الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة».


رواه أحمد برقم: (22034)، وأبو داود برقم: (3116) واللفظ له، من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (6479)، مشكاة المصابيح برقم: (1621).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«آخِر»:
الهمزة والخاء والراء: أصل واحد إليه ترجع فروعه، وهو خلاف التَّقَدُّم. وهذا قياس أخذناه عن الخليل؛ فإنه قال: الآخِر نقيض المتقدِّم. مقاييس اللغة، لابن فارس (1/70).
وقال الرازي -رحمه الله-:
الآخِر -بكسر الخاء-: بعد الأول وهو صفة، تقول: جاء آخِرًا أي: أخيرًا، وتقديره فاعل، والأنثى آخِرة. مختار الصحاح (ص: 9).


شرح الحديث


قوله: «من كان آخر كلامه»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«من كان آخرُ كلامه» برفع (آخره)، وقيل: بنصبه. مرقاة المفاتيح (3/ 1168).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «من كان آخر كلامه» في الدنيا. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 438).
وقال أنور شاه الكشميري -رحمه الله-:
ومعنى الآخرية: أن لا يجري على لسانه بعدها شيء من كلام الدنيا، فمن قالها وأُغْمِيَ عليه ليلًا مثلًا ومات فيه ولم يفق، فإنه يُرجى له هذا الأجر الموعود -إن شاء الله تعالى-. فيض الباري (1/317).
وقال العيني -رحمه الله-:
أي: آخر كلامه في الدنيا؛ ولهذا قال أصحابنا: ينبغي أن يُلَقَّن الميت حين يُشْرِفُ على الموت؛ ليكون آخر كلامه شهادة: أن لا إله إلا الله. شرح سنن أبي داود (6/ 35).

قوله: «لا إله إلا الله»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«لا إله إلا الله» محله النصب، أو الرفع على الخبرية أو الإسمية. مرقاة المفاتيح (3/ 1168).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«لا إله إلا الله» مضمومًا إليها: محمَّد رسول الله لفظًا واعتقادًا. التنوير (10/367).
وقال الدِّهلوي -رحمه الله-:
قوله: «من كان آخر كلامه لا إله إلا اللَّه» قد عرفتَ أنَّ المراد مجموع: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه. لمعات التنقيح (4/87).
وقال الزمخشري -رحمه الله-:
فإن قلتَ: هلَّا ذكر الإيمان برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قلتُ: لما علم وشهر أنَّ الإيمان بالله تعالى قرينته الإيمان بالرسول -عليه السلام- لاشتمال كلمة الشهادة والأذان، والإقامة وغيرها عليهما مقترنين مزدوجين، كأنهما شيء واحد؛ غير مُنْفَكٍّ أحدهما عن صاحبه، انطوى تحت ذكر الإيمان بالله تعالى الإيمان بالرسول -عليه السلام-. الكشاف (2/ 243).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
المراد بقوله: «لا إله إلا الله» في هذا الحديث وغيره: كلمتا الشهادة؛ فلا يرد إشكال ترك ذكر الرسالة. فتح الباري (3/110).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قال ميرك: المراد به: قرينته، فإنه بمنزلة عَلَم لكلمة الإيمان، كأنه قال: من آمن بالله ورسوله في الخاتمة دخل الجنة.
قوله: المراد مع قرينته، فإنه بمنزلة علم الظاهر، أو لأنه بمنزلة علم، فيجوز الاكتفاء به لفظًا، وإن كان يُرَاد قرينته معنىً، وهو ظاهر إطلاق الحديث. مرقاة المفاتيح (3/ 1168).
وقال المباركفوري -رحمه الله-:
قلتُ: الظاهر أن المراد به: كلمة التوحيد فقط، أي: من غير زيادة محمد رسول الله؛ لأن المطلوب قولها عند الموت من حيث أنها كلمة ذِكر، لا من حيث أنها كلمة إسلام. مرعاة المفاتيح (5/ 313).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
وإذا كان مسلمًا وشهد أن لا إله إلا الله، ومات على ذلك، فإنه يكفي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة»، وإنما اكتُفِيَ بلا إله إلا الله؛ لأن هذا الميت يقر بأن محمدًا رسول الله، وليس عنده فيها إشكال. شرح الأربعين النووية (ص: 25).
