الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«مَنْ وقاهُ اللهُ شرَّ ما بينَ لَحْيَيْهِ، وشرَّ ما بينَ رجليْهِ دخلَ الجنةَ».


رواه الترمذي برقم: (2409) واللفظ له، وابن حبان برقم: (5703)، والحاكم برقم: (8059)، والبيهقي في شُعب برقم: (5023)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (6593)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (510).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«وَقَاهُ»:
وَقَاهُ اللهُ وِقايةً بالكسر: حَفِظَهُ. مختار الصحاح، لزين الدين الرازي (344).
وقال ابن منظور -رحمه الله-:
وَقَاهُ الله وَقْيًا...: صَانَهُ. لسان العرب (15/401).

«لَحْيَيْهِ»:
أصْلُهُ: لَحْيَيْنهِ فسقطت النون للإضافة، وهي تثْنِية لَحْيَة، واللَّحْيَةُ بفتح اللام: العَظْمُ الذي نبتَ عليه الأسنانُ مِن السُّفْل والعُلُوِّ. المفاتيح في شرح المصابيح، للمظهري (5/170).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
لَحْيَيْهِ: بفتح اللام تثنية لَحْي، وهما العَظْمَان اللذان ينبُت عليهما الأسنان علوًا وسفلًا. شرح المشكاة (10/3111).


شرح الحديث


قوله: «مَن وقاهُ الله شرَّ ما بين لَحْيَيْهِ»:
قال ابن بطال -رحمه الله-:
«ما بين لَحْيَيْهِ» يريد لسانه. شرح صحيح البخاري (8/ 428).
وقال ابن قرقول -رحمه الله-:
قيل: لسانه، وقيل: بطنه. مطالع الأنوار على صحاح الآثار (3/422).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«ما بين لَحْيَيْهِ» العَظْمَان بجانبَي الفم، وأراد بما بينهما: اللسان وما يتأتى به النطق. فيض القدير (2/449).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«وَقَاهُ اللهُ شرَّ ما بين لَحْيَيْهِ» أي: لسانه؛ بأنْ حَبَسَهُ عن الشر، وأجراه في الخير. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (8/346).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«من وَقَاهُ الله شرَّ ما بين لَحْيَيْهِ» وهي لسانه وفمه، فسَلِمَ عن شرِّ المقال بها، وأَكْلِ الحرام ونحوه. التنوير شرح الجامع الصغير (10/422).

قوله: «وشرَّ ما بين رِجْلَيْهِ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
أي: فَرْجَهُ؛ حَفِظَهُ عن الحرام. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (8/346).
وقال الزرقاني -رحمه الله-:
«وما بين رِجْلَيْهِ» فَرْجَهُ، لم يصرح به؛ استهجانًا له واستحياء؛ لأنه كان أشد حياء من البِكْرِ في خِدْرِها. شرح الموطأ (4/ 645).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«وشرَّ ما بين رِجْلَيْهِ» وهو فَرْجُه، وشرّ استعماله فيما حرمه الله، وكَشْفه للناس ونحوه. التنوير شرح الجامع الصغير (10/422).
وقال الباجي -رحمه الله-:
«ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رِجْلَيْهِ» يريد فمه وفَرْجه، والله أعلم أن أكثر الذنوب تكون على هذين، فيَدخُل فيما بين لَحْيَيْهِ: الأكل والشرب والكلام والسكوت. المنتقى شرح الموطأ (7/ 312).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
«ما بَيْنَ لَحْيَيْهِ وما بَيْنَ رِجْلَيْهِ» يُريد: الفَمّ والفَرْج، وأكثر ما يُعذَّبُ النّاسُ على بطونهم وفروجهم. المسالك في شرح موطأ مالك (7/ 580).
وقال المناوي -رحمه الله-:
كفُّ داعية اللسان والفَرْج من أهم الأمور، ومن ثَمَّ عُدَّ من أعظم أنواع الصبر، وفضَّله لشدة الداعي، فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان، كنميمة وغِيبة وكذب، ومِرَاءٍ وثناء، وحكاية كلام الناس وأحوالهم، والطعن في عدو ومدح صديق، ونحو ذلك، ومقاساة كفِّ الفَرْجِ أشد من ذلك ومن غيره؛ إذ هو أعظم فُخُوخِ الشيطان لأتقياء الرحمن، فما بالك بآحاد الشُّبَّان؟! فيض القدير (1/ 195).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
وهو -صلى الله عليه وسلم- ذكر شهوات الغَي في البطون والفروج؛ كما في الصحيح أنه قال: «من ‌تَكَفَّلَ لي بما بين لحييه وما بين رجليه تكفَّلت له بالجنة» فإن هذا يعلم عامة الناس أنه من الذنوب، لكن يفعلونه اتباعًا لشهواتهم. جامع الرسائل (1/ 230).

