«اقرؤوا سورةَ البقرةِ في بيوتِكُم فإنَّ الشيطانَ لا يدخلُ بيتًا يُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ».
رواه الحاكم في المستدرك برقم: (2062)، والطبراني في المعجم الكبير برقم: (8643)، والبيهقي في شعب الإيمان برقم: (2163) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وأصله في مسلم برقم: (780).
سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1521)، صحيح الترغيب، والترهيب برقم: (1463).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«سورة»:
السُّورة: قِطْعَة من القُرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، مسماة باسم مخصوص، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تامٍّ ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة، ناشئ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة. التحرير والتنوير، لابن عاشور (1/ 84).
«الشيطان»:
كل عاتٍ مُتَمَرِّد من الجن والإنس والدوابِّ فهو شيطان. مجاز القرآن، لأبي عبيدة (1/ 32).
وقال أبو هلال العسكري -رحمه الله-:
إن الشيطان هو الشِّرِّير من الجن؛ ولهذا يقال للإنسان إذا كان شِرِّيرًا: شيطان، ولا يقال: جِنِّيٌّ؛ لأن قولك: شيطان يفيد الشر، ولا يفيده قولك: جِنِّيٌّ، وإنما يفيد الاستتار؛ ولهذا يقال على الاطلاق: لعن الله الشيطان، ولا يقال: لعن الله الجني، والجني اسم الجنس، والشيطان صفة. معجم الفروق اللغوية (ص: 307).
شرح الحديث
قوله: «اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم»:
قال المناوي -رحمه الله-:
أي: في أماكنكم التي تسكنونها: بيتًا أو خلوةٍ أو خباءِ أو غيرها. فيض القدير (2/ 66).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
ذلك لما في حفظها والمواظبة على تلاوتها من الكلفة والمشقة، واشتمالها على الحكم والشرائع، والقصص والمواعظ، والوقائع الغريبة، والمعجزات العجيبة، وذكرِ خاصَّةِ أوليائه، والمصطفين من عباده، وتفضيح الشيطان ولعنه، وكشف ما يتوسل به إلى تسويل آدم وذريته. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة(1/ 522).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وفيه دليل على أنه ما ينبغي للإنسان أن يترك القراءة في بيته، وأنه ينبغي أن يجعل في بيته جزءًا من تلاوته، وبعضًا من صلاته التي يتنفل بها. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين (ص: 398).
وقال الشوكاني -رحمه الله- أيضًا: عن حديث: «إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة»:
ظاهره: أنه يفر إذا سمعها مرة، ولا يعود بعد ذلك؛ لأن بقراءتها مرة في البيت قد صدق على هذه القراءة بهذه السورة في البيت أنها قُرِئَتْ فيه، ولكن قد ورد تقييد هذا المنع بثلاثة أيام، أو ثلاث ليال. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين (ص:397-398).
قال الشيخ الألباني -رحمه الله-:
لم نجد للحديث (بثلاثة أيام، أو ثلاث ليال) شاهدًا نقويه به إلا طرفَه الأول منه(إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)، وهو مخرج في "السلسلة الأخرى".سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم: (1349)
قوله: «فإن الشيطان لا يدخل بيتًا يُقْرَأ فيه سورة البقرة»:
قال أبو حاتم البُستي -رحمه الله-:
أراد به مردةِ الشياطين دون غيرهم.صحيح ابن حبان برقم:(780)
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
فأهل الإخلاص والإيمان لا سلطان له عليهم (أي الشيطان)؛ ولهذا يهربون مِن البيت الذي تُقْرأ فيه سورة البقرة.النبوات:(2/ 1018)
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
أي: ييأس من إغواء أهله وتسويلهم؛ لما يرى من جِدِّهم في الدِّين ورسوخهم في الإسلام. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة(1/ 522).
وقال المظهري -رحمه الله-:
خص سورة البقرة بفرار الشيطان من البيت الذي تقرأ فيه؛ لطولها، وكثرة الأحكام الدينية، وكثرة أسماء الله تعالى العظيمة فيها. المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 71).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
المراد: أمرهم بقراءة القرآن، والعمل به، والتحري في استنباط معانيه، والكشف عن حقائقه بحيث يصير ذا جِدّ وحظّ وافر مِن ذلك مراغمةً للشيطان. شرح المشكاة (5/ 1640).
قال البغوي -رحمه الله-:
فيه: دليل على أنه يجوز أن يقال: سورة البقرة، وكرِهه بعضهم، وقال: ينبغي أن نقول: السورة التي يذكر فيها البقرة، وكذلك أمثالها، والأول أولى وأصح. شرح السنة (4/ 456).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
هذا الحديث: يدل على فضيلة سورة البقرة، وتقديمها على غيرها، وإنها لَكَذَلِكَ؛ فإنها جمعت من أحكام الشرع ما لم تجمعه سورة في القرآن، وهي مشتملة على صفات المؤمنين، وصفات المنافقين، وشرح قصص بني إسرائيل، والزجر عن السِّحر والرِّبا، وذكر القبلة والصلاة والصوم والحج والعمرة، والطلاق والعُدَد، والديون والشروط والرهن والقصاص، وغير ذلك من الأحكام. الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 98).
وللاستفادة من الروايات الأخرى ينظر (هنا) و (هنا)