وقال المظهري -رحمه الله-:
ظاهر هذا الحديث: أن بعض اليهود والنصارى يدخلون الجنة؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله، ولكن ليس معناه: من قال: لا إله إلا الله، بل معناه: مَن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فمن كان آخر كلامه عند الموت هاتين الكلمتين دخل الجنة؛ إما قبل العذاب، وإما بعد أن عُذِّبَ بقدر ذنوبه. المفاتيح (2/ 422).
وقال العيني -رحمه الله-:
ظاهر الحديث في حق المشرك؛ فإنه إذا قال: لا إله إلا الله، يُحْكَم بإسلامه؛ فإذا استمرَّ على ذلك إلى أن مات دخل الجنة. وأما الْمُوَحِّد من الذين ينكرون نُبُوَّة سيدنا محمد رسول الله صلى اللّه عليه وسلم، أو يدَّعي أنه مبعوث للعرب خاصة، فإنه لا يُحْكَم بإسلامه بمجرد قوله: لا إله إلا الله، فلا بد من ضميمة: محمد رسول الله. عمدة القاري (8/2-3).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
فإن قلتَ: كثير من المخالفين كاليهود يتكلمون بكلمة التوحيد، فلا بد من ذكر قرينتها من قوله: محمد رسول الله.
قلتُ: قرينتها صدورها عن صدر الرسالة، كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} التوبة: ١٨. شرح المشكاة (4/ 1374).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
ولم يظهر وجهه، فالأوجَه في الجواب: أنه لا بد من ذكر القرينة في متجدد الإسلام، وأما المؤمن المشحون قلبه بمحبة سيد الأنام، واعترافه بنُبُوَّته -عليه الصلاة والسلام-؛ فيُكْتَفى عنه بكلمة التوحيد المتضمن للنُبُوَّة والبعث وغيرها في آخر الكلام، -والله تعالى أعلم بالمراد-.
مع أنه قد يقال: المراد به: الشهادتان، وأنه عَلَمٌ لهما، والظاهر: أن الكلام شامل للساني والنفساني لرواية: «وهو يعلم»، ولا شك أن الجمع أفضل، والمراد: على القلب من المعرفة. مرقاة المفاتيح (3/ 1169).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير-حفظه الله-:
هذه الكلمة على كل مسلم -لا سيما طلاب العلم- أن يهتموا بمعرفتها وجميع ما يتعلق بها. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ لا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله، ولا يكفي أن يقول: أشهد أن لا إله إلا لله، بل لا بد من الشهادة لمحمد -عليه الصلاة والسلام- بالرسالة؛ لأن النصارى لا سيما من لا تحريف عنده يقول: لا إله إلا الله، أما أهل التحريف من اليهود والنصارى هؤلاء يعبدون مع الله غيره، -يشركون مع الله غيره- فلا بد من الاعتراف برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس أجمعين. شرح الأربعين النووية (4/5).
وقال أنور شاه الكشميري-رحمه الله-:
وليس المراد من الكلمة ههنا: ما كانت على طريق العقيدة، بل هي عمل من الأعمال الصالحة، وحسنة من حسناته، أجرها عند الرحيل هو النجاة، فهذه فضيلة لمن جرت تلك الكلمة على لسانه.
ولما كانت على طريق الأذكار دون الإيمان فلا يحكم بالكفر على من لم تجرِ تلك الكلمة على لسانه. فيض الباري (1/ 316-317).
وقال أنور شاه الكشميري -رحمه الله- أيضًا:
واعلم أن هذه الكلمة كلمة إيمان، وكلمة أذكار، فإذا قالها الكافر ليدخل بها في الإيمان فهي كلمة إيمان، وإذا ذكر بها المسلم فهي ذكر كسائر الأذكار، وعليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل الذكر لا إله إلا الله»، والموزون في حديث البطاقة عندي هو كلمة الذكر دون الإيمان؛ فإن الإيمان لو وُزِنَ بالكفر فإنه يقابله، فلا يوزن بالأعمال.
