عن سعيدِ بن المسيِّبِ قال: «حضرَ رجلًا من الأنصارِ الموتُ، فقال: إِنِّي محدثُكُم حديثًا ما أُحَدِّثُكُمُوه إلا احتسابًا: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا توضأَ أحدُكُم فأحسنَ الوضوءَ، ثم خرجَ إلى الصلاةِ؛ لم يرفعْ قدمَهُ اليُمنى إلا كتبَ اللهُ -عز وجل- له حسنةً، ولم يضعْ قدمَهُ اليسرى إلا حَطَّ اللهُ -عز وجل- عنه سَيِّئَةً، فَلْيُقَرِّبْ أحدُكُم أو لِيُبَعِّدْ، فإن أتى المسجدَ فصلى في جماعةٍ غُفِرَ له، فإن أتى المسجدَ وقد صَلَّوْا بعضًا، وبقي بعضٌ؛ صلى ما أدرك، وَأَتَمَّ ما بقي- كان كذلك، فإن أتى المسجدَ وقد صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصلاة كان كذلك».
رواه أبو داود برقم: (563)، والبيهقي في الكبرى برقم: (5011) من حديث رجل من الأنصار -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (440)، صحيح أبي داود برقم: (563).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«حَطَّ اللهُ»:
قال الليث: الحَطّ: وضع الْأَحْمَال عَن الدوابّ ...، ويقال: حَطّ الله عَنْك وِزْرَك فِي الدُّعَاء، أَيْ: خَفّف عن ظهرك ما أثقله من الإزر. تهذيب اللغة، لابن فارس (3/ 267).
وقال ابن منظور -رحمه الله-:
واستحَطَّه وِزْرَه: سأَله أَن يَحُطَّه عنه، والاسم: الحِطَّةُ. لسان العرب (7/ 273).
شرح الحديث
قوله: «حضر رجلًا من الأنصار الموت»:
قال بدر الدين العيني -رحمه الله-:
قوله: «حضر رجلاً» انتصاب «رجلاً» على المفعولية، و«الموتُ» مرفوع؛ لأنه فاعل حضر. شرح سنن أبي داود (3/ 47).
وقال: السهارنفوري -رحمه الله-:
«حضر رجلًا من الأنصار الموت» أي: قَرُبَ حضور الموت. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (3/412).
قوله: «فقال: إِنِّي محدثكم حديثًا ما أُحَدِّثُكُمُوه إلا احتسابًا»:
قال: السهارنفوري -رحمه الله-:
«فقال» أي: الرجل للحاضرين: «إني محدثكم حديثًا ما أُحَدِّثُكُمُوه إلا احتسابًا» أي: طلبًا للثواب؛ فإن في نشر العلم أجرًا. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (3/ 412).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«حضر رجلًا» مفعول مُقدم، «من الأنصار الموت، فقال: إني محدثكم حديثا ما أُحَدِّثُكُمُوه إلا احتسابًا» مفعول له، أي: إلا لأحتسبه في حسناتي قبل موتي، وأدَّخِر أجره عند الله تعالى. شرح سنن أبي داود (3/ 582).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
قوله: «إِنِّي محدثكم حديثًا ما أُحَدِّثُكُمُوه إلا احتسابًا» يعني: أنه يرجو الثواب من الله -عز وجل- في ذلك؛ وليأخذ الناس بما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يرويه لهم من الحديث. شرح سنن أبي داود (3/ 481).
قوله: «إذا توضَّأ أحدكم فأحسن الوضوء»:
قال أبو الوليد الباجي -رحمه الله-:
«فأحسن الوضوء» يقال: أحسن فلان كذا بمعنيين: أحدهما: أنه أتى به على أَكمل هيئة.
والثاني: أَنه عَلِمَ كيف يأتي به يُقال: فلان يُحسن صنعة كذا أي: يَعلم كيف يصنع. المنتقى شرح الموطإ(1/ 218).
