الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«لا يُقِيمَنَّ أحدُكُم أخاهُ يومَ الجُمُعَةِ، ثم ليُخالِف إلى مَقْعَدِهِ، فَيَقْعُدَ فيه، ولكنْ يقول: افْسَحُوا».


رواه مسلم برقم: (2178)، من حديث جابر -رضي الله عنه-.
وفي البخاري برقم: (911)، ومسلم برقم: (2177)، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «نَهَى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُقِيمَ الرجلُ أخاهُ مِن مَقْعَدِهِ، ويجلسَ فيه» قلتُ لنافعٍ: الجمعةَ؟ قال: الجمعة وغيرَهَا».


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«ثم ليُخَالِفْ»:
أي: يأتي مِن خَلفه إلى موضع قعوده فيقعد فيه. مبارق الأزهار، لابن الملك (1/572).
قال الزمخشري -رحمه الله-:
يُقال: خالَفني فلان إلى كذا: إذا قصَده وأنت مُوَلٍّ عنه، وخَالَفَني عنه إذا ولَّى عنه وأنت قاصده، ويلقاك الرَّجل صادرًا عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول: خالَفْنِي إلى الماء، يريد أنه قد ذهب إليه واردًا، وأنا ذاهب عنه صادرًا، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} هود: 88، يعني: أن أَسْبِقَكم إلى شهواتكم التي نَهَيْتُكم عنها؛ لِأَسْتَبِدَّ بها دُونَكم. الكشاف (2/ 397).

«افْسَحُوا»:
أي: توسَّعوا. مبارق الأزهار، لابن الملك (1/572).


