«لو أَنَّ العِبادَ لم يُذنبوا لخلَق الله -عزّ وجلّ- خَلقًا يُذنبون، ثم يَغفر لهم، وهو الغفور الرحيم».
رواه البزار برقم: (2449)، والحاكم برقم: (7623)، والطبراني في الدعاء برقم: (1799)، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.
صحيح الجامع برقم: (5243)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (967).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«يُذنبوا»:
الذَّنْبُ: الإثم، والجمع ذُنُوب، وأَذْنَبَ صار ذَا ذنب بمعنى: تَحمَّلَه. المصباح المنير، للفيومي (1/210).
وقال ابن منظور -رحمه الله-:
الذَّنْبُ: الإثم والجُرم والمعصية، والجمع ذُنُوب، وذُنُوبات جمع الجمع. لسان العرب (1/389).
«يَغفر»:
غفر الله له غفرًا من باب ضَرَبَ، وغُفرانًا: صَفَح عنه، والمغفرة: اسمٌ منه، واستغفرتُ الله: سألتُه المغفرة، وأصل الغَفْر السّتْر. المصباح المنير (2/449).
شرح الحديث
قوله: «لو أَنّ العِباد لم يُذنبوا»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
لأنه تعالى قد وصف نفسه بالغفار والغفور، وغير ذلك مما في معناهما، ولا بد من وقوع ما وصف به نفسه، ولو فرض أنه لا يعصيه أحد من الثقلين «لخلَقَ خلقًا» لحكمة هي إظهار عفوه ومغفرته. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 126).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
ذُكر سببٌ لهذا الحديث، فقد أخرج ابن عساكر عن أنس -رضي الله عنه-، أن أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- شَكَوا إليه أنّا نُصيب من الذنوب، فقال لهم: «لولا أنكم تُذنبون لجاء الله بقوم يُذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم».
وأخرج البيهقيّ في شُعَبِ الإيمان عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: أُنْزِلت {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} الزلزلة: 1، وأبو بكر قاعد، فبكى أبو بكر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما يُبكيك يا أبا بكر؟» قال: أبكاني هذه السورة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو أنكم لا تُخطئون ولا تُذنبون فيغفر لكم، لَخَلَق الله أُمَّةً مِن بعدكم يخطئون ويذنبون فيغفر لهم»، والله تعالى أعلم. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج (42/587).
وقال المناوي -رحمه الله-:
لأن ما سبق في علمه كائن لا محالة، وقد سبق في علمه أنه يغفر للعصاة، فلو فرض عدم وجود عاصٍ، خَلَقَ مَن يعصيه فيغفر له. فيض القدير (5/304).
وقال المظهري -رحمه الله-:
لا يَظُنَّنَّ قومٌ أن هذا الحديث يحرِّضُ الناس على الإِذْنَاب، ويُجوِّز الإِذْنَاب، بل سببُ صُدور هذا الحديث من رسول الله -عليه السلام-: أن الصحابة -رضي الله عنهم- كان قد غَلَب عليهم خوف الله، واستولى على قلوبهم تعظيم الله تعالى، بحيث اشتغلوا بالكلِّية بالعبادة والتقوى، حتى قال جماعة: نحن نَفِرُّ من بين الناس إلى رؤوس الجبال؛ كيلا يَشْغَلَنا الناسُ عن عبادة الله، ولا يحدثوننا فيحصل لنا إثمٌ بالمحادثة.
وقال جماعة: نحن نَخْصي أنفسنا، وقال جماعة: نحن نعتزل النساء، وقال جماعة: نحن لا نأكل الأطعمة اللذيذة، ولا نلبس الثياب الجديدة، وقال بعضهم: أنا أصلي الليل ولا أرقدُ، وقال بعضهم: أنا أصوم النهار ولا أُفْطِر، فزجرهم رسولُ الله -عليه السلام- عن هذه الأشياء بقوله -عليه السلام-: «ليس منَّا مَنْ خَصَى ولا منِ اخْتَصى»، وبقوله: «مَنْ رَغِبَ عن سنَّتي فليس مني»، وبقوله: «لا تُشَدِّدوا على أنفسِكم»، ثم قال لهم هذا الحديث؛ تسليةً لخواطرهم، وإزالةً لشدة الخوف عن صدورهم، ومنعهم عن اليأس من رحمة الله، وتحريضهم على الرجاء إلى رحمة الله تعالى، وإظهار كرم الله ورحمته، وتعليمهم أنَّ الله تعالى يحبُّ الاستغفارَ والتوبة. المفاتيح في شرح المصابيح (3/177).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وليس هذا تحريضًا للناس على الذنوب، بل تسلية للصحابة، وإزالة الخوف من صدورهم؛ لغلبة الخوف عليهم حتى فرَّ بعضهم إلى رؤوس الجبال للتعبُّد، وبعضهم اعتزل الناس، ذكره القاضي. فيض القدير (5/304).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
وفي إيقاع العِبَاد في الذنوب أحيانًا الفوائد التي منها: تنْكِيسُ المذْنب رأسَه واعترافُه بالعجز، وتبرُّؤه من العُجْبِ.
