الأحد 21 شوّال 1446 هـ | 20-04-2025 م

A a

«لأنْ أقولَ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، أَحَبُّ إليَّ مما طَلَعَتْ عليه الشَّمسُ».


رواه مسلم برقم: (2695)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«سبحانَ اللهِ»:
مصدر منصوب بفعل واجب إضماره أي: أسبحُ سُبحان الله. مرقاة المفاتيح، للقاري (4/ 1593).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
وأصل التسبيح: التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائص. النهاية (2/ 331).
وقال الزجاج -رحمه الله-:
لا ‌اختلاف ‌بين ‌أهل ‌اللغة ‌أن ‌التسبيح ‌هو التنزيه لله -عزَّ وجلَّ- عن كُلِّ سوء.كشف المشكل، لابن الجوزي (1/ 370).


شرح الحديث


قوله: «لأنْ أقولَ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«لأن أقول» اللام فيه مؤذنة بالقسم المقدر قبلها، لتأكيد ما بعدها عند السامع؛ لأن المقام يدعو للتأكيد لما ركز في الطباع من عظم الدنيا، فيستبعد أنْ تفَضُلَها هذه الكلمات. دليل الفالحين (7/ 206).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
«لأن أقول» مبتدأ في قوة المصدر، و«أحب» خبره، أي: لقولي. الأزهار مخطوط لوح (235).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«لأن أقول...» مرة بدليل الإطلاق. الكوكب الوهاج (25/ 56).

قوله: «سبحان اللهِ»:
قال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
قوله: «سبحان الله» منصوب على المصدرية، بفعل محذوف، أي: أسبح الله سبحانًا، يعني: أنزهه من كل نقص. مرعاة المفاتيح (7/ 449-450).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«سبحان الله» أي: تنزيه الله عما لا يليق به. دليل الفالحين (7/ 206).
وقال النووي -رحمة الله-:
معنى التسبيح: التنزيه عمَّا لا يليق به -سبحانه وتعالى- من الشريك والولد والصاحبة والنقائص مطلقًا. المنهاج (17/ 18).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
إنَّ قوله -صلى الله عليه وسلم-: «سبحان الله» مبتدئًا بها على سائر الكلمات؛ لأنها تنزيه الله سبحانه، فكانت مستحقة للتقديم؛ لأنَّ الثناء إنما يترتب على أس التنزيه، نفي لكل ما لا يجوز، فلما انتفت النقائص، وكل ما لا تجوز عليه سبحانه كان ذلك على نحو إخراج الكفر من القلوب، ثم إيداعها الإيمان بقوله سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} البقرة: 256؛ وليكون العاقبة للحق، فلما قال العبد: سبحان الله، أتبعها حينئذٍ بالحمد لله. الإفصاح (8/ 60).

قوله: «والحمدُ للهِ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«والحمد لله» أي: ثناءً عليه بنعوت الكمال. دليل الفالحين (7/ 206).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«والحمد لله» أي: ثابت، سواء حُمِدَ أو لم يُحْمَد. مرقاة المفاتيح (4/ 1593).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
في قول القائل: «الحمد لله» ثناء ممزوج بشكر ومدح، من مُحسَن إليه بنعمٍ منها: توفيقه لذلك التنزيه المتقدِّم على هذا الحمد. الإفصاح (8/ 60).

قوله: «ولا إلهَ إلا اللهُ»:
قال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
«ولا إله إلا الله» أي: لا معبود بحق إلا الله. تطريز رياض الصالحين (ص: 772).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
معنى لا إله إلا الله: أي: ‌لا ‌معبود ‌بحقٍّ إلا الله، كلٌ ما عُبدَ مِن دونِ الله، فهو باطل. شرح رياض الصالحين(/٥٠٣).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«ولا إله» أي: لا إله مًستغنٍ عن كُلِّ ما سواه، ومفتقر إليه كُل ما عداه «إلا الله» بالرفع، بدل من محل «لا» مع اسمها، وهو الرفع بالابتداء عند سيبويه. دليل الفالحين (7/ 206).
وقال الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-:
لا يصح تقديره (أي: الخبر المحذوف) بـموجود؛ لأن الآلهة التي عُبدت مع الله موجودة، فالصحيح تقدير الخبر بقولك: بِحَقٍّ أو: حَقٌّ، يعني: لا إله بحق، أو لا معبود بحق، أو لا معبود حق إلا الله. التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص: 77-78).
وقال الشيخ ناصر العقل -حفظه الله-:
من هنا نُدرك مدى خطأ المتكلمين من الأشاعرة الماتريدية الذين فسروا «لا إله إلا الله» بأنه لا موجود إلا الله، ولا إله في الوجود إلا الله، نحن نقول: لا إله، أي: لا معبود بحق، فتفسيرهم لا إله إلا الله، بمعنى: لا موجود، أو لا إله في الوجود إلا الله، هذا خطأ. شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية (9/ 6).