شرح الحديث


قوله: «لا يُقِيمَنَّ أحدُكُم أخاهُ يومَ الجُمُعَةِ»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«لا يُقِيْمَنَّ أحدُكم أخاه» أي: مِن مَقْعَده. مرقاة المفاتيح (3/ 1033).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
قوله: «لا يُقِيمَنَّ أحدُكُم أخاهُ يومَ الجمعةِ» يعني: مَن وجد أخاه يوم الجمعة جالسًا في المسجد، لا يجوز له أنْ يُقِيْمَهُ. مبارق الأزهار (1/572).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«أخاه» المراد به أُخُوَّةُ الدِّين، سواء كان معها قَرابة أم لا، وإنما عبَّر بذلك استعطافًا واستلطافًا، فكأنه يقول: كيف يقيمه ويُلْحِق ضررًا وهو أخوه، ومِن حق الأخ على أخيه أن يدفع عنه الضرر لا أن يُلْحِقَه به؟ البحر المحيط الثجاج (35/ 639).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
في الحديث «لا يُقيم الرَّجل أخاه» لا مفهوم له، بل ذُكر لمزيد التّنفير عن ذلك لِقُبْحِه؛ لأنه إنْ فَعَله من جهة الكِبْرِ كان قبيحًا، وإنْ فَعَله من جهة الأَثَرَة كان أقبح. فتح الباري (2/ 393).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «يوم الجمعة» أي: في اجتماع الصلاة. فتح المنعم شرح صحيح مسلم (8/ 512).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «يوم الجمعة» القيد به ليس معتبرًا، كما بينته الروايات الأخرى، ولكن هذا الأمر يكثر يوم الجمعة بسبب ضيق المكان؛ لكثرة الناس فيه. البحر المحيط الثجاج (35/ 639).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قوله: «يوم الجمعة» وكذا في غيره من مجامع المسلمين، كيوم العيد؛ وإنَّما خصَّ يوم الجمعة بالذكر لكثرة وقوع مثل ذلك فيه، وإلا فالحكم عام، كما صرَّح به نافع في الرواية السابقة. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (22/ 146).
وقال صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله-:
تقدَّم أنَّ ذِكْرَ يوم الجمعة خرج مخرج الغالب أو المثال، وليس على سبيل القيد والاختصاص. منة المنعم في شرح صحيح مسلم (3/ 444).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وذِكْر يوم الجمعة في حديث جابر من باب التنصيص على بعض أفراد العام، لا من باب التقييد للأحاديث المطلقة، ولا من باب التخصيص للعمومات. نيل الأوطار (3/ 296).
وقال النووي -رحمه الله-:
فمَن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره، لصلاة أو غيرها، فهو أحق به، ويحرم على غيره إقامته... إلا أنَّ أصحابنا استثنوا منه ما إذا أَلِفَ من المسجد موضعًا يُفتي فيه، أو يقرأ قرآنًا، أو غيره من العلوم الشرعية، فهو أحق به، وإذا حضر لم يكن لغيره أن يقعد فيه، وفي معناه: مَن سبق إلى موضع من الشوارع، ومقاعد الأسواق؛ لمعاملة. شرح النووي على مسلم (14/ 160).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وظاهر حديث جابر وحديث ابن عمر أنه يجوز للرجل أن يقعد في مكان غيره إذا أَقْعَده برضاه...، ويُكره الإيثار بمحل الفضيلة كالقيام من الصف الأول إلى الثاني؛ لأن الإيثار وسلوك طرائق الآداب لا يليق أن يكون في العبادات والفضائل، بل المعهود أنه في حظوظ النفس، وأمور الدنيا، فمن آثر بِحَظِّه في أمر من أمور الآخرة فهو من الزاهدين في الثواب. نيل الأوطار (3/ 297).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن أنْ يُقام الرَّجُل من مجلسه إنَّما كان ذلك لأجل أنَّ السَّابق لمجلس قد اختصَّ به إلى أنْ يقوم باختياره عند فراغ غرضه، فكأنَّه قد مَلَكَ منفعة ما اختصَّ به من ذلك، فلا يجوز أنْ يحال بينه وبين ما يملكه، وعلى هذا فيكون النهي على ظاهره من التَّحريم، وقيل: هو على الكراهة، والأول أولى، ويستوي في هذا المعنى أن يجلس فيه بعد إقامته، أو لا يجلس، غير أنَّ هذا الحديث خرج على أغلب ما يفعل من ذلك؛ فإنَّ الإنسان في الغالب إنما يقيم الآخر من مجلسه ليجلس فيه، وكذلك يستوي فيه يوم الجمعة وغيره من الأيام التي يجتمع الناس فيها، لكن جرى ذكر يوم الجمعة في هذا الحديث؛ لأنَّه اليوم الذي يجتمع الناس فيه، ويتنافسون في المواضع القريبة من الإمام، وعلى هذا: فيلحق بذلك ما في معناه؛ ولذلك قال ابن جريج: في يوم الجمعة وغيرها المفهم (18/ 14).
وقال السرخسي -رحمه الله-:
وهكذا الحكم الذي ذكرنا في كل ما يكون للمسلمين فيه حق، كالنزول في الرِّبَاطَات، والجلوس في المساجد لانتظار الصلوات، والنزول بمنى، أو عرفات للحج، حتى إذا ضرب رَجُلٌ فسطاطًا في مكان، وقد كان ذلك المكان ينزل فيه غيره قبل ذلك، ومعروف بذلك، فالذي بَدَرَ إلى ذلك المنزل أحق به، وليس للآخر أن يحوِّله منه؛ لأن يده سبقت إليه، والإحراز في المباح يحصل بسبق اليد، كالصيد والحطب والحشيش. شرح السير الكبير (ص: 1224).
وقال الحجاوي -رحمه الله-:
ويحرم أنْ يُقيم غيره فيجلس مكانه، ولو عَبْدَه، أو ولده الكبير، أو كانت عادته الصلاة فيه حتى المعلم ونحوه: إلا الصغير. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 197).

