«أَتَزْعُمون أنِّي آخركم وفاةً؟ ألا إنِّي من أوَّلكم وفاةً، وتَتْبَعُوني أَفْنَادًا، يُهْلِكُ بعضُكُم بعضًا».
رواه أحمد برقم: (16978)، وابن حبان برقم: (6772)، من حديث واثلة بن الْأَسْقَعِ -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (94)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (851).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«أفنادًا»:
قال ابن الأثير -رحمه الله-:
أي: جماعات متفرقين، قومًا بعد قوم، واحدهم: فِنْدٌ. والفِنْدُ: الطائفة من الليل. ويقال: هم فِنْدٌ على حِدة: أي فئة. النهاية في غريب الحديث والأثر (3/475).
«يُهْلِكُ»:
قال الفيروز أبادي -رحمه الله-:
هَلَكَ، كضَرَبَ ومَنَعَ وعَلِمَ، أي: مات.القاموس المحيط (ص: 958).
شرح الحديث
قوله: «أَتَزْعُمون أنِّي آخركم وفاةً؟ ألا إنِّي من أوَّلكم وفاةً»:
قال محمد بن عبد الحق اليفرني -رحمه الله-:
الزّعم في كلام العرب: قولٌ يخالطه ظن واعتقاد؛ فربما كان حقًا، وربما كان باطلًا. الاقتضاب في غريب الموطأ وإعرابه على الأبواب (1/ 175).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
ولا يكادُ يُقال الزعْمُ إلا في خِلافٍ، أو أمْرٍ غير مَوْثوق بِهِ.غريب الحديث (1/ 535-536).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
وللحديث أطراف أخرى، منها: «أتقولون: إني مِن آخر موتاكم؟».جامع الأحاديث(1/ 293).
قوله: «وتَتْبَعُوني أَفْنَادًا»:
قال السندي -رحمه الله-:
«تتْبَعوني» تكونون بعدي؛ فإن التابع يكون بعد المتبوع. أو تلحقون بي بالموت، ولا يُشكل على الثاني قوله: «أفنادًا يضرب بعضكم رقاب بعض» وهو ظاهر، فليُتأمل.
«وأفنادًا» بالفاء والنون والدّال المهملة، أي: جماعات متفرقين، جمع فِنْدٍ.حاشية السندي على سنن النسائي (6/ 215).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
«وتَتْبَعُوني أَفْنَادًا» بالفاء والنون والدّال المهملة، أي: جماعات متفرقين، قومًا بعد قوم، واحدهم فِنْدٌ.حاشية السيوطي على سنن النسائي (6/ 214).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
وَالْمعْنَى: أَنهم يصيرون قومًا مُخْتَلفين، يقتتلون. غريب الحديث (2/ 209).
وقال أبو منصور الأزهري -رحمه الله-:
قوله: «تتبعونني أفنادًا، يُهلك بعضُكم بعضًا»:
معناه: أنهم يصيرون فِرقًا. تهذيب اللغة (14/ 98).
وقال -رحمه الله-:
«أفنادًا يَقتل بعضُهم بعضًا» معناه: أنهم يصيرون فِرَقًا مختلفين، يقتل بعضُهم بعضًا، يقال: هم فِنْدٌ على حِدة، أي: فِرْقة على حِدة. تهذيب اللغة (14/ 98).
وقال الزبيدي رحمه الله-:
قوله: «تَتْبَعُوني أَفْنَادًا» أَي: تَتَّبِعُونِّي ذَوِي فَنَدٍ، أَي ذَوِي عَجْزٍ وكُفْرٍ للنِّعْمةِ. تاج العروس (8/ 508).
قوله: «يُهْلِكُ بعضُكُم بعضًا»:
قال الزبيدي -رحمه الله-:
«يُهْلِكُ بعضُكم بَعْضًا» وفِي رواية: «يَضْرِب بعْضُكم رِقَابَ بَعْضٍ».تاج العروس (8/ 508).
وقال نبيل بن هاشم الغمري -حفظه الله-:
يعني: من أجل عرض الدنيا وحُطَامِهَا التي حذَّرهم منها -صلى الله عليه وسلم-، ومن التَّنافس فيها بقوله: «والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبْسَط عليكم الدنيا كما بُسِطَت على من كان قبلكم، فَتَنَافَسُوها كما تَنَافَسُوها، فَتُلِهِيْكُم كما أَلْهَتْهُم ...».فتح المنان شرح وتحقيق كتاب الدارمي(1/441).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث أيضًا: أن فيه علمًا من أعلام النبوة؛ حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- حدَّث بما سيكون بَعده في أُمَّتِه مِن قتالِ بعضِهم بعضًا.ذخيرة العُقبى في شرح المجتبى (29/358).