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: الهلاك في اثنين: القُنوط والعُجْب، وإنما جمع بينهما؛ لأن القانط لا يطلب السعادة لقنوطه، والمعْجَب لا يَطْلُبها لظَنِّه أنَّه ظَفِر بها.
وقيل لعائشة -رضي الله عنها-: متى يكون الرَّجل مسيئًا؟ قالت: "إذا ظن أنَّه محسن". التيسير شرح الجامع الصغير (2/312).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
الذَّنب للعبد كأنه أَمرٌ حَتمٌ. فالكيِّسُ هو الذي لا يزال يأتي مِن الحَسنات بما يمحو السيئات.مجموع الفتاوى(10/655)
قوله: «لخلَق الله -عزّ وجلّ- خَلقًا يُذنبون»:
قال عبد الرحمن المباركفوري -رحمه الله-:
أي: قومًا آخرين من جنسكم أو من غيركم «يُذنبون فيغفر لهم»، وفي رواية مسلم: «لجاء بقوم يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم». تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (9/523).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «لخَلَقَ الله خلقًا» وكلَّفَهم بأحكام شرعية فيُذنبون بمخالفتها، «فيَغفر لهم» أي: يستغفرون فيغفر لهم. التنوير شرح الجامع الصغير (9/194).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «لخَلَقَ خلقًا» لحكمة هي إظهار عَفْوهِ ومغفرته، والحديث ليس تحريضًا على الذنوب، بل تسلية للصحابة، وإزالةً للخوف عنهم؛ لغلبته عليهم، ويأتي تقيده بالتوبة. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 126).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
وليس الحكمة في الإتيان بهم أن يُذنبوا، بل «ليغفر لهم»؛ ليظهر أنه مُتصفٌ بالعفو والغفران، وأنَّ رحمته سبقت غضبه. التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 148).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
ويُحمل قوله: «يُذنبون» على ذنب يغفرهُ الله لمن شاء، وهو ما عدا الشرك. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 194).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «يُذنبون» أي: ثم يستغفرون، كما في رواية أحمد الأخرى: «ليغفر لهم»؛ لما في إيقاع العباد في الذنوب أحيانًا من الفوائد التي منها:
اعتراف المذنب بذنبه.
وتنكيسُ رأسه عن العُجْب.
وحصول العفو من الله، والله يحب أن يعفو.
فالقصد مِن زلَلِ المؤمن ندَمُه، ومِن تفريطه أسَفُه، ومِن اعوجاجه تقويمُه، ومِن تأخيره تقديمُه، والخبر مَسُوق لبيان أن الله خلق ابن آدم وفيه شموخ وعلو وترفُّع، وهو ينظر إلى نفسه أبدًا، وخلَق العبد المؤمن لنفسه وأحبَّ منه نظره له دون غيره؛ ليرجع إلى مراقبة خالقه بالخدمة له، وأقام له مُعَقِّباتٍ، وكفاه كل مؤونة، وعلم أنه مع ذلك كله ينظر لنفسه إعجابًا به، فكتَب عليه ما يصرفه إليه، فقدَّر له ما يوقظه به إذا شُغل عنه، وهو الشر والمعاصي؛ ليتوب ويرجع إلى الله: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} النور: 31. فيض القدير (5/331).