ولعل اسم الله يخرج من كفة الأعمال عند الوزن، فإن اسم الله لا يوزن معه شيء، وإنه يرجح الدنيا بما فيها. وإنما وزن لهذا المسرف على نفسه ليرى أهل المحشر وزنه مرة. ولعل هذا الرجل قاله بنهاية الإخلاص فنال حظه منه كاملًا، فإن الناس وإن كانوا سواء في أصل الإيمان؛ إلا أنهم يختلفون في التلبُّس بتلك الكلمة على مراتب لا تحصى؛ فإن التَّلَبُّس بتلك الكلمة شيء وراء الإيمان. فيض الباري (3/3).
وقال أبو عبدالله القرطبي -رحمه الله-:
وقيل: يجوز حمل هذه الشهادة على الشهادة التي هي الإيمان، ويكون ذلك في كل مؤمن تَرْجُح حسناته ويوزن إيمانه كما تُوْزَن سائر حسناته وإيمانه يَرْجُح سيئاته كما في هذا الحديث، ويدخله النار بعد ذلك فيُطَهِّره من ذُنوبه ويدخله الجنة بعد ذلك، وهذا مذهب قوم يقولون: إنّ كُلّ مؤمن يُعطى كتابه بيمينه وكُل مؤمن يثقل ميزانه ويتأولون قوله الله تعالى {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الأعراف: 8، أي: الناجون من الخُلود، وقوله: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} الحاقة: 21، أي: يومًا مَا، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» أي: أَنه صائر إليها لا محالة أصابه قبل ذلك ما أصابه.
قلت: هذا تأويل فيه نظر يحتاج إلى دليل من خارج ينص عليه، والذي تدل عليه الآي والأَخبار أنّ مَن ثقل ميزانه فقد نجا وسلم وبالجنة أَيقن وعلم أَنّه لا يدخل النار بعد ذلك، والله أعلم. التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة(ص: 730)
وقال السندي -رحمه الله-:
ففيه: تنبيه على أن المراد بحديث: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله» هو أن يكون آخر كلامه ما يدل على التوحيد بأي عبادة كان، لا أن يكون آخر كلامه: لا إله إلا الله بعينه؛ لأن المرعي في هذا الباب المعاني لا الألفاظ، ويؤيده في الجملة أن آخر كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- المعلوم كان غير هذه الكلمة، وهو قوله: «الرفيق الأعلى»، لكن لكونه من ثمرات كمال التوحيد كان دالًّا على التوحيد بأتم وجه وآكده. حاشية السندي (4/149).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
والمقصود: القلب لا اللسان، فلو قال: لا إله، ومات، ومعتقده وضميره الوحدانية كان من أهل الجنة باتفاق أهل السُّنة، وإنما عَظُمَتْ لأنها توحيد كلها. شرح سنن أبي داود (7/258).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
ودَلّ أيضًا: أن من قالها وارْتَعَدَ ومات على اعتقادها كذلك؛ ففي مسلم من حديث عثمان مرفوعًا: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة». التوضيح لشرح الجامع الصحيح(9/387).
وقال الدماميني -رحمه الله-:
وكأن البخاريّ أراد أن يُفَسِّر معنى قوله: «مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ» بالموت على الإيمان حكمًا أو لفظًا، ولا يُشترط أن يتلفظ بذلك عند الموت إذا كان حكم الإيمان بالاستصحاب، وذَكَر قولَ وهب أيضًا تفسيرًا لكون مجرد النطق لا يكفي، ولو كان عند الخاتمة حتّى يكون هناك عملٌ؛ خلافًا للمرجئة، وكأنه يقول: لا يعتقد الاكتفاء بالشهادة، وإن قارنت الخاتمة، ولا يعتقد الاحتياج إليها نطقًا إذا تقدمت حكمًا. مصابيح الجامع (3/205).