قوله: «دخل الجنة»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
أي: مع الفائزين، أي: إن لم يأتِ بكبائر ولم يَتُبْ عنها، وإلا فأَمْرُه إلى الله. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (8/346).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«دخل الجنة» أي: بغير عذاب، أو مع السابقين. قالوا: وذا من جوامع الكَلِمِ. فيض القدير (6/237).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«دخل الجنة» لأن أعظم ما يُدْخِلُ النارَ هذان الأمران. التنوير شرح الجامع الصغير (10/422-423).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
من حبس لسانه عن الشر، وأجراه في الخير، وحَفِظَ فَرْجَهُ عن الحرام دخل الجنة. تطريز رياض الصالحين (838).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
وظاهرٌ أن الكلام في المؤمنين (أي: المراد حفْظُ اللسان منه)، فالعام مراد به خاص، أو يقال: هو على عمومه، ولا وقاية من شرهما لغيره. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (8/346).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
وأكثر بلاء الناس مِن قِبَلِ فُرُوجِهم وألسنتهم، فمَن سَلِمَ من ضرر هذين فقد سَلِمَ، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- له كفيلًا بالجنة. شرح صحيح البخاري (8/ 428).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
في هذا الحديث: دليل على أن أكبر الكبائر إنما هي من الفم والفَرْج، وما بين اللَّحيين: الفم، وما بين الرِّجْلَين: الفَرْج، ومِن الفم: ما يَتولد من اللسان وهو كلمة الكفر، وقذف المحصنات، وأخذ أعراض المسلمين، ومن الفم أيضًا شرب الخمر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلمًا، ومن الفَرْج: الزنا، واللواط، ومَن اتقى ما يأتي من اللسان والفَرْج فأَحْرَى أن يتقي القتل -والله أعلم-. الاستذكار (8/565).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
دل بهذا الحديث: أن أعظم البلاء على العبد في الدنيا: اللسان والفَرْجُ، فمن وُقِي شرَّهما فقد وُقِي أعظم الشر، ألا ترى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالًا يزِلُّ بها في النار أبْعَدَ مما بين المشرق والمغرب»؟. شرح صحيح البخاري (10/ 186).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وقال الداودي: المراد بما بين اللَّحْيَين: الفم، قال: فيتناول الأقوال، والأكل والشرب، وسائر ما يتأتى بالفم من الفعل، قال: ومن تحفظ من ذلك أَمِنَ من الشرِّ كلِّه؛ لأنه لم يبقَ إلا السمع والبصر، كذا قال، وخفي عليه أنه بقي البطش باليدين، وإنما مَحْمَلُ الحديث: على أن النطق باللسان أصل في حصول كل مطلوب، فإذا لم ينطق به إلا في خير سَلِمَ. فتح الباري (11/310).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
فبيَّن -صلى الله عليه وسلم- أنه من ضَمِن لَه هذين ضَمِن له الجنَّة، وهذا يقتضي أنَّ من هذين يدخل النَّار؛ ولهذا حرَّم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وحرَّم أيضًا انتهاك الأعراض، وجعل في القذف بالفاحشة من العقوبة المُقدَّرَة، وهي حد القذف ثمانين جلدة.
وَبَيَّن -صلى الله عليه وسلم- أَن الزِّنَا من الكبائر، وأن قذف المحصنات الغافلات من الكبائر، وهو من نوع الكبائر؛ إِذْ لم يَأْتِ عليه القاذِف بأربعَة شهداء وإِن كان قد وقع؛ فإِنَّه أظهر ما يحب الله إخفاؤه. الاستقامة (1/452-453).
وقال الشيخ عبد المحسن العَبَّاد -حفظه الله-:
وهذا الحديث من جوامع كَلِمِهِ -صلى الله عليه وسلم-، كلمة جامعة تدل على أن استعمال اللسان يكون إما في الخير وإما في الشر. شرح الأربعين النووية (19/4).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
مِن أعظم ما يجب حِفْظُه من نواهي الله -عزَّ وجلَّ-: اللسان والفرج، وفي حديث أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن حَفِظَ ما بين لَحْيَيْهِ، وما بين رجليه دخل الجنة» خرَّجه الحاكم. جامع العلوم والحكم (2/551).

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا


ابلاغ عن خطا