل. ويحتمل التّفضيل لهذا الرِّباط على غيره من الرِّباط في الثُّغُور، يريد أنّه أفضل أنواعه؛ ولذلك يقال: جهاد النّفس هو الجهاد...، وقال (محمد بن كعب) في قوله: {اصْبِرُوا} على صلاة الصبح {وَرَابِطُوا} على الظُّهرِ {وَاتَّقُوا اللَّهَ} في العصر {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} في المغرب والعشاء. المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 133-134).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«فذلكم الرِّباط» أي: الخِصَال المذكورة، الرِّباط المذكور في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} آل عمران:200 الآية، والرباط: الجهاد؛ أي: ثواب هذه كثواب الجهاد؛ إذ فيه مجاهدة النفس بإذاقتها المكاره والشدائدَ، وهو الجهاد الأكبر. شرح المصابيح (1/ 228).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وقوله: «فذلكم الرباط» يعني المرغَّب فيه، وأصله الحبس على الشيء، كأنَّه حبسَ نفسه على هذه الطاعة، قيل: ويحتمل: أنه أفضل الرباط، كما قيل: الجهاد جهاد النفس، ويحتمل: أنه الرباطُ المتيسر الممكن، أي: أنه من أنواع الرباط. إكمال المعلم (2/ 55-56).
وقال الباجي -رحمه الله-:
«فذلكم الرباط» يعني: أنه من الرباط المرغَّب فيه؛ لأنه قد ربط نفسه على هذا العمل، وحبَس نفسه عليه، ويحتمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فذلكم الرباط» التفضيل لهذا الرباط على غيره من الرباط في الثغور؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: «فذلكم الرباط» يريد أنه أفضل أنواعه؛ ولذلك يقول القائل: جهاد النفس هو الجهاد، يريد أنه أفضل، ويحتمل: أن يريد أنه الرباط الممكِن المتيسِّر. المنتقى شرح الموطأ (1/ 285).
وقال النووي -رحمه الله-:
قوله: وفي حديث مالِك ثنتين: «فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» هكذا هو في الأصول ثنتين، وهو صحيح، ونصبَه بتقدير فِعْلٍ، أي: ذَكَرَ ثنتين أو كرَّرَ ثنتين، ثم إنه كذا وقع في رواية مسلم تكراره مرتين، وفي الموطأ ثلاث مرات: «فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط». وأما حكمة تكراره: فقيل: للاهتمام به، وتعظيم شأنه، وقيل: كرَّره -صلى الله عليه وسلم- على عادته في تكرار الكلام؛ ليُفهم عنه، والأول أظهر، والله أعلم. شرح مسلم (3/ 141-142).
وقال الباجي -رحمه الله-:
وإنما تكرر قوله: «فذلكم الرباط» على معنى التعظيم لشأنه، ويحتمل: أن يكون كرَّر ذلك على عادته -صلى الله عليه وسلم- في تكرار كلامه ثلاثًا، إلا أنه لا يخلو في ذلك من فائدة التعظيم والإفهام، أو غيرهما. المنتقى شرح الموطأ (1/ 285).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«فذلكم الرِّباط، فذلِكم الرِّباط» كرَّره؛ لأجل زيادة الحثِّ، وقيل: يريد بالأول: ربط الخيل، وبالثاني: جهاد النفس، وبالثالث: طلب الحلال. شرح المصابيح (1/ 228).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«فذلكم الرباط» المذكور في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} آل عمران:200، وحقيقته: رَبْطُ النفس والجسم على الطاعة. «فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» كرَّرَه اهتمامًا به، وتعظيمًا لشأنه، وتخصيصها بالثلاث إما لأنه كان عادَته تكرار الكلام المهم ثلاثًا؛ ليُفهم عنه، أو لأن الأعمال المذكورة في الحديث ثلاث. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 398).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«فذلكم الرباط»: الرباط في الأصل: الإقامة على جهاد العدو، فشُبِّه به ما ذُكر من الأفعال الصالحة والعبادة، وحقيقته: ربط النفس والجسم مع الطاعات. «فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» كرره اهتمامًا به وتعظيمًا لشأنه، وذكره ثلاثًا؛ أما لأنه كان عادته تكرار الكلام المهم ثلاثًا ليُفهم عنه، أو لأن الأعمال المذكورة في الحديث ثلاث. السراج المنير شرح الجامع الصغير (2/ 216-217).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
في هذا الحديث: طَرْحُ العالِم العلم على المتعلم، وابتداؤه إِياه بالفائدة وعرضها عليه، وهذا الحديث مِن أحسن ما يُروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضائل الأعمال. التمهيد (20/ 222).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
في هذا الحديث أيضًا: دليل على كثرة طرق الخيرات، وأن منها المشي إلى المساجد، وهو كما سبق مما يرفع الله به الدرجات، ويحط به الخطايا، فإن كثرة الخُطا إلى المساجد سبب لمغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، ورفعة الدرجات، والله الموفق. شرح رياض الصالحين (2/198) وقال محمود السبكي -رحمه الله-: فقه الحديث: دلّ الحديث على أن كثرة الخُطا إلى المساجد من أعظم القُربات. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (4/ 248).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
ما يؤخذ من الحديث:
1-الحث على إسباغ الوضوء على المكاره، وتكون ببرودة الماء في الشتاء، أو حرارته في الصيف، أو ألم الجسم، أو نحو ذلك.
2-الترغيب في كثرة الخُطا إلى المساجد، وتكون ببُعد المسجد، أو تكرار الذهاب إليه، أو هما معًا.
3-وانتظار الصلاة بعد الصلاة في المسجد؛ فإن المؤمن يُعْتَبر في صلاة ما دامت الصلاة تحبسُه، فقد روى البخاري: «أَما إنكم في صلاة ما انتظرتموها». فتح المنعم شرح صحيح مسلم (2/ 157).