قوله: «دخل الجنة»:
قال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «دخل الجنة» أي: استحق دخولها، وهذا، ويحتمل بقاء الحديث على ظاهره من الاقتصار على كلمة التوحيد، ويحتمل أن المراد بقول: لا إله إلا الله: الشهادتان؛ إذ لا يكون مسلمًا إلا بهما. المنهل العذب المورود (8/252).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «دخل الجنة» إما قبل العذاب دخولًا، أو بعد أن عُذِّبَ بقدر ذنوبه، والأول الأظهر؛ ليتميز به عن غيره من المؤمنين الذين لم يكن آخر كلامهم هذه الكلمة. مرقاة المفاتيح (3/168-169).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«دخل الجنة» أي: بعد التعذيب إن عُذِّب، ففيه الوعد بموت قائل ذلك على الإسلام، ويحتمل: أن يُراد دخلها ابتداءً مع الفائزين، ويؤيدهُ حديث أبي يعلى. وهذا ما استظهرهُ عياض. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 391- 392).
وقال ابن حجر الهيتمي-رحمه الله-:
«من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» أي: مع الفائزين، وإلا فكل مسلم ولو فاسقًا يدخلها ولو بعد عذاب وإن طال، خلافًا لكثير من فِرَق الضلال كالمعتزلة والخوارج. تحفة المحتاج بشرح المنهاج (1/393).
وقال محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«دخل الجنة» هو على ظاهره من أنه يدخلها بدءًا؛ إما لأنه ختم كلامه بذلك كفَّر عنه، أو كثَّر أجره حتى رجحت حسناته، وكذلك حديث: «يدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء»؛ لأن ما أضاف إلى الشهادتين من أمر عمن كفَّر أيضًا أو كَثَّر حسناتِه. الكوكب الوهاج (2/238).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«دخل الجنة»؛ لأنها شهادة شهد بها عند الموت، وقد ماتت شهواته، وذهلت نفسه لما حل به من هول الموت، وذهب حرصه ورغبته، وسكنت أخلاقه السيئة، وذل وانقاد لربه، فاستوى ظاهره بباطنه، فغفر له بهذه الشهادة لصدقه، وقائلها في الصحة قلبه مشحون بالشهوات والغي، ونفسه شَرِهَة بَطِرَة مَيِّتَة على الدنيا عشقًا وحرصًا، فلا يستوجب بذلك القول مغفرة، بخلاف قائلها عند الموت، ومثل من قالها في الصحة بعد رياضة نفسه، وموت شهواته، وصفائه عن التخليط، قاله الغزالي.فيض القدير (6/ 206).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
يقول: «دخل الجنة» ومعنى ذلك: أنه لا بد من دخول الجنة، فإن كان عاصيًا غير تائبٍ فهو في أول أمره في خطر المشيئة، يحتمل: أن يغفر له، ويحتمل: أن يعاقبه ويدخل الجنة بعد العقاب، ويحتمل: أن يكون من وُفِّقَ لِأَنْ يكون كلامه لا إله إلا الله يكون ذلك علامة على أن الله تعالى يعفو عنه، فلا يكون في خطر المشيئة تشريفًا له على غيره ممن لم يُوَفَّق أن يكون آخر كلامه؛ فإن غفل المحتضر أن يقولها فيذكره من يحضره. شرح سنن أبي داود (13/ 331).
وقال أبو الحسن السندي -رحمه الله-:
الظاهر: أن المراد بقوله: «دخل الجنة»: دخول الجنة ابتداء.
والمعنى: أنَّ إجراء الله تعالى هذه الكلمة السعيدة على لسانه في هذه الحالة: من علامات أنه سبقت له المغفرة من الله تعالى والرحمة، فيكون أهل هذه الكرامة من الذين قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} الأنبياء: 101. فتح الودود (3/395).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
أي: أنه صائر إليها لا محالة، أصابه قبل ذلك ما أصابه.
قال القرطبي: وهذا تأويل فيه نظر يحتاج إلى دليل من خارج يَنُصُّ عليه.