قوله: «ثم ‌ليُخالف ‌إلى ‌مَقعَدهِ‌ ‌فَيَقْعُدَ ‌فيه»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «ثم لْيُخَالِفْ» ضُبِطَ في النُّسخ ضبط قلم بالجزم، على أنَّ اللام لام الأمر، والظاهر: أنه غير صحيح، بل هي لام التعليل، والفعل منصوب بعدها بـ(أنْ) مضمرة جوازًا؛ أي: ثم لأَنْ يُخَالِفَ؛ أي: لِيَخْلُفَه «إلى مقعده، فيقعد فيه». البحر المحيط الثجاج (35/ 639).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ثم يُخَالِف» بالرفع، وقيل: بالجزم، أي: يقعد ويذهب «إلى مقعده» أي: إلى موضع قعوده «فيقعد فيه». مرقاة المفاتيح (3/ 1033).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «يُخَالِف إلى مَقعدهِ» والمخالفة: أن يُقيم صاحبه من مقامه، فينتهي إلى مقعدهِ، فيقعد فيه، كقوله تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ} هود: 88، فيه إدماجٌ وزَجْرٌ للمتكبرين، أي: كيف تُقِيم أخاك المسلم وهو مثلك في الدِّين ولا مزيد لك عليه؟! الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1275).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«ثم يخالِفُ إلى مَقْعَدِه» أي: يأتي مِن خلفه إلى موضع قُعوده «فيقعد فيه»؛ لأنه اختصَّ بذلك الموضع بسبقه. شرح المصابيح (2/ 231).
وقال المظهري -رحمه الله-:
المخالفةُ: أنْ يقومَ كلُّ واحدٍ من الشخصين مَقامَ صاحبه، والمخالَفة: المخاصَمةُ، «يُخالِفُ إلى مقعده» أي: يأخذُ مَكانَه، يعني: لا يُخْرِجُ أحدٌ أحدًا عن مقامه، ثم يقعدُ في مقامه. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 323).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «ثم لْيُخَالِفَ» يقال: خَالَفَ إلى الشيء، وخَالَفَ في الشيء، إذا أتاه مِن خَلْفِه، أو قصَده بعد ما أبْعَده عنه، قال تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُم إِلَى مَا أَنْهَاكُم عَنْهُ} هود: 88. فتح المنعم شرح صحيح مسلم (8/ 512).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
وأما اللام التي في «ليخالف إلى مقعده» فلام التعليل، وهي تستدعي معللًا محذوفًا بعطف «ثم» عليه، تقديره بلا وجود (ثم): لا يقيمن أحدكم أخاه لِيُخَالِفَ إلى مقعده فيقعد فيه، فلما أدخل «ثم» احتاجت إلى تقدير محذوف، نحو قولك: لِيَتَكَبَّر عليه، أو ليتقدَّم عليه، ثم لْيُخَالِف إلى مقعده، ويجوز: تقدير المحذوف متأخرًا أي: ليخالف إلى مقعده كانت إقامته إياه من مكانه، ومثل هذا النوع كثير فاشٍ في كلامهم، هو في القرآن العزيز كثير، وعليه قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} البقرة: 185، التقدير: يريد بكم اليُسر لتصوموا ولتكْمِلوا ولتكبروا، أو لتكملوا العدة، ولتكبروا الله بعد ذلك. الشافي في شرح مسند الشافعي (2/ 229-230).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
«ثم يُخَالِف» أي: يعمد «إلى مقعده فيقعد فيه»، وذكر هذا لمزيد التأكد بفعل هذا مع أخيك المسلم وهو مثلك، والزجر عن هذا الفعل ناشئ عن التكبُّر والتعاظم، كيف تفعل هذا مع أخيك المسلم وهو مثلك؟! فيحرم ذلك بغير رضا الجالس رضًا حقيقيًا، لا عن خوف أو حياء، وإنْ بَعَثَهُ ليأخذ له معقدًا قبل الزحمة؛ لأن المساجد ونحوها لا تُستحَق بالبَعْث، بل المبعوث أحق بما جلس فيه؛ لِسَبْقِه إليه، وإنْ كان ناويًا لمرسله، بل يكره له القيام منه، وإيثاره به إن كان ما يقوم إليه دون الأول في الفضيلة؛ لكونه في الصف الأول، فيتنحى له إلى الثاني؛ لأن الإيثار بالقُرْب بلا عذر مكروه. فتح الإله في شرح المشكاة (5/246).