وقال المناوي- رحمه الله-:
فتقدير الذنوب وإن كانت شرًّا ليست لكونها مقصودة لنفسها، بل لغيرها، وهو السلامة من العُجْب، التي هي خير عظيم...، وفيه -كالذي قبله- دلالة: على أن العبد لا تُبْعِدُه الخطيئة عن الله، وإنما يُبْعِدُه الإصرار والاستكبار والإعراض عن مولاه، بل قد يكون الذنب سببًا للوصلة بينه وبين ربه. فيض القدير (5/ 422).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «يذنِبون» أي: يمكن وقوع الذنب منهم، ويقع بالفعل عن بعضهم. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج (42/587).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
وهذا لأن الذنب يوجب الذُّل والخشية والخوف وصِدْقَ اللَّجَأ، وبذلك يبين ذلَّ العبودية، وانفراد عزَّ الربوبية. كشف المشكل(2/92).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
حاصل هذا الحديث: أن الله تعالى سبَقَ في علمه أنه يخلق من يعصيه فيتوب فيغفر له، فلو قُدِّرَ ألا عاصي يظهر في الوجود لذهب الله تعالى بالطائعين إلى جنته، ولخَلَقَ من يعصيه فيغفر له، حتى يوجد ما سبق في علمه، ويظهر من مغفرته ما تضمنه اسمه الغفار.
ففيه من الفوائد: رجاء مغفرته، والطماعية في سعة رحمته. المفهم(7/81).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قال رجل للقرطبي -رحمه الله-: أريد أن أعطي الله عهدًا أن لا أعصيه أبدًا. قال: ومَن أعظم الآن جُرمًا منك وأنت تتأَلَّى على الله أن لا يَنْفُذَ فيك قضاؤُه وقدَرُه، إنما على العبد أن يتوب كلما أذنب. فيض القدير (5/342).
قوله: «ثم يغفر لهم، وهو الغفور الرحيم»:
قال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «فيغفر لهم» فيتوب عليهم، ويُنِيلَهُم جنَّتَه، وإنما يخلِّي الله بين العبد والذنب؛ لتَبْلُغَه هذه الدرجة. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 305).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
قوله: «ثم يغفر لهم، وهو الغفور الرحيم» أي: لو فُرض عدمُ وجود عاصٍ لخَلَقَ الله مَن يعصيه، فيستغفره، فيغفر له. السراج المنير شرح الجامع الصغير (4/ 141).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وهذا من فضل الله العظيم، وكرمه الجسيم. إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/247).
وقال التُّورِبِشْتِي -رحمه الله-:
لم يَرِد هذا الحديث مورد تسلية الـمُنْهَمِكين في الذنوب، وتَوْهِين أمرها على النفوس، وقلة الاحتفال منهم بمُواقَعَتِها على ما يتوهَّمُه أهلُ الغرَّة بالله، فإن الأنبياء -صلوات الله عليهم- إنما بُعثوا ليَرْدَعُوا الناس عن غِشْيان الذنوب، واسترسال نفوسهم فيها، بل وردَ مورد البيان لِعَفْو الله تعالى عن المذنبين، وحُسن التجاوز عنهم؛ ليُعَظِّموا الرغبة في التوبة والاستغفار.
فالمعنى المراد من الحديث: هو أن الله تعالى كما أحبَّ أن يُحسِن إلى المحسن أحبَّ أن يتجاوز عن المسيء، وقد دلّ على ذلك غير واحد من أسمائه: كالغفار، والحليم، والتواب، والعفوّ، فلم يكن ليجعل العِبَاد شأنًا واحدًا؛ كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب، بل يخلق فيهم من يكون بطبعه ميَّالًا إلى الهوى، مُفْتَتِنًا ومتلبسًا بما يقتضيه، ثم يكلِّفه التَّوقي عنه، ويحذِّره عن مُداناته، ويعرّفه التوبة بعد الابتلاء، فإن وفّى فأجره على الله، وإن أخطأ الطريق فالتوبة بين يديه، فأراد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: إنكم لو كنتم مجبولين على ما جُبِلَتْ عليه الملائكة لجاء الله بقوم يتأتى منهم الذنب، فيتجلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة؛ فإن الغفار يستدعي مغفورًا، كما أن الرزاق يستدعي مرزوقًا. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 541).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
فلو لم يُقدِّر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر، وعلى من يتوب، وعمن يعفو ويُسقط حقه، ويُظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه، وهو واسع المغفرة؟ فكيف يُعطِّل هذه الصفة؟ أم كيف تتحقق بدون ما يغفر؟ ومَن يغفر له؟ ومَن يتوب؟ وما يُتاب عنه؟ فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة، والحِكَمُ والمصالح والغايات المحمودة التي في ضمن هذا التقدير فوق ما يخطر بالبال. شفاء العليل (ص: 223).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وهذا الحديث فيه: إبانة أنه تعالى قد يخلق الخلق ويفعل الفعل لحكمة تتفرع عنه عن أمر آخر ليس هو الحكمة في الإيجاد، فإنه خَلَقَ المذنب لحكمة أن يتوب بعد عصيانه، كما أشار إليه بقوله: «وهو الغفور الرحيم»، وإنه إشارة إلى إظهار صفة عفوه وغفرانه. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 126).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
في الحديث ردٌّ لمن ينكر صدور الذَّنب عن العباد، ويَعُدُّه نقصًا فيهم مطلقًا، وأنه تعالى لم يرد من العباد صُدُورَه، كالمعتزلة، فنظروا إلى ظاهره وأنه مفسدة صرفة، ولم يقفوا على سِرِّهِ أنه مستَجْلِب للتوبة والاستغفار الذي هو موقع محبة الله -عزَّ ذِكْرُه-: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} البقرة: 222. وفي الحديث: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار».