والذي يدل عليه الآيُ والأخبار: أنَّ من ثقُلَتْ موازينه فقد نجا وسلم، وبالجنة أيقن، وعلم أنه لا يدخل النَّار بعد ذلك، -والله أعلم-. قوت المغتذي (2/ 655).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «لا إله إلا الله دخل الجنة»؛ لأنها شهادة شهد بها عند الموت، وقد ماتت شهوته، واستوى ظاهره وباطنه، فغفر له بها لصدقها. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 438).
وقال النووي -رحمه الله-:
يجوز في حديث: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» أن يكون خصوصًا لمن كان هذا آخر نطقه، وخاتمة لفظه، وإن كان قبل مخلطًا، فيكون سببًا لرحمة الله تعالى إياه، ونجاته رأسًا من النار، وتحريمه عليها، بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين. شرح النووي على مسلم (1/ 220).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وينزلُ حديث: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله» خصوصًا لمن كان هذا آخر نطقه، وخاتمة لفظه وإن كان قبل مخلّطًا، فيكون سببًا لرحمة الله له ونجاته رأسًا من النار وتحريمه عليها، بخلاف مَن لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلّطين. إكمال المعلم (1/255)
قال ابن رجب -رحمه الله-:
«..دخل الجنة»، فإن المحتضر لا يكاد يقولها إلا بإخلاص، وتوبة، وندم على ما مضى، وعزم على أن لا يعود إلى مثله. جامع العلوم والحكم (2/627).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
ولا يوفق لقولها إلا من كانت أعماله صالحة من قبل ذلك، -نسأل الله توفيقه-، فقد رُوي عن جماعة من أهل الفجور أنهم لُقِّنُوها عند الموت، فلم يَتَلَقَّنوا، وكان النطق بها أثقل شيء عليهم مع النطق بغيرها، وعكسهم جماعة من الأتقياء خرجت أرواحهم وهم بها ناطقون. التنوير (10/367).
وقال الشيخ فيصل آل مبارك -رحمه الله-:
فيه: فضل كلمة التوحيد، وأن من قالها عند موته دخل الجنة.تطريز رياض الصالحين (ص: 542).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
ثم أورد أبو داود حديث معاذ - رضي الله تعالى عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ»، وهذا يدلنا على فضل ختام هذه الحياة الدنيا بكلمة الشهادة، وذلك بأن يشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والشهادة كما أنها هي الختام، فهي المبتدأ؛ ولهذا فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أول ما بعثه الله يطوف في القبائل ويقول: «يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا»، والدخول في الإسلام لا يكون إلا بالشهادتين، فهي إذن المبتدأ والمنتهى، وهذا يدلنا على أن الشهادة تكون آخر شيءٍ يتكلم به الإنسان، وإذا حصل كلامٌ آخر بعد الشهادة فإنه يُذكَّر ويُلقَّن مَرّة أخرى؛ حتى تكون الشهادة هي آخر ما يتكلم به. شرح سنن أبي داود (363/20).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
نكتة دالة على شرف الاشتغال بعلم الحديث:
ذكر النمازي في شرحه للأثمار ما وقع لأبي زرعة، وهو أنه لما حضرته الوفاة كان عنده أبو حاتم، ومحمد بن مسلم، فاستحييا أن يُلَقِّناه، فتذاكرا حديث التَّلقين، فارتج عليهما، فبدأ أبو زرعة وهو في النزع، فذكر إسناده إلى أن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله»، ثم خرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول: «دخل الجنة». بل الاشتغال بالعلم النافع مطلقًا سبب لحسنِ الخاتمة، كما ذكر الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وغيره عن بعضهم قال: حضرنا عيادة الشيخ أبي حامد الإسفراييني في مرض موته، فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه، فسأل بعض الحاضرين صاحبه عن مسألة، وهي ضمان الدَّرَك هل يصح؟ وكان على وجه السرار بينه وبينه، فسمعه الشيخ أبو حامد، فقال: إن كان بعد نقد الثمن صح، وإلا فلا، لا إله إلا الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(ثم) فاضت نفسه، كأنها ذُبَالَة سِراج -رحمه الله-. التحبير (1/140-141).

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)


أحاديث ذات صلة

ابلاغ عن خطا