قوله: «واللهُ أكبرُ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«والله أكبر» من أن يوصف بما لا يليق. دليل الفالحين (7/ 206).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
التكبير: التعظيم، قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} الزمر: 67. تطريز رياض الصالحين (ص: 772).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«والله أكبر» أي: من أن يعرف كُنْه (أي: حقيقة) كبريائه. مرقاة المفاتيح (4/ 1593).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
فإذا قال العبد بعد سبحان الله: «الحمد لله، ولا إله إلا الله» كان قوله لها بعد نفي النقائص عن الذات، وبعد الحمد نفيًا للشركاء والأنداد والآلهة، ثم أتبعها بقوله: «الله أكبر» والله أكبر بعد ذكرِ لا إله إلا الله في أحسن مواقعها؛ لأنها تشتمل على أنْ يكون سُبحانه أكبر من أنْ يكون معه إله غيره، وأكبر من أنْ يُحمد سِواه، وأكبر من أنْ لا ينزه، وكأنها خاتمة النظام. الإفصاح (8/ 60-61).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
إنْ قيل: كان التوحيد (أي: «ولا إله إلا الله») ينبغي تقديمه على التنزيه والتحميد؛ لأن ذينك تحلية وتخلية، ولا يكونان إلا بعد إثبات الوحدانية.
قلتُ: سلك بهذا الذِّكر مسلك الترقي، وهذه الكلمات الشريفة قد كثر تكرارها كثرة بليغة، وهي الباقيات الصالحات. التنوير (9/ 16).

قوله: «أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمسُ».
قال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «مما طلعت عليه الشمس» أي: من الدنيا، وما فيها من الأموال. المفاتيح (3/ 159).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس» عبارة في غاية الإيجاز والبلاغة شاملة للأكوان، وما فيها، أي: أجرها أحب إليَّ من الدنيا، وجميع ما فيها، أو نفس التلفظ بها أثلج لصدري، وأروح لخاطري من ملك ذلك، أو أحب إليَّ من أجر الإنفاق في سبيل الله لذلك. التنوير (9/ 16).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس» كناية عن الدنيا؛ وذلك لأن هذه الأعمال من أعمال الآخرة، وهي الباقيات الصالحات، وثوابها لا يبيد، وأجرها لا ينقطع، والدنيا بمعرض الفناء والزوال والتغير والانتقال، ومقتضى ما ذكرناه من التعليل أنَّ كل واحدة منهن أحب إليه من الدنيا لدوامه وانقطاعها، ولا يخالفه الحديث؛ لأن إثبات الأمر المتعدد لا ينافي ثبوته لكل من أفراده. دليل الفالحين (7/ 206).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس» أي: من الدنيا وما فيها من الأموال وغيرها كذا قيل. مرقاة المفاتيح (4/ 1593).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
«أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس» أي: من أنْ تكون له الدنيا بكليتها، فيحتمل: أنْ يكون هذا على جهة الإغياء على طريقة العرب في ذلك.
ويحتمل: أنْ يكون معنى ذلك: أنَّ تلك الأذكار أحب إليه من أنْ تكون له الدنيا فينفقها في سبيل الله، وفي أوجه البر والخير، وإلا فالدنيا من حيث هي دنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، وكذلك هي عند أنبيائه وأهل معرفته، فكيف تكون أحب إليه من ذكر أسماء الله وصفاته، التي يحصل بها ذلك الثواب العظيم، والحظ الجزيل؟! المفهم (7/ 22-23).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قيل: يحتمل أنْ يكون المراد أنَّ هذه الكلمات أحب إليَّ من أنْ يكون لي الدنيا فأتصدق بها.
والحاصل: أنَّ الثواب المترتب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا، ويؤيده حديث: «لو أنَّ رجلًا في حِجْرِه دراهم يقسمها، وآخر يذكر الله، كان الذاكر لله أفضل».
ويحتمل: أنْ يكون المراد أحب إليَّ من جمع الدنيا واقتنائها، وكانت العرب يفتخرون بجمع الأموال. مرقاة المفاتيح (4/ 1593).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
المراد بما طلعت عليه الشمس الدنيا بأسرها، فإنَّ الشمس تطلع عليها وتغيب عنها. تحفة الذاكرين (ص: 368).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «مما طلعت عليه الشمس» كأنه كناية عن المخلوقات كلها، وليست الأحبية مخصوصة بالنسبة إلى السفليات، فإنَّ ذكر الله تعالى أفضل وأحب من العالم كُله. لمعات التنقيح (5/ 126).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس» يعني: أحب إليَّ من كل الدنيا، وهما أيضًا كلمات خفيفة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، الناس الآن يسافرون، ويقطعون الفَيافي والصحاري والمهالك والمفاوز من أجل أن يربحوا شيئًا قليلًا من الدنيا قد يتمتعون به، وقد يحرمون إياه، وهذه الأعمالُ العظيمةُ يتعاجزُ الإنسانُ عنها؛ لأنَّ الشيطانَ يُكَسِّلُهُ، ويَخذُلُهُ، ويُثَبِّطُهُ عنها، وإلا فهي كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس» وإذا فرضنا أنَّ عندك مُلك الدُّنيا كُلها، ما طلعت عليه الشمس وغربت، ثم مُتَّ ماذا تستفيد؟ لا تستفيد شيئًا، لكن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هي الباقيات الصالحات، قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} الكهف: 46، فينبغي لنا أن نغتنم الفرصة بهذه الأعمال الصالحة. شرح رياض الصالحين (5/ 487-488).
وقال المناوي -رحمه الله-:
فيه: أنَّ الذِّكر أفضل من الصدقة، وبه أفتى المؤلف (يعني: السيوطي) قال: بل وأفضل من جميع العبادات، وتقدمه لذلك الغزالي، قال: ولذلك لم يُرخّص في تركه في حال من الأحوال. فيض القدير (5/ 256).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
ينبغي لِكُلِّ مُسلم أنْ تكون هذه الكلمات أَحبَّ إليه مما طلعت عليه الشمس، كما كانت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ إليه مما طلعت عليه الشمس، ومِن لازِمِ المحبة إِكثار الذِّكر بها، لا يَغيب عن محبوبهِ مع ذِكرهِ. تحفة الذاكرين (ص: 367-368).  


أحاديث ذات صلة

ابلاغ عن خطا