وقال النووي -رحمه الله-:
ومعنى إحسانه: الإتيان به ثلاثًا ثلاثًا، ودَلك الأعضاء وإِطالة الغُرّة والتّحجِيل، وتقديم المَيَامِنِ والإتيان بِسُنَنِهِ المشهورة شرح صحيح مسلم(6/ 146).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«إذا توضأ فأحسن الوضوء» شرط في تحصيل الفضيلة. شرح سنن أبي داود (3/ 582).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«إذا توضأ أحدكم» في نحو بيته «فأحسن الوضوء» بأن راعى فروضه وسننه وآدابه، وتجنب منهياته. فيض القدير (1/ 320).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«فأحسن الوضوء» أي: أكمله وأجمله. بذل المجهود (3/ 412).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
وإحسان الوضوء: يكون بإسباغه؛ وذلك بكونه يتأكد من كون الماء جاء على جميع أعضاء الوضوء بحيث لم يترك شيئًا لم يصل إليه الماء، ثم أيضًا يأتي به بثلاث غسلات، ولا يزيد على ذلك. شرح سنن أبي داود (3/ 481).
قوله: «ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قَدَمَه اليُمنى إلا كتب الله -عزّ وجلّ- له حَسنة، ولم يضع قَدَمَه اليُسرى إلا حَطَّ الله -عزّ وجلّ- عنه سَيِّئَةً»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
تخصيص الحسنة باليمنى إكرامًا لليُمنى على اليُسرى التي يُحط بها سيئة، كما في كاتب الحسنات على اليمين، وكاتب السيئات على اليسار.
وفي الحديث: إشارة إلى أن السنة لمن ذهب إلى المسجد أن يبدأ باليمين التي يكتب بها الحسنة، وأن الماشي إلى المسجد يرفع اليُمنى في المشي أكثر من اليُسرى؛ ولهذا قال في اليمين: «يرفع» وفي اليسرى: «يضع»؛ مع أن الأقيس فيهما: الرفع في المشي. شرح سنن أبي داود (3/ 582-583).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
فيه: إشارة إلى أن المصلي إذا أراد الخروج إلى الصلاة فينبغي له أن يبدأ برفع قَدمه اليمنى، ثم وضع قدمه اليسرى. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (3/ 412-413).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «لم يرفع قدمه اليُمنى» أي: ولم يضعها، «ولم يضع قدمه اليسرى» أي: ولم يرفعها، ففي الكلام حذف، وهو يفيد أن إحدى الخطوتين فيها حسنة، وفي الأخرى حطّ سيئة، ويؤيده ... رواية مالك عن أبي هريرة: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامدًا إلى الصلاة؛ فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة، وإنه تكتب له بإحدى خطوتيه حسنة، ويمحى عنه بالأخرى سيئة».
ويحتمل أن في الكلام احتباكًا (الاحتباك: هُوَ أَن يحذف من الأول مَا أثبت نَظِيره فِي الثَّانِي، وَمن الثَّانِي مَا أثبت نَظِيره فِي الأول)، أي: لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله له حسنة، ولم يضعها إلا حَطَّ عنه بها سيئة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حَطَّ الله عنه بها سيئة، ولم يرفعها إلا كتب الله له بها حَسنة. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (4/ 261- 262).
قوله: «فَلْيُقَرِّبْ أحدكم أو لِيُبَعِّدْ»:
قال العيني -رحمه الله-:
قوله: «فَلْيُقَرِّبْ أو لِيُبَعِّدْ» كلاهما من باب التفعيل، يعني: فَلْيُقَرِّبْ قدمه اليُمنى من قدمه اليُسْرى؛ إن أراد كثرة الحسنات، وكثرة حَطّ السيئات؛ لأن ذلك بحسب عدد الخُطَا، أو ليُبعد بَيْنهما إن لم يُردْ ذلك.
وهذا الأمر للإباحة، وكلمة (أو) وإن كانت للتخيير، ولكن ليس هو مرادًا في هذا الموضع، بل المراد: تقريب الخُطَا ليس إلَّا؛ لأن هذا حثٌّ وتحريض على تحصيل مثل هذه الفضيلة؛ وذلك لا يحصل بالتخيير.