وفيه: «لله أشدُّ فرحًا بتوبة عبده المؤمن».
وسِرُّه: إظهار صفة الكرم والحلم والغفران، ولو لم يوجد لانْثَلَم طرَفٌ من صفات الألوهية، والإنسان إنما هو خليفة الله في أرضه، يتجلى له بصفات الجلال والإكرام والقهر واللطف. شرح المشكاة (6/1841).
وقال محمود خطاب السبكي -رحمه الله-:
والغرض من الحديث الترغيب في الاستغفار من الذنوب وإن كثُرت، والتوبة منها وإن وقع منه ذنوب كثيرة لا يقنط من رحمه الله.
وليس المراد منه الترغيب في ارتكاب المخالفات والاستغفار بعدها، فإن مثل هذا اجتراء على الله تعالى بارتكاب الذنوب، وأَمْنٌ من مَكْرِهِ وعاقبته.
ونظير حديث الباب: ما رواه الترمذي عن أبي أيوب -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لولا أنكم تذنبون لخَلَقَ الله خَلْقًا يُذْنبون ويغفر لهم».
فإن المراد منه: الترغيب في الاستغفار والتوبة، لا الحث على ارتكاب الذنوب كما يزعم بعض المضلين. المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود (8/178-179).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فهذا ترغيب في أن الإنسان إذا أذنب فليستغفر الله، فإنه إذا استغفر الله -عزَّ وجلَّ- بنِيَّةٍ صادقة وقلبٍ مُوقِن، فإن الله تعالى يغفر له، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} الزمر:53. شرح رياض الصالحين (3/319).
وقال الشيخ الألباني -رحمه الله-:
ليس المقصود من هذه الأحاديث -بَدَاهَة- الحض على الإكثار من الذنوب والمعاصي، ولا الإخبار فقط بأن الله غفور رحيم، وإنما الحض على الإكثار من الاستغفار؛ ليغفر الله له ذنوبه، فهذا هو المقصود بالذات من هذه الأحاديث، والله أعلم. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/462).
وقال صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله-:
مقصود هذا الحديث: الحث على التوبة والالتزام بها، والمداومة عليها، والتنبيه على أن ارتكاب الذنب من طبيعة بني آدم، ومما جُبلوا عليه، فليس ذلك بغريب عنهم، ولكن الجريمة أن يتمادى العبد في العصيان ولا يتوب، وأن الله أراد أن يخْلُقَ خَلْقًا يذنبون ويتوبون، فخَلَق بني آدم، ولولا أنه خلقهم بهذه الصفة لخَلَقَ خلقًا آخر بها، فليس للعبد أن ييأس بعد ارتكاب الذنب، ولكن عليه أن يتوب ويرجو. منة المنعم في شرح صحيح مسلم (4/265).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
وفي الحديث: تنبيه على رجاء مغفرة الله تعالى، وتحقُّق أن ما سبق في علمه تعالى كائن؛ لأنه سبق في علمه أنه يغفر للعاصي، فلو قُدِّر عدمُ عاصٍ لخَلَقَ الله مَن يعصيه فيغفر له. تطريز رياض الصالحين (ص: 287).
وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)