قوله: «ولكنْ يقولُ: افْسَحُوا»:
قال ابن الملك -رحمه الله-:
«ولكن يقول» معناه: ليقل: «تفسحوا» أي: توسعوا، فإن قيل: ثبت في الصحيح أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا قام أحدكم من مجلسه فهو أحق به إذا عاد إليه» وهذا يدل على جواز إقامة أخيه من مكانه، فما التوفيق بينهما؟
قلنا: عدم جواز الإقامة في حق من سبق إليه؛ لأن السابق اختصَّ بذلك الموضع، فلا يجوز للمتأخر أنْ يقيمه. مبارق الأزهار(1/572).
وقال الروياني -رحمه الله-:
ولو جاء والموضع ضيِّقٌ بأهله يقول: تفسَّحوا أو توسَّعوا، ولا يقيم أحدًا من مجلسه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقيمن أحدكم الرجل من موضعه، ثم يخلفه فيه، ولكن يقول: توسعوا وتفسحوا»، فإنْ قعد المأموم في مصلى الإمام أو في طريق الناس، أو قعد مستقبِلًا للمصلين والمسجد امتلأ من الناس لا تُكْرَه إقامته؛ لأن في جلوسه ضررًا على الناس. بحر المذهب (2/ 384).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«ولكن يقول: افسحوا» بوصل الهمزة، أَمْرٌ مِن فَسَحَ يَفْسَحُ، كفَتَحَ يَفْتَحُ؛ أي: وسِّعوا المكان؛ وذلك بأنْ يَنْضَمَّ بعضكم إلى بعض، حتى يسع الداخلَ الجلوس فيه معكم. البحر المحيط الثجاج (35/ 639).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«ولكن يقول» القادم للجالسين: «افسحوا» لي، فَسَحَ الله لكم في رحمته...، ثم إنَّ النهي عن الجلوس في مجلس الغير إنما هو للقادم، أما الجالس قبله فيُستحب له أنْ يُؤثِر بمجلسه من كان أكبر منه سنًّا، أو أكثر منه علمًا، أو أفضل منه من ناحية أخرى، والله سبحانه أعلم. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (22/ 146).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
«ولكن» إذا دخل ورأى الناس قد ازدحموا، لكونهم تضامُّوا، ولم يبقَ له مجلس يَسَعه، فيسن له حنيئذٍ أن يَتَلَطَّف بهم في حصول التفسُّح له بقولٍ أو إشارةٍ، أُخذ من قوله: «ليقل: افسحوا»، وفي رواية: «تفسَّحوا وتوسَّعوا»، فإن زاد: رحمكم الله، أو يَفْسَحِ الله لكم، كما أشارت إليه الآية، أو نحو ذلك، فلا بأس، بل لو قيل: بِنَدْبِهِ لم يَبعُد، ولعله -صلى الله عليه وسلم- إنَّما سَكَت عنه؛ لأنه معلوم. فتح الإله في شرح المشكاة (5/246-247).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- مُتعقِّبًا الهيتمي:
لكنَّ هذا إذا كان المحل قابلًا للتوسُّع، وإلا فلا يُضيِّق على أحدٍ، بل يُصلي ولو على باب المسجد. مرقاة المفاتيح (3/ 1033).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
وقوله: «تفسَّحوا وتوسَّعوا» هذا أمر للجُلُوس (أي الجالسين) بما يفعلون مع الداخل؛ وذلك أنه لما نُهِي عن أنْ يقيم أحدًا من موضعه تعيَّن على الجالسين أنْ يوسِّعوا له، ولا يتركوه قائمًا؛ فإنَّ ذلك يؤذيه وربما يخجله، وعلى هذا فمَن وجد من الجلوس (الجالسين) سعة تعيَّن عليه أن يُوسِّع له، وظاهر ذلك أنه على الوجوب تمسُّكًا بظاهر الأمر؛ ولأن القائم يتأذَّى بذلك وهو مسلم، وأذى المسلم حرام، ويحتمل أنْ يقال: إنَّ هذه آداب حسنة، ومن مكارم الأخلاق، فتحمل على الندب. المفهم (18/ 14).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فيه: النهي عن إقامة الرّجل من مقعدهِ يوم الجمعة، ثم يقعد فيه؛ لأنه قد سبقه فهو أحق به، والتقييد بيوم الجمعة لا مفهوم له، بل لا يحل فيه وفي غيره من الأيام، بل شُرع أن يطلب أن يفسحوا له، ويتعين عليهم التفسيح له، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} المجادلة: 11. التحبير لإيضاح معاني التيسير (5/ 698).
وقال الرافعي -رحمه الله-:
وفقه الحديث: أنَّ مَن جلس في موضع من المسجد للصلاة كان أحق بذلك الموضع في الصلاة التي حضر لها، جمعةً كانت أو غيرها، وليس لغيره إزعاجه عنه، وإنْ فارقه لحاجة عرضت من تجديد وضوءٍ، أو رعاف، أو غيرهما، لم يبطل اختصاصه على ظاهر المذهب، ولا فرق بين أنْ يترك إزاره فيه أو لا يترك، ولا بين أن يطرأ العذر الْمُحْوِجُ إلى المفارقة بعد الشروع في الصلاة أو قبله.
وفيه: أنَّه يُستحب للداخل أنْ يطلب من القوم التفسُّح، ولهم أنْ يتفسَّحوا، ويمكِّنوه من الدخول في الصف، وقد قال الله تعالى: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا في الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا} المجادلة: 11. شرح مسند الشافعي (1/ 527).

ولمزيد من الفائدة ينظر حديث..(هنا)


ابلاغ عن خطا