وقوله: «أو لِيُبَعِّدْ» وإن كان أمرًا في الظاهر، ولكن المعنى على النهي، ومثل هذا من باب المبالغة، كما يقول الرجل لابنه وهو يتمرَّد عليه: لا تسمع كلامي، وليس مراده أن لا يسمع كلامه، وإنما هو نهيُ شفقة حتى يرتدع مما هو فيه ويمتثل كلامه. شرح سنن أبي داود (3/ 47-48).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
أي: فَلْيُقَرِّبْ أحدكم مكانه من المسجد، أو يقال: فَلْيُقَرِّبْ أحدكم خُطاه إلى المسجد أو لِيُبَعِّدْ، ولفظة (أو) ههنا ليس للتخيير بل للإبهام، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} سبأ: 24، والحديث باعتبار الاحتمال الثاني أوفق بالباب؛ فإن تقريب الخُطا يكون بالسكينة والوقار في المشي. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (3/ 413).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «فليُقَرِّب» الظاهر أنه من التقريب، وما بعده من التبعيد، والمعنى: فليُقَرِّب داره من المسجد، أو خطوته، أو ليُبَعِّد أي الدار أو الخطوة، ولعله ذكر هذا الحديث في هذا الباب؛ لأنه يدل على ترك الاستعجال في المشي في الجملة، -والله تعالى أعلم-. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (1/367- 368).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
يعني: فليُقَرِّب بيته أو يبعد من المسجد، والمسافة كلما زادت كان أعظم، وهذا مثل الحديث... : «أن الأبعد فالأبعد إلى المسجد أعظم أجرًا». شرح سنن أبي داود.
قوله: «فإن أتى المسجد، فصلى في جماعة»:
قال السهارنفوري -رحمه الله-:
«فإن أتى المسجد فصلى» أي: أدى الصلاة. بذل المجهود (3/ 413).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فيه فضيلة الجماعة في المسجد. شرح سنن أبي داود (3/ 583).
قوله: «غُفِرَ له»:
قال الفيومي -رحمه الله-:
المراد بذلك غفران ذُنوبه الصغائر، وهو سترها عليه في القيامة...وأما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة أو مسامحة الله تعالى العبد وفضله، وفضله عظيم. فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (3/ 349).
قوله: «فإن أتى المسجد وقد صَلَّوْا بعضًا وبقي بعضٌ صلى ما أدرك، وأَتَمَّ ما بقي كان كذلك»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«فَإِنْ أَتَى» إلى «المسجد و» وجدهم «قد صَلَّوْا بَعْضًا» من الصلاة، «وبقي» عليهم «بعض» لم يصلوه «صَلَّى» معهم «ما أدرك» منها، «وأتَمَّ» بعد فراغهم «ما بقي» عليه «كان كذلك» أي: كمن أتى في المشي إلى المسجد، وصلى في الجماعة من أولها.
وفي قوله: «وأتَمَّ ما بقي عليه» حجة للشافعي والجمهور: أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما يلي بعد سلامه هو تمام صلاته في آخرها، وعكسه أبو حنيفة وطائفة لرواية: «واقض ما سبقك»، وأجابوا عن هذه الرواية: بأن المراد بالقضاء قضاء الفعل لا القضاء المصطلح عليه، وهذا كالتعليل لإتيانه الصلاة بسكينة ووقار دون السعي، كما في الصحيح: «فلا تأتوها تسعون، وَأْتُوهَا تمشون عليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا»؛ ولهذا ذكره المصنف في المشي إلى الصلاة. شرح سنن أبي داود (3/ 583-584).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«فإن أتى المسجد وقد صَلَّوْا» أي: الإمام مع الجماعة «بعضًا» أي: بعض الصلاة «وبقي بعض» أي: بعض الصلاة، والجملة حَالِيَّةٌ، «صلَّى» أي: ذلك الرجل الجائي «ما أدرك» أي: من صلاة الإمام، «وأتَمَّ ما بقي» أي: ما فات منه من صلاة الإمام، وهذه الجملة مُتَفَرِّعَة على الجملة الحالِيَّةِ المتقدمة بتقدير العطف، وليست جزاء للشرط، «كان كذلك» جزاء للشرط المتقدم، أي: كان له مثل من صلى صلاته كاملة في جماعة من حصول المغفرة له. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (3/ 413).
قوله: «فإن أتى المسجد وقد صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصلاة كان كذلك»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«فإن أتى المسجد و» وجدهم «قد صَلَّوْا» ولحقهم قبل السلام «فَأَتَمَّ الصلاة» بعد سلامهم إذا أدرك معهم تكبيرة الإحرام؛ «كان» حكم المشي إلى الصلاة «كذلك» لا يَنْقُصُ من أجره شيء، فإن لم يُدْرِك معهم شيئًا ووجدهم قد صَلَّوْا فليرجع إلى منزله يصلي بأهله؛ لما روى الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات، عن أبي بكرة: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلَّوْا، فمال إلى منزله فجمع أهله فصلى بهم».
هذا يدل على أن الجماعة في البيت أفضل من الانفراد في المسجد. شرح سنن أبي داود (3/ 584).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «فإن أتى المسجد وقد صلَّوا» أي: والحال أن الجماعة قد صلَّوا الصلاة، ولم يدركهم في جزء من الصلاة، فأتم هو الصلاة، كان الأمر كما كان في الصورتين، يعني: غُفر له أيضًا؛ لأن الأعمال بالنيات، وقد كانت نِيَّتُه أن يصلي معهم، فغُفِرَ له بذلك؛ لئلا يخيب في سَعْيه ذلك. شرح سنن أبي داود (3/ 48).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«فإن أتى المسجد وقد صلَّوا» أي: فرغوا من الصلاة، ولم يُدْرِك هذا الرّجل شيئًا من صلاة الإمام «فَأَتَمَّ» أي: فأدَّى ذلك الرجل تامًّا «الصلاة» أي: صلاته منفردًا؛ «كان كذلك» أي: غفر له، كما كان، غفر له في الحالتين الأوليين. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (3/ 413).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
قوله: «كان كذلك» يعني: غُفر له؛ لأنه خرج من بيته متوضئًا يريد الصلاة، وهذا فيما إذا لم يكن ذلك تكاسلًا وعادة، فإذا كان الإنسان حريصًا على الصلاة ولكن حصل أن فاتته الصلاة فإنه يُعْذَر، وأما أن يكون الإنسان عادته أن يتكاسل ويتأخر عن الصلاة فهذا لا ينبغي، فالإنسان عليه أن يحرص على أن يذهب إلى المساجد وأن يبكر إليها.
وهذا يدلنا على فضل الذهاب إلى المساجد، وأن فيه الأجر العظيم من الله، وسواء أدرك الصلاة كلها، أو أدرك بعضها، أو لم يدرك شيئًا؛ ولكنه صلى في المسجد، فإنه بذلك يحصل الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله -سبحانه وتعالى-. شرح سنن أبي داود (3/ 482).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
ومعنى هذا كله: أنه يُكتب له ثواب الجماعة؛ لَمَّا نواها، وسعى إليها، وإن كانت قد فاتته، كمن نوى قيام الليل ثم نام عنه، ومن كان له عمل فعجز عنه بمرض أو سفر، فإنه يكتب له أجره.
ويشهد لهذا: ما خرَّجه أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا»، وخرَّج أبو داود من حديث سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار، سمع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضًا، وبقي بعضٌ، فصلى ما أدرك، وأتم ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك»، وخرَّج النسائي في هذا الباب من حديث عثمان: سمعتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الناس، أو مع الجماعة، أو في المسجد غفر له ذنبه». فتح الباري (5/20- 21).
وقال السندي -رحمه الله- عن رواية: «كتب الله له مثل أجر من حضرها»:
ظاهره: أنَّ أدراك فضل الجماعة يتوقف على أن يسعى لها بوجهه، ولا يقصر في ذلك، سواء أدركها أم لا، فمن أدرك جزءًا منها ولو في التشهد فهو مدرك بالأولى، وليس الفضل والأجر مما يُعرف بالاجتهاد، فلا عبرة بقول من يخالف قوله الحديث في هذا الباب أصلًا. حاشية السندي على سنن النسائي (2/ 111-112).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
دلّ الحديث على مزيد فضل الذهاب إلى المساجد للصلاة، وعلى الترغيب في كثرة الْخُطَا إليها، وعلى أن من خرج من بيته قاصدًا الصلاة فيها مع الجماعة غفر له إن أدركها كلها مع الجماعة أو بعضها، أو لم يدرك منها مع الجماعة شيئًا وصلاها منفردًا. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